زیارة نتنیاهو السریة إلى العاصمة الأردنیة
تحدثت التقاریر الصادرة عن الزیارة السریة المفاجئة التی قام بها بالأمس الزعیم اللیکودی رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو إلى العاصمة الأردنیة عمان, لماذا تعمدت المصادر الإسرائیلیة کشف الزیارة, وکیف جرت فعالیات لقاء نتینیاهو – الملک عبد الله, ومالذی دار بین الطرفین، وماهی الأبعاد والتداعیات الأخرى المتعلقة بالزیارة؟
- فعالیات لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی: ماذا تقول المعلومات؟
نشرت صحیفتی أورشلیم بوست, و هاآرتس الصهیونیتین تقریراً عن زیارة الزعیم اللیکودی رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو إلى العاصمة الأردنیة عمان, یوم الثلاثاء "27" تموز (یولیو) 2010م, وفی هذا الخصوص نشیر إلى النقاط الرئیسیة التی وردت فی التقریرین:
- مکان الاجتماع: القصر الملکی الأردنی.
- فترة الاجتماع: ساعتین.
- الجانب الإسرائیلی: رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو والمرافقین: رئیس مجلس الأمن القومی الإسرائیلی عوزی عراد – الملحق العسکری الإسرائیلی یوهانان لوکییر.
- الجانب الأردنی: الملک عبد الله الثانی – رئیس الوزراء الأردنی سمیر الرفاعی – رئیس المحکمة الملکیة ناصر اللوزی – المستشار الملکی أیمن الصفدی – وزیر الخارجیة ناصر جوده – مدیر المخابرات اللواء محمد الرقاد.
إضافة إلى ذلک أشارت التقاریر والتسریبات الإسرائیلیة إلى المعلومات الآتیة:
- جاء توقیت لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی, بعد یوم واحد من لقاء الملک عبد الله الثانی مع رئیس السلطة الفلسطینیة محمود عباس.
- جاء توقیت لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی قبل یومین من انعقاد مؤتمر وزراء الخارجیة العرب فی العاصمة المصریة القاهرة لجهة النظر فی أمر مدى إمکانیة دخول السلطة الفلسطینیة فی جولة مفاوضات مباشرة مع إسرائیل.
- لقاء الملک عبد الله الثانی – نتنیاهو تم على خلفیة ضغوط امیرکیة مکثفة على الطرفین.
- اعترضت بعض القوى السیاسیة الإسرائیلیة داخل الکنیست الإسرائیلی على لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی, وعلى وجه الخصوص عضو الکنیست عن حرکة الإتحاد الوطنی النائب عاری إیلداد الذی یتزعم المطالبین بعدم بناء الروابط مع الأردن, والسعی بدلاً عن ذلک من أجل تقسیم الأردن وإقامة دولة فلسطینیة فی شرق الأردن, واعتبار هذا الأمر شرطا مسبقا لا تتم إقامة أی علاقات إسرائیلیة – أردنیة إلا إذا وافق الملک عبد الله الثانی على المساعدة فی إقامة مشروع دولة شرق الأردن الفلسطینیة.
هذا, وتقول المعلومات والتسریبات بأن مصادر مکتب رئیس الوزراء الإسرائیلی قد وصفت لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی بأنه کان لقاءً هاماً للغایة, ونقلت هذه المصادر عن بنیامین نتنیاهو وصقور الملک عبد الله الثانی بأنه قائد هام للغایة من أجل تحقیق الاستقرار والأمن والسلام فی منطقة الشرق الأوسط.
- جدول أعمال لقاء بنیامین نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی: إلى أین؟
تحدثت بعض المصادر الإسرائیلیة, قائلة بأن العلاقات الأردنیة – الإسرائیلیة قد شهدت خلال الفترة الماضیة تدهوراً غیر مسبوق, عبر عنه العاهل الأردنی الملک عبد الله الثانی فی الحوار الذی أجرته معه صحیفة وول ستریت جورنال الامیرکیة الناطقة بلسان جماعة المحافظین الجدد, والذی وصف الملک عبد الله فیه التدهور بأنه وصل إلى أدنى مستویاته, وحذر من مغبة حدوث المزید من التدهور..
قالت المصادر الإسرائیلیة, بأن تدهور العلاقات الأردنیة الإسرائیلیة خلال الفترة انحصر فقط فی المجالات السیاسیة, أما علاقات التعاون الإسرائیلی – الأردنی فی المجالات الأمنیة والمخابراتیة فقد کانت ثابتة وقویة ومتطورة, ولم تتأثر بأی تداعیات سلبیة, وفی هذا الخصوص یعتقد الإسرائیلیین, بضرورة تعمیق وتعزیز العلاقات الأمنیة – المخابراتیة الأردنیة – الإسرائیلیة بما فیه خیرالطرفین..
أشارت المعلومات والتسریبات إلى أن جدول أعمال لقاء الملک عبد الله الثانی – بنیامین نتنیاهو, قد تضمن ترکیزاً مکثفاً على الآتی:
- محور التعاون والتنسیق الدبلوماسی الأردنی – الإسرائیلی بشأن أوضاع الملف الفلسطینی.
- محور التعاون الأردنی – الإسرائیلی فی المجالات الإقتصادیة.
- محور التعاون والتنسیق الأردنی – الإسرائیلی فی المجالات الثنائیة الخاصة.
هذا, وتقول المعلومات والتسریبات بأن لقاء عبد الله الثانی – نتنیاهو قد تطرق إلى ملف ربط الأردن مع إسرائیل عبر خط سکة حدید, وبرغم أن خارطة مسار هذا الخط الحدیدی لم یتم تحدیدها بعد, فإن هناک توقعات بأن یسعى الخط الحدیدی إلى ربط العاصمة الأردنیة عمان بکل من تل أبیب والقدس, إضافة إلى احتمالات بأن تقوم الولایات المتحدة الامیرکیة یتحمل أعباء بناء وتشیید هذا الخط الحدیدی, وذلک على أساس اعتبارات أنه یساعد فی تحقیق الآتی:
- تعزیز حرکة تدفق السلع والبضائع بین إسرائیل والأردن.
- ربط الأردن عبر الأراضی الإسرائیلیة بالبحر الأبیض المتوسط.
- إفساح المجال أمام الإقتصاد الإسرائیلی لکی یحقق الفوائد من مرور حرکة تجارة الترانزیت الأردنیة عبرإسرائیل سواء بالنسبة لحرکة الصادرات أوالواردات الأردنیة.
- تعزیز قدرة الإسرائیلین فی التغلغل فی الإقتصادیات العربیة, عن طریق استخدام الأردن کممر لتحویل حرکة السلع والخدمات من إسرائیل إلى الأردن ثم إلى الأسواق العربیة, ومن الأسواق العربیة إلى الأردن.. ثم إلى إسرائیل..
أکدت التقاریر والتسریبات, بأن نتنیاهو قد سعى وحصل بالفعل على موافقة البلاط الملکی الأردنی فیما یتعلق بمساندة الأردن لمبدأ دخول الفلسطینین فی المفاوضات المباشرة مع إسرائیل دون قید أو شرط, إضافة إلى مبدأ أن وجود القوات الإسرائیلیة على طول الحدود الأردنیة – الإسرائیلیة (تحدیداً الحدود الفاصلة بین الأردن – الضفة الغربیة) هو أمر ثابت یجب أن یتأثر بقیام أو عدم قیام أی دولة فلسطینیة فی المنطقة, وإضافة لذلک, أشارت التسریبات الإسرائیلیة إلى أن الملک عبدالله الثانی, قد أبدى قبولاً لفکرة غض النظر عن ملف توسیع الإستیطان الإسرائیلی کسبب معرقل لإستمرار المفاوضات الإسرائیلیة – الفلسطینیة..
- السیاسة الخارجیة الأردنیة: ماذا بعد لقاء نتنیاهو – الملک عبد الله الثانی:
یقول خبراء السیاسة الخارجیة بوجود علاقة ترابطیة بین السیاسة الخارجیة والسیاسة الداخلیة, وتأسیساً على ذلک, وبالإسقاط على نتائج لقاء الملک عبد الله الثانی – بنیامین نتنیاهو, یمکن ملاحظة : أن سیناریو السیاسة الخارجیة الأردنیة المتوقع خلال الفترة القادمة إزاء قضایا الصراع العربی – الإسرائیلی, هو سیناریو سوف یتضمن الإشکالیات الآتیة:
- إشکالیة عدم الترابط بین الواقع الداخلی الأردنی المعارض لإسرائیل وواقع السلوک الملکی الأردنی الخارجی المتواطئ مع إسرائیل.
- إشکالیة السعی الملک الأردنی لجهة الاعتماد على الخارج من أجل التأثیر على الواقع الداخلی الأردنی بما یجعله واقعاً یتخلى عن رفض إسرائیل.. ویتجه بدلاً عن ذلک إلى القبول بها..
برغم لقاء الملک عبد الله الثانی – بنیامین نتنیاهو, فمن المتوقع أن یستمر الأداء لادبلوماسی الخاص بالسیاسة الخارجیة الأردنیة فی الساحتین العربیة والإسلامیة کما هو, وکما هو معروف فقد أتقنت الدبلوماسیة الملکیة الأردنیة لعبة الخطاب المزدوج والتحدث بلسانین.. أحدهما فی مؤسسات العمل العربی والإعلامی.. والثانی فی مؤسسات التعاون الثنائی مع أطراف محور واشنطن – تل أبیب.. ولکن, وعلى مایبدو, فإن هذه الللعبة من الصعب.. إن لم یکن من المستحیل أن تستمر لفترة أطول، خاصة أن هامش حریة الحرکة المتاح فی الشرق الأوسط قد أصبح هامشاً ضیقاً ومحدوداً للغایة, بعد تصریحات الرئیس الإیرانی أحمدی نجاد الأخیرة, والتی تحدث فیها عن معلومات تقول بأن حرباً شرق أوسطیة جدیدة سوف یتم إشعالها بواسطة أطراف محور واشنطن – تل أبیب ضد سوریا ولبنان.. وبلداً شرق أوسطیاً ثالثاً لم یحدده أو یشر إلى اسمه.. وعلى الدبلوماسیة الملکیة الأردنیة أن تجید قراءة الرسائل والتقاط إشاراتها، وفک شیفراتها.. خاصة إذا علمنا بأن نجاح إسرائیل فی استغلال الحرب القادمة لجهة تقسیم الأردن إلى دولتین واحدة فلسطینیة وأخرى أردنیة، هو أفضل للإسرائیلین من القیام بضربة عسکریة ضد إیران سوف لن تجلب لهم سوى الخسائر الفادحة، وبالتالی، إن رأى الملک الأردنی عبدالله الثانی فی لقاءه أنیاب بنیامین نتنیاهو فی أروقة القصر الملکی الأردنی، فإن على الملک عبد الله الثانی أن لا یظن نتنیاهو کان یبتسمُ.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS