السبت 12 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

تطبیع علنی فی الدوحة!!

لم یکن اللقاء الذی عقد بین أمیر قطر ووزیرة الخارجیة الإسرائیلیة تسیبی لیفنی هو عنوان التطبیع الوحید الذی نشهده خلال الشهور الماضیة، فقد کنا إزاء تطبیع معلن آخر، وإن یکن أقل صخبًا تمثل فی المشارکة العربیة الواسعة النطاق فی مؤتمر أنابولیس رغم تفریغه عملیًا من أی مضمون إیجابی، ورغم الاستخفاف بجمیع الشروط العربیة والفلسطینیة التی وضعت للمشارکة فیه.

على أن لقاءات الدوحة تحت لافتة مؤتمر "الدیمقراطیة والتنمیة والتجارة الحرة" وما ترتب علیها تشکل خطوة، بل ربما خطوات متقدمة على صعید التطبیع المجانی مع الکیان الصهیونی، الأمر الذی ینبغی أن یقابل بالکثیر من التحفظ، بل النقد، لما یمکن أن ینبنی علیه من مسلسل هرولة یبدو أننا سنتابعه خلال الشهور المقبلة.

نقول ذلک لأن وقوع هذا الشکل من أشکال التطبیع المجانی فی ظل الاستخفاف الإسرائیلی بکل شروط السلام- حتى فی حدِّه الأدنى- هو تجاوز للخطوط الحمراء لا یمکن أن یکون مقبولاً بحال، فهنا کیان یصعّد من ممارساته الاستیطانیة، فی ذات الوقت الذی یواصل فیه هجماته على الفلسطینیین من دون توقف، بل إنه لا یقدم أیة حوافز للمنخرطین معه فی لعبة التسویة، رغم دفعهم لکل ما یترتب علیهم من استحقاقات بحسب البند الأول من خریطة الطریق سیئة الذکر.

فی الدوحة لم تتمثل لعبة التطبیع فی لقاء الأمیر ورئیس الوزراء مع وزیرة الخارجیة الإسرائیلیة المعروفة بتطرفها حیال قضایا التسویة وآلیات التعاطی مع الفلسطینیین، وإنما تجاوزتها لتشمل لقاءات مع وزراء آخرین من بینهم وزیر الخارجیة العمانی الذی أوضح أن اللقاء لا یعنی إعادة فتح مکتب تمثیلی للسلطنة فی إسرائیل فی القریب العاجل، مع أن تطمینات من هذا النوع لا تبدو کافیة لتبدید المخاوف، لاسیما أن اللقاء لم یکن عابرًا، بل کان معدًا على نحو یوحی بوجود ما سیترتب علیه لاحقًا.

إلى جانب ذلک، یتردد فی الأوساط الإسرائیلیة أن مکتب تمثیل تجاری إسرائیلی سیفتح قریبًا فی دبی، وأن رجال الأعمال الإسرائیلیین یسنّون أسنانهم للدخول إلى عوالم الإمارة الحیویة الناهضة، الأمر الذی نتمنى ألا یحدث.

من المؤکد أن هذه السلسلة من اللقاءات لیست هامشیة یمکن المرور علیها بوصفها خروجًا عن الإجماع العربی الذی تبلور منتصف التسعینات وربط تقدم عملیات التطبیع بتقدم عملیة التسویة، مع العلم أن الموقف قد تغیَّر بعد انتفاضة الأقصى، ولم یبق من حلقات التطبیع سوى تلک المتعلقة بمصر والأردن، والتی تبرر بمعاهدة کل منهما مع الکیان الصهیونی، إلى جانب بعض الدول المغاربیة، على رأسها موریتانیا التی شذت عن الجمیع أیام ولد الطایع، بینما یندلع فیها هذه الأیام جدل واسع حول استمرار العلاقة على ما هی علیه.

نقول: لیست هامشیة؛ لأنها تأتی فی وقت یتراجع فیه النظام العربی الرسمی أمام الإملاءات الأمریکیة کما لم یحدث من قبل، مما یعنی أن أحدًا لن یلجم هذه التطورات أو ینتقدها، والنتیجة أن تشجع تلک الدول بعضها البعض لنصحو على علاقات حمیمة مع الکیان الصهیونی قبل وقوع أی تقدم فی العملیة السیاسیة، فکیف إذا حدث ما هو متوقع ممثلاً فی توقیع اتفاق ما بین السلطة الفلسطینیة وإسرائیل، أکان نهائیًا أم مؤقتًا؟!

إنها رحلة تطبیع مبکرة تفتتح فی الدوحة، ولا ندری إلى أین تصل فی المستقبل القریب، مما یجعلنا نضع أیدینا على قلوبنا؛ لأن الظرف الموضوعی القائم والمتوقع ما زال یثیر مخاوفنا بإمکانیة وقوع ما هو أسوأ خلال المرحلة المقبلة، مع العلم أن أرقامًا کثیرة توفرت من قبل عن علاقات تجاریة وسیاسیة بین عدد من الدول العربیة وإسرائیل، لکن التطبیع العلنی شیء والسری شیء آخر، أقله من زاویة الدلالات السیاسیة والتبعات اللاحقة.

( المقال منقول من موقع الإسلام الیوم )

 م/ن/25

 


| رمز الموضوع: 140972







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)