العرب بین أمریکا وإیران
العرب بین أمریکا وإیران
کتب البروفیسورعبد الستار قاسم أستاذ جامعة النجاح فی مقال استلمته وکالة قدسنا :
کتاب عرب ومثقفون وأکادیمیون یتحدثون کثیرا عن إیران وقوتها المتصاعدة، وعن علاقاتها مع الولایات المتحدة الأمریکیة أو ضدها، ولهم ما یتوقعونه من دور إیرانی فی المنطقة. من هؤلاء من یرى فی إیران خطرا داهما تجب مواجهته، ومنهم من یرى فیها نموذجا جیدا لبناء القوة، ومنهم من لدیه الاستعداد للتحالف معها، الخ. وکتاب آخرون یتحدثون عن أمریکا ودورها فی المنطقة وأسالیبها ووسائلها فی الهیمنة والقمع، الخ. الشیء المشترک بین الجمیع هو تغییب الدور العربی فی رسم مستقبل المنطقة العربیة الإسلامیة.
یبدو أن هناک افتراض ضمنی فی کثیر من الأحیان وصریح أحیانا أخرى وهو أن العرب عبارة عن مجرد کرة تتقاذفها الأقدام ، وقد یکون لهم الخیار فی القدم التی یفضلون أن ترکلهم. هناک افتراض واضح بأن العرب لیسوا لاعبین وأن اللعب یتم علیهم فقط، وأن لا مجال أمامهم إلا أن یکونوا کذلک. لا تخلو المسألة من أن یصف کتاب ماذا یجب أن یعمل العرب، لکن دون التطرق إلى المشکلة الأساسیة، أو العدو الأساسی الذی تواجهه الأمة.
العدو الأول للأمة العربیة لیس إیران أو إسرائیل أو أمریکا وإنما الأنظمة العربیة المتربعة بکروشها على عروش خاویة ولا هم لها إلا أن تکون مجرد أدوات للأجنبی بخاصة أمریکا وإسرائیل. الأنظمة العربیة هی التی تصر على إبقاء العرب ضعفاء ممزقین أذلاء منصرفین عن کل ما یصون لهم کرامتهم واحترامهم. الأنظمة العربیة هی التی تسلب الناس أموالها وتبدد ثرواتها وتمول حروب أعدائها وتدوس على حریاتها وتقطع أوصالها وتنشر بین الناس أجهزة مخابراتها. الأنظمة العربیة هی التی قادت الأمة مرارا وتکرارا إلى الهزائم والتراجعات والانتکاسات والإحباطات، وهی التی تمهد الطریق دائما أمام الغیر لینتهک حرمات الأمة وأوطانها ومقدساتها. إنها أنظمة تشکل مصائب کارثیة مرعبة تنهال بالویلات دائما على رؤوس المواطنین العرب.
تمتطینا أمریکا منذ عام 1945، وقد اهترأت رقابنا من دوس نعالها، واسودت جلودنا من ضربات أسواطها القاسیة؛ والآن یخشى کثیرون بأن یتبدل النعل الأمریکی بنعل إیرانی وذلک بسبب قوة إیران المتنامیة وشکوکهم حول النوایا الإیرانیة. والمثیر أن الأنظمة العربیة هی التی تقود الحملة ضد إیران على اعتبار أن لها أطماعا فی المنطقة العربیة وتسعى لإقامة إمبراطوریة فارسیة صفویة. سؤالی هو: ما الذی یهمنا بجنسیة النعل إذا کان النعل هو النعل، وما دامت الرقاب رقابنا؟
لا لوم على أمریکا أو إسرائیل أو إیران إن کانت تسعى إلى الهیمنة والسیطرة، ولا یقع اللوم إلا على الذی ارتضى لنفسه الضعف والذل والهوان. من الصعب أن نجد فی التاریخ من استنکف عن امتطاء من یعشقون الإنحناء، ولا حق لنا باتهام الغیر بینما نترک أبوابنا مفتوحة لکل البغاة. العلة لیست فی أمریکا القویة، ولا فی إیران الساعیة إلى امتلاک القوة، وإنما العلة فینا الذین نستطیب الضعف ونصبر على هذه الأنظمة الفاسدة الطاغیة اللعینة.
أرى أنه من الضروری توظیف جهودنا لقلب الأوضاع فی الوطن العربی. علینا أن نثور فی وجه الأنظمة العربیة لننتزع حریتنا ونبنی قوتنا ونصون حریاتنا. بدون ثورة سنبقى ندور فی حلقة مفرغة من اجترار الهموم وصف الکلام، وبدون إرادة قویة لتقدیم التضحیات اللازمة سنبقى عرضة لکل الطامعین. فبدل تأجیج خلافات بیننا وبین إیران الآن، علینا أن نقف مع أنفسنا عسانا نستطیع التعاون مع کل دول الجوار من أجل بناء حیاة أفضل للجمیع.
الثورة یا عرب
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS