مرابطین غزة من المغرب إلى فلسطین

ما أصعبها من لحظات عندما یبتسم المرابطون من شد الحزن والألم على فراق الأحبة، وتَقف الدموع مُتحجرة عِند حدود العیون وداخل الجفون لا یراها احد.. ولا یَسمع نحیبها بَشر ... وتَعجز الکلمات الثقال والأفکار العجاب وتقف الأحرف مبهمة، عن وصف ما یدور فی أذهان المرابطون وهم یحملون على أکتافهم أخاهم فی الرباط لیواره الثرى إلى الجنان..  وتتساءل أنفسهم فی حیرة من أمرها من سیحملنا عند اللقاء وعند الثرى.. بریق المجد یلمع فی عیونهم،  کالصقور على قمم الجبال.. یتغنون بترانیم وألحان البندقیة والثوار ..

* ما أروع الحزن فی عیون المرابطون وهم یُودعون رِفاق دربهم فی الرباط ویعودون مُسرعین إلى ثُغور غزة الشماء، وتَسألهم.. لتَجد أهازیج القُوة والحُریة فی قلوبهم وتَرسم مَلامح وجوههم خَارطة القدس وحیفا .. ها هم المُرابطون فی غزة یلتحفون التراب فی البرد والصقیع وتظلل علیهم غمامات النصر العظیم، وینشدون سیمفونیة الصمود ویخطون واثقین بنصر الله المبین ..

بشائر النصر للأمة بوابتها غزة الصامدة .. غزة العصیة على الانکسار .. إنها حیاة الأحرار فی وجه الحصار .. یمتد بنا التاریخ ویتجدد فی کل یوم مع رباط أهل غزة فهم المرابطون على ثغور غزة الباسلة، والقابضون على الجمر الملتهب، والتاریخ یمتد بنا من المَغرب الإسلامی ودولة المُرابطین إلى أسطورة المُرابطین فی غزة هاشم، وهی تَقف وَحدها فی وَجه أعتى الترسانات العسکریة والعَالم کله یتفرج علیها.. وحدها فی المَیدان .. تجابه الصواریخ والطائرات .. فهی الأسطورة فی زمن ضیاع الأمة وسقوطها فی مهاوی الردى ..

ها هی غزة المُرابطة تَرسم أَسمى آیات النصر والعزة والخُلود للأمة العربیة، فهی تجابه العدو بجیشها المقدام وسلاحه القوی، الإیمان والإرادة، هذه الإرادة جعلت من هذا الشعب رمزاً للثوریین والأحرار.. ها هی غَزة تَکتب التَاریخ من جدید .. تَکتب المَجد والعز للأمة وهی تُسطر أَروع مَلامح البَطولة والفِداء وتُعید للأُمة انتصاراتها ومَجدها التلید.. ها هی غزة تُشعرنا بالنصر المُؤزر وتحریر الأوطان..

من غزة الصامدة نشم روائح الجهاد وعبق الحریة من دنس المحتلین الأوغاد، فهاهم أهلها المرابطون على أرضها یضربون المثل الأعلى فی التحدی والصمود والکبریاء..

لقد اشتهر المرابطون فی التاریخ بزهدهم وعبادتهم وقوتهم وحیاتهم المثالیة فی رباطهم، فهم یتعاونون على قوتهم الیومی، ویقنعون بالقلیل من الطعام ویرتدون الخشن من الثیاب ..

وهذا ما یحدث مع المرابطون على ثغور غزة، فتجد فیهم الهمة العالیة، والعزیمة الجبارة، و الصفاء الروحی، فقد وهبوا الحیاة کلها لله، مُشتاقون إلى الجِنان، یَقف المرابط فی رباطه على ثغر من ثغور الإسلام یُدافع عن شرف الأمة الإسلامیة وعن دیار المسلمین، وکما قال الرسول صلى الله علیه وسلم فی الحدیث الشریف : رباط یوم فی سبیل الله خیر من الدنیا وما علیها "، فهاهم مرابطو غزة یلقنون العدو الدروس والعبر، ویوقعون الخسائر الکبیرة بینهم، وعلى الجانب الآخر تشعر بالإحباط عندما تصدأ الأسلحة فی المخازن العربیة، ویَرقص الجنود فی الحانات ویشربون الکاسات.. والأنظمة والحکومات تَغط فی سباتٍ عمیق .. هاهُم فرسان غزة بأسلحتهم البسیطة یُقارعون أعداء الله فی الأرض.. ها هو الطُفل الفلسطینی یَقف ویَصرخ فی وَجه الجیش الذی لا یُقهر ویُحطم هذه الأسطورة التی تَخافها العَرب ..

أما آن الأوان لیشارکنا الأخوة العرب فی الرباط على ثغور غزة.. أما آن الأوان للعرب أن ینهضوا من کبوتهم ویُسطروا أحرف من نُور لیواجهوا العدو .. کفانا تقاعساً وکفاناً هزائم .. ولنوحد الصفوف وننضم إلى المرابطین على ثرى فلسطین، ألم تحرک فیکم مشاهد القتل والدمار بحق شعب غزة ساکناً .. إلى متى .. إلى متى ؟؟ ...

إن ما یَحدث فی غزة یُمثل بشارات النَصر للأمة الإسلامیة، ویحقق هزیمة کبرى للعدو الإسرائیلی، وهو الطریق والسبیل، لتحریر الأوطان من شر الأجناس.. کرامات الشهداء تزین سماء غزة وتضیئها بالنور الساطع المبین... وعبق دماء الشهداء یَفوح فی الشوارع وأزقة المخیم والأشلاء تتناثر على الجبال والسهول .. إنهم الشهداء الأکرم منا جمیعا.. إنهم العزة والکرامة لهذه الأمة ..

( المقال لغسان مصطفى الشامی  استلمته وکالة  قدسنا )

ن/25