الانتفاضة هی التی تخیف العدو!
أمّا الصمت العربی الرسمی، فهو تواطؤ مستمّر غیر مفاجئ.
لقد وجدت نظم الحکم العربیّة فی حالة الانقسام الفلسطینیّ مبررا لعجزها، وخنوعها للإدارة الأمریکیّة فی زمن بوش، وکلّها تستجدی بقاء حکمها وکراسیّها.
العدو الصهیونی بدأ فی إعادة حساباته، مع تصاعد غضب شعبنا فی الضفّة، فنذر تجدد الانتفاضة بدأت تلوح فی شوارع الخلیل، ورام الله، ونابلس، وطولکرم، وبیت لحم، وجنین، ومخیمات البطولة التی ملأت سمع العالم فی الانتفاضتین.
جرائم جیش الاحتلال التی اقترفها فی مدن ومخیمات القطاع، لم یکن هدفها تصفیة حماس، والجهاد، والأجنحة العسکریّة فقط، وانما کان هدفها تدمیر إرادة الشعب الفلسطینی کلّه، وسوقه کالقطیع خانعا مستسلما لما یراد له، بدون مقاومة.
بدء التحرّک الشعبی الفلسطینی بشّر بهبوب ریاح انتفاضة جدیدة، وهذا ما لا یریده قادة الکیان الصهیونی، وإدارة بوش المجرمة، وهو نقیض مخططاتهم.
قد یتوقّف العدوان مؤقتا، لا بسبب زیارة کوندولیزا رایس، ولکن لتنفیس تفاعل الحالة الانتفاضیّة الثوریّة الفلسطینیّة.
نحن بالتأکید مع التقاط الأنفاس، لدفن شهدائنا، وإحصاء خسائرنا، وإنقاذ جرحانا، ولکننا ینبغی أن نتنّبه إلی أن ما جری هو فصل فی الحرب الطویلة بیننا وبین عدونا المجرم المراوغ، الذی یدیر معرکته بلؤم.
تصاعد شعار الوحدة الوطنیّة، والضغط علی القیادات الفلسطینیّة لترّص الصفوف، والمطالبة بقوّة بالتوقّف عن التفاوض مع العدو، وإنهاء مسیرة سلام (أوسلو)، کل هذا ما یدفع عدونا لإیقاف نیران صواریخه، ونیران دبّاباته، وهدیر طائراته، التی أحرقت لحم أطفالنا.
أخشی ما أخشاه، بعد کّل هذا الصمود، وهذه التضحیات، وبدء التحرکات الشعبیّة العربیّة التی تعید روح التآخی والتعاطف والدعم لشعب فلسطین، أن تعود الحالة الفلسطینیّة الانقسامیة إلى سابق حالها، وکأننا لا ضحیّنا، ولا صمدنا، ولا تعلّمنا من عدونا الذی ینهب أرضنا، ویحرقنا، ولا یعطینا سوى الموت!
شعبنا فی قطاع غزّة صمد، تحمّل، ضحّى، ولکن انتصار شعب فلسطین ما زال بعیدا، ومن سیتوهم أنه انتصر بتوقّف آلة العدوان، فإنه یغرق فی الوهم، فهذه المعرکة لیست معرکة حزب الله فی تموّز /یولیو 2006، لأسباب کثیرة.
لا بدّ أن نسأل أنفسنا عن تغییر عدونا لخططه، فهو عدو لا إنسانیّة ولا رحمة فی قلبه، وخسائره فی المیدان متواضعة.. والرأی العام العالمی لا یقلقه، فردود فعله ضعیفة.
إذا کان عدونا یخشى الانتفاضة، فلنجعل منها سلاح شعبنا الذی دوّخ عدونا من قبل، والذی رفع رایة قضیتنا وکفاحنا عالیةً.
الغرق فی الوهم قد یفوّت فرصة إنجاز وحدتنا فی میدان المعرکة، وإشعال نیران الانتفاضة.
من یستعجل الحصاد، نقول له: البذور ما زالت ثاویة فی التربة، وموسم الحصاد بعید، وهو موسم شعب فلسطین بکّل حصّادیه الزارعین.
( المقال بقلم رشاد أبوشاور )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS