مبادرة قطریة خاطئة تجاه اسرائیل !
لم یکن ینقص الفلسطینیین سوى مبادرة قطر لاستقبال وزیرة خارجیة العدو الصهیونی لتکتمل جروحه بعد أن أوغلت اسرائیل فی دم أبنائه دون تمییز بین مقاتل ومدنی ، ودون أن یرف لها جفن وهی تقصف مساجد الشجاعیة شرق غزة وتقتل الصحفیین وتعیث تدمیراً ببیوت الآمنین من مواطنی تلک المنطقة . وکانت قد فعلت ذات الأمر فی مناطق مختلفة من قطاع غزة ناهیک عن الحصار الجائر الذی تفرضه سلطات الاحتلال فی دولة السیدة الإرهابیة لیفنی ابنة الإرهابی المعروف والتی تفتخر بما قام به أبوها تجاه شعبنا العربی الفلسطینی قبل وقوع النکبة وبعده .
إن دعوة هذه المرأة لمؤتمر الدیمقراطیة والتنمیة واستقبالها من أعلى مستویات المسئولین القطریین یمثل خروجاً عن کل الأصول العربیة ولا یبرره کل النشاط القطری المحمود تجاه حلحلة بعض العقد فی العلاقات العربیة الداخلیة . وکما وجهنا شکرنا لإخوتنا القطریین على دورهم الممیز حین کانوا أعضاء فی مجلس الأمن وحرصهم على الوقوف بجانب الحق العربی وهو واجبهم وکذلک مدیحنا لصراحة وجرأة الحکومة القطریة وخصوصاً وزیر خارجیتها فی تصنیفه الصحیح للعدوان الصهیونی على لبنان وفلسطین والمطالبة بالحقوق الفلسطینیة وسط شلل وصمت مخجل من بعض الحکومات العربیة ، فإننا بذات الوضوح نقول لإخوتنا فی قطر لقد أخطأتم بحق الشعب الفلسطینی وبحق شهدائه وجرحاه وبحق کل مواطن عربی وقطری حین استقبلتم ممثلة دولة الإرهاب تسیبی لیفنی الموصوفة بعنصریتها وتشددها تجاه أهلنا فی غزة والضفة .
إن ما یزید فی فداحة الخلل هو هذا السیل الجارف من الدم الفلسطینی المراق على أیدی هؤلاء القتلة فی قطاع غزة والضفة خلال وجودها فی الدوحة ، والذی استمر منذ انتهاء مؤتمر أنا بولس الذی حضرته قطر وکانت أحد عرابیه . لقد بدت الزیارة والاستقبال الذی حظیت به هذه المرأة مکافأة على جرائم اسرائیل بحق الفلسطینیین الأمر الذی کان یجب أن یکون رادعاً لأی مرونة یمکن أن تبدیها قطر أو غیرها من الحکومات العربیة تجاه اسرائیل بما فی ذلک بعض الشخصیات العربیة ممن جلسوا یصغون لمداخلتها فی قاعة المؤتمر .
نحن هنا لا نتحدث بمنطق الانتماء فقط ، ولا بمنطق المشاعر والأحاسیس ، بل نتحدث بمنطق العقل والحکمة التی توصف بها سیاسات قطر العربیة والدولیة ، لأنه وبهذا المنطق العقلی نسأل الإخوة القطریین ما فائدة استقبال أمثال هذه السیدة وهی من تمثل فی سلم القیادة التی تذبح الشعب الفلسطینی وتدمر مقومات حیاته کل یوم ؟ .
وإذا قال أحدهم أن الرئیس الفلسطینی یستقبل المسئولین الصهاینة حتى بعد أن یمعنوا قتلاً وتدمیراً ویبتسم لهم وأحیاناً یعانقهم ... فلماذا نلوم قطر ؟ أجیبهم ویجیبهم کل عربی وکل فلسطینی أیضاً بأن موقف الرئیس الفلسطینی وأی مسئول آخر تجاه العدو وتعامله المرن فی ظل العربدة الإسرائیلیة وعدوانها الوحشی على شعبنا هو موقف مرفوض وکریه بغض النظر عن مبرراته التی ربما تکون منطقیة أو تقع تحت عنوان الاضطرار .
لا یقاس موقف أی حکومة عربیة تجاه العدو بموقف القیادة الفلسطینیة الواقعة بالکامل تحت الاحتلال وجبروته والمرغمة فی کثیر من الأحیان على المصانعة مع الأمریکیین والأوروبیین حرصاً على مصالح الفلسطینیین کما تراها هذه القیادة ، ومع هذا لن تجد مواطناً فلسطینیاً یقبل لقاء الرئیس مع هؤلاء القتلة بعد مجازرهم بحق أهلنا فی غزة .
وبالعودة للدعوة القطریة لتسیبی لیفنی سنجد أن ذلک قد شجع العدو على ارتکاب مزید من العدوان والقتل بدلیل أنه بعد دعوتها واستقبال أمیر قطر لها وإتاحة الفرصة لها لإلقاء کلمتها فی المؤتمر قامت قوات بلدها العنصری بعدوان وحشی على غزة قتلت خلاله 24 مواطناً فلسطینیاً بینهم أطفال وصحفیین ، فکیف یمکن فهم ذلک ؟ وهل یمکن لأی مواطن أن یصدق دعاوی من نوع أن العلاقة مع العدو تتیح الفرصة لمخاطبته بالحسنى والضغط علیه من أجل تخفیف أوجاع الفلسطینیین أو لإبداء مرونة تجاه حقوقنا العربیة سواء فی فلسطین أو الجولان ؟ .
ربما یفهم المرء أن تدافع قطر عن وجود أکبر قاعدة أمریکیة فی المنطقة فوق أراضیها رغم رفضنا لهذا الوجود ، وربما نفهم دفاعهم عن مد بعض الجسور السریة مع العدو بدواعی تتعلق بالرضا الأمریکی والأوروبی عن قطر وإتاحة فرصة لها للعب دور أکبر من حجمها رغم کرهنا لذلک ، وربما نسعد بالدور القطری الیوم لحل المشکلة اللبنانیة ومحاولتها التقریب بین سوریة والسعودیة فی هذا الإطار، بل ونشجعها على ذلک ، لکننا نتمنى من الإخوة القطریین أن لا یتوغلوا کثیراً فی هذا الطریق الممتد داخل دمنا والحارق لعروقنا وأفئدتنا أیضاً ، فلیس معقولاً أن أرى ویرى المواطن العربی تسیبی لیفنی تستقبل بحفاوة فی قطر بینما جیشها الغازی والعنصری یقتل أبناء فلسطین ویحاصرهم ویجوعهم. إنها حقاً مبادرة خاطئة .... مضموناً وتوقیتاً .
إن الدور القطری مهم فی المنطقة ولا یستطیع أحد إنکاره أو تجاهله ، وهو دور یتحرک فی اتجاهات عدیدة منها العربی ومنها الدولی ونحن فی حاجة لهذا الدور طالما کانت بوصلته الحقوق والمصالح العربیة ، لکننا بکل الأخوة والمحبة نطلب من أشقاءنا فی قطر إغلاق ملف التطبیع الصارخ والمؤلم من أجندتهم حتى یتسنى لهم البقاء بهذه الفاعلیة ، ذلک أنه لا مصلحة عربیة أو فلسطینیة ولا حتى قطریة فی استقبال أمثال تسیبی لیفنی ، وأن الدور القطری یکون مقبولاً وأکثر تأثیراً بدون هذه المرونة الزائدة والجارحة والتی تنعکس عدواناً وتصلباً فی سلوک العدو الإسرائیلی ولعل التجربة على امتداد عقود من الصراع العربی الصهیونی تثبت للجمیع صحة ما نقول ، فهل تستجیب القیادة القطریة لنداء العقل العربی ونداء الوجدان العربی ؟ .
( بقلم الممثل السابق للجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین فی سوریا زیاد ابوشاویش )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS