امراء یغدقون على راقصة اکثر مما یتبرعون به لکل دور ایتام العرب و فلسطین

 هناک من الأمراء والملوک العرب من یغدق على راقصة أوروبیة أو أمریکیة أکثر مما یمنحه لدور الأیتام. وهو أمر بدیهی اذا اعتبرنا أنه الحاکم بأمره، والناهی عن المنکرات کحریة التعبیر والتنظیم التی تمثل أدوات تهدد عرشه الموروث عن بعض القوى الاستعماریة التی تسعى من خلال حمایتها لتلکم الأنظمة البائسة والمتخلفة الى مزید من نهب ثرواتنا العربیة ومنع أی سبیل للتغییر. فمعظم دول الخلیج ( الفارسی ) مثلا أصبحت قواعد حربیة لقوى معادیة للأمة العربیة وللقضیة الفلسطینیة وهو أمر علی غایة کبیرة من الازدواجیة: فکیف نساند القضیة الفلسطینیة ونسعی الی تحریرها من جهة، و من جهة أخری نمنح للقوی المعادیة للقضایا العربیة القوة والدعم المادی وألاستخباراتی والعسکری لمزید احکام القبضة فی وجه النهضة العربیة بصفة عامة ومحاولة کسر روح المقاومة فی فلسطین وفی باقی أجزاء الوطن العربی بوجه أخص؟!

ان ذلک لا یعدو أن یکون الا محاولة ساذجة وسخیفة لمغالطة المواطن العربی الذی بات یدرک عمق الهوة التی تفصله عن هؤلاء الحکام المتذیلین للولایات المتحدة الأمریکیة وللکیان الصهیونی.

ان الفظاعات والجرائم التی یقترفها الجیش الصهیونی فی قطاع غزة والجیش الأمریکی فی العراق وسکوت تلکم الأنظمة علی ذلک لدلیل على التمشی فی ذات المنهاج الذی تسیر علیه الولایات المتحدة واسرائیل، فهو أعمق من تحالف استراتیجی کما یحلو لبعض الحکام العرب وصف علاقة التزاوج بینهم وبین الولایات المتحدة الأمریکیة واسرائیل انها تناغم المصالح والأهداف وتقاسم ثروات المنطقة ونهبها، انهما وجهان لعملة واحدة. فأی شرعیة شعبیة یتمتع بها غالبیة الحکام العرب الذین وقع فرضهم بالقــــــوة، فحتى بعض العملــــــیات الانتخابیة التی وقعت و ـ لاکتساب شیء من الشرعیة ـ کانت معظمها مزورة من ألفها الى یائها؟

ان مجرد القاء نظرة واحدة على الصورة التی استقبل بها بوش فی الخلیج ( الفارسی ) تثیر الاحساس بالمهانة، خاصة وأن المحتفی به وضیف بعض حکام الخلیج هو مجرم حرب بکل المقاییس الانسانیة، فهو الذی أوکل لاسرائیل مهمة قصف لبنان فی صیف 2006 وحطم بناه التحتیة وهجر آلاف اللبنانیین زیادة علی سقوط مئات الشهداء والجرحی اضافة الی رفضه للنداءات الدولیة بتوقیف القتال، وهو أیضا الذی غزا العراق وشرد أکثر من ثلاثة ملایین عراقی وقتل أکثر من ملیون ونهب الثروات النفطیة العراقیة واستجلب کل قتلة العالم لالغاء العراق، وهو الذی منع کل القرارات الدولیة للتندید بالأعمال الوحشیة والاجرامیة التی یقترفها الکیان الصهیونی یومیا فی فلسطین.

انه جورج بوش الابن الذی یدافع علی وجود اسرائیل أکثر من دفاعه على مصالح وطنه، وهو الذی یتبنی ایدیولوجیة دینیة صلیبیة لم یخفها فی خطابه الذی جاء علی اثر أحداث 11 ایلول/سبتمبر2001، والذی بعده بأیام قلیلة غزا أفغانستان. انه عدو العرب رقم :1 وعدو البشریة وکل المستضعفین فی الأرض. فبرغم تواطیء بعض الحکام العرب وبعض القیادات الطائفیة فی لبنان التی عرفت بولاءاتها للغرب الاستعماری وبتحالفاتها مع اسرائیل لم یمنع المقاومة فی لبنان من تمریغ أنف هذه الأخیرة فی الوحل وافشال مشروع بوش الابن الشرق الأوسط الجدید الذی یهدف الی اعادة صیاغة المنطقة العربیة وفق المصالح الصهیو ـ الأمریکیة.

لقد هزمت اسرائیل وخسرت الولایات المتحدة الأمریکیة الرهان ولم یبق لهما الا التعویل على عملائهما فی المنطقة لتحویل هزیمتهم الی انتصار وذلک بالالتفاف على سلاح المقاومة والدفع بلبنان الی الحرب الأهلیة، نفس النسخة سوقتها الى الأراضی الفلسطینیة المحتلة حیث لم تعترف بحکومة حماس المنتخبة بل ضغطت علی الرئیس الفلسطینی حتى اسقاط حکومة الوحدة الوطنیة وحرضت وتحرض على الاقتتال الفلسطینی ـ الفلسطینی کما دعمت بقوة حصار غزة وتجویع وتقتیل الشعب الفلسطینی، هذا کله یحدث دون أدنی موقف مساند لرفع الحصار على اخواننا فی غزة من قبل هؤلاء الجلالات والفخامات المعظمین الذین بدوا عند زیارة بوش للخلیج مجرد صبیة مهرجین، یتلقون الأوامر والتعلیمات من أسیادهم وینفذونها بکل تفان واخلاص. انهم خدم البیت الأبیض وخدمة الصهیونیة العالمیة، فبعضهم یمنح أراضی بلده کقاعدة عسکریة دائمة لقوة امبریالیة یجاهر رئیسها بدعمه المطلق لاسرائیل فی حین لا یلتفت هذا الحاکم العربی الى بکاء الثکالی فی فلسطین وصیاح الصبیة التی تقصفها یومیا الدبابات والطائرات الصهیونیة انما یسمع فقط ما یصدر من أوامر من الولایات المتحدة والغرب الاستعماری وکذلک صهیل خیل السباقات...لکن..الأکید أن هدیرالشعب آت لا محالة.

( الکاتب البشیر التنجال من سوسة ـ تونس )