الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

فتاوى شیخ الأزهر السیاسیة

ظل الأزهر ولعدة قرون أحد أبرز المرجعیات الاسلامیة بسبب دوره التنویری، وانحیازه الى قضایا الأمة الاسلامیة، وتخریج العدید من الشخصیات الوطنیة البارزة، قبل ان یتحول الى صرح علمی یضم بین جوانحه کبار العلماء فی مختلف المجالات.

والمؤسف ان هذه المؤسسة الاسلامیة العریقة باتت تفقد دورها، وتتآکل مکانتها العلمیة بسبب تدخلات الدولة فی شؤونها، وتوظیفها فی خدمة الحاکم وسیاساته من خلال مجموعة من العلماء المنافقین الذین 'یطرزون' الفتاوى وفق املاءاته.

بالأمس دخل الأزهر مجدداً على خطط المصالحة بین الفصیلین المتناحرین ای حرکتی 'فتح' و'حماس' فی توقیت محسوب بعنایة، حیث قال شیخ الأزهر الدکتور احمد الطیب ان هذه المصالحة 'فریضة شرعیة' و'واجب مقدس' ومن یعرقلها او یؤخرها فهو 'آثم'.

اللافت ان هذه الفتوى تأتی بعد أیام معدودة من الحملة الشرسة التی شنتها وزارة الخارجیة المصریة ضد حرکة المقاومة الاسلامیة 'حماس' حیث حملتها مسؤولیة انهیار جهود المصالحة الفلسطینیة، قائلة فی بیان رسمی 'ان تصریحات اعضاء الحرکة الاخیرة کشفت عن محاولتها التملص من تلک المسؤولیة والقائها على عاتق مصر'.

ولا یختلف اثنان على ضرورة اتمام المصالحة الفلسطینیة، وضرورة وضع حد لحال الانقسام الفلسطینی الحالیة المؤسفة، ولکن السؤال الاصعب هو على أی اساس تتم هذه المصالحة، هل على اساس الانخراط فی مسیرة سلمیة عقیمة ومذلة، تنص على الاعتراف باسرائیل والتنازل عن معظم فلسطین، بما فی ذلک القدس المحتلة، ام على اساس مشروع خیار المقاومة لتحریر الارض والمقدسات؟

شیخ الازهر فی فتواه هذه التی جاءت بایعاز رسمی دون شک، لا یرید قطعا ان ترتکز المصالحة على ارضیة المقاومة، وانما وفقا لما تریده الحکومة المصریة ووثیقتها، ای انخراط حرکة 'حماس' فی العملیة السلمیة دون شروط، والتخلی کلیا عن مشروعها المقاوم، والقبول بکل الاتفاقات الموقعة بین السلطة الفلسطینیة واسرائیل، وعلى رأسها اتفاق 'اوسلو'.

ولا نفهم لماذا تزج هذه المؤسسة العریقة بنفسها فی هذه المسألة، واصدار فتاوى سیاسیة تتعارض مع الدین والعقیدة، وتسیء الى الازهر وتاریخه الحافل فی قیادة مقاومة الاحتلال، وتقدیم الشهداء من ابنائه لنصرة القضایا الوطنیة فی مصر ومختلف الاقطار العربیة والاسلامیة الاخرى.

طاعة الله والرسول امر واجب على کل مسلم، ولا نختلف مع الشیخ الطیب فی ذلک مطلقا، ولکن ما نختلف معه فیه هو طاعة حکام فاسدین دیکتاتوریین، یحکمون بالحدید والنار ویتخلون عن واجباتهم الدینیة والاخلاقیة فی نصرة الضعفاء والمظلومین.

کنا نتمنى على شیخ الازهر اعطاء الاولویة لنصرة ملیونی مسلم محاصرین مجوعین فی قطاع غزة، بسبب السور الفولاذی الذی تبنیه حکومته، واصدار فتوى شرعیة ببطلان هذه الخطوة، وضرورة کسر هذا الحصار بکل الطرق والوسائل، ولکنه للأسف لم یفعل ولن یفعل.

هناک قضایا عدیدة اخرى تستحق مواقف صلبة من شیخ الازهر ومؤسسته، سواء داخل مصر او خارجها، مثل تحریم بیع الغاز المصری رخیصا للاسرائیلیین، او ادانة تعذیب المعارضین حتى الموت فی السجون، وتزویر الانتخابات او التنسیق الامنی مع الاسرائیلیین، واستقبال قادتهم الملطخة ایدیهم بدماء الشهداء فی قطاع غزة.

لقد ثبت بالدلیل القاطع، وبعد هذه الفتوى السیاسیة ان شیخ الازهر الجدید لا یختلف عن سلفه الدکتور محمد سید طنطاوی، بل ربما اکثر منه التزاما بالخط الرسمی وسیاساته، الامر الذی یدفعنا للترحم على مؤسسة الازهر العریقة، ونفقد ای امل بعودتها الى جذورها الحقیقیة کمرجعیة اسلامیة تحظى بالاحترام والتقدیر.

( عن القدس العربی اللندنیة )

ن/25

 

 

 


| رمز الموضوع: 139835







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)