الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

عن الجرّافة والتهدئة والأخلاق

عن الجرّافة والتهدئة والأخلاق

تلک الجرّافة التی اکتسح بها الفلسطینی من صور باهر حسام دویات طمأنینة ولامبالاة التجمّع الصهیونی فی القدس، لم تکن کتلة معدنیّة، ولکنها کانت انفجار غضب وقهر وألم...

لا، لم یکن حسام مختلاًّ عقلیا، ولا نازیّا کارها للیهود، هو السامی الأصیل من عمق الخلیل والقدس وأرض کنعان العریقة.

هناک کثیر من العدوانیّة الیومیّة، من الإهانات الیومیّة، له، ولشعبه، لأمّه وأبیه وشقیقاته، وأطفاله...

هناک لامبالاة وقحة تجاه آلامه، وتغریبه فی أرض وطنه...

هناک قتل یومی یکوبس صحو ونوم حسام، فی غزّة، والضفّة...

هناک استهتار من جنود الاحتلال، وساسة الاحتلال، ومن الرأی العام العالمی، وما یسمّی بالمجتمع الدولی، ومن دول جامعة الدول العربیّة، ومن الدول الإسلامیّة...

هناک سخف سیاسی فلسطینی، یسارا ویمینا ووسطا...

ولیس تحت تصرّف حسام سوی هذه الجرّافة، وهی غیر الجرّافات التی تهدم بیوت الفلسطینیین، وتقتلع أشجارهم. الجرّافات التی دمرّت مخیم جنین، وأنشبت مخالبها المعدنیّة فی جسد راشیل کوری المواطنة الأمریکیّة المتضامنة مع الفلسطینیین المظلومین صهیونیّا وأمریکیّا، ولم تدنها أمریکا بوش انتصارا لمواطنتها!

ماذا کان علی حسام أن یفعل؟

هو لا یستطیع جرف الجدار الذی یسرق أرض أهله .

هو عاجز عن جرف الاحتلال کلّه، من شروشه!

هو، لذلک، تظاهر فی شوارع القدس، قدسه، التی تهوّد أمام نظره، ویقف عاجزا عن حمایتها، وإنقاذ أقصاها، وقیامتها، وجذورها الیبوسیّة الکنعانیّة، بجرّافته، لعلّه یلفت انتباه عالم لاه .

هذه الجرّافة هی صرخة غضب شعب بأکمله، هی إدانة لکلّ من یقدر علی فعل شیء و.. لا یفعل، نفاقا، وخوفا، ومصلحةً، وعنصریّةً!

مع هکذا احتلال!

مع هکذا احتلال لا یزبط سوی جرفه من شروشه، بکثیر من الجرّافات، والجرّافات أنواع، وهی لیست صناعة کاتربلر ألمانیّة، ولکنها صناعة معمل الغضب الفلسطینی...

التهدئة مع هذا الاحتلال!

التهدئة هی هدنة یستثمرها الاحتلال، کما دأب دائما، ومنذ نشوئه. هی هدوء له، یستثمره فی سرقة الأرض، ومواصلة الاغتیالات، وتبهیت روح المقاومة .

من البدایة رفعت صوتی محتجا علی ما سمی بالتهدئة، التی لا أراها مصلحة فلسطینیّة، إذ کیف تکون تهدئة مع الاحتلال؟!

من یروّجون للتهدئة، ویرونها انتصارا، یمارسون خطاب السلطة التی انقلبوا علیها فی غزّة...

حین کانت تنفجر الصواریخ علی المستوطنات، کان قادة السلطة فی رام الله یدینونها، والآن من هیمنوا علی غزّة یدینون الصواریخ التی تنطلق من فضاء غزّة، حتی لو کانت ثأرا لدماء طلاّب جامعة النجاح فی نابلس!

الآن یطلب مّمن أطلقوا الصواریخ مراجعة (وزارة الداخلیّة) فی (إمارة) غزّة...

الآن تدان کتائب الأقصی إن أطلقت صاروخا، ویعتبر فعلها هذا خروجا، وتوریطا!

لماذا حین کان ذلک الفرع من کتائب الأقصی یطلق الصواریخ رفضا للتهدئة، کانت عملیاته مقاومة، ورفضا للتسویة، یرحّب بها، بل ویشجّع علیها؟!

لا یوجد إجماع علی (التهدئة)، فکّل الفصائل المقاومة ترفضها : الجهاد، کتائب أبی علی، کتائب المقاومة الوطنیّة...

سابقا کانت التهمة جاهزة لکلّ من یختلف مع قیادة السلطة : خروج علی الموقف الوطنی، والمصلحة الوطنیّة، وخدمة لأجندات خارجیّة!

حالیا یتکرر الخطاب، یستنسخ، فتصریحات الدکتور الزهّار هی نفس تصریحات (أبومازن)، وتصریحات (أبوزهری) هی نفس تصریحات أحمد عبد الرحمن، بفارق طفیف فی بعض المفردات!

فی الحالتین هناک لعب، وتلاعب، وإضاعة لخطّ المقاومة...

مصلحة فئویّة هی التی (توحّد) الاتجاهین، والخطابین، اللذین یضیعان الطریق، ویطیلان عذاب شعبنا.

هذا هو رأی فی التهدئة التی هی قسر علی (غزّة) بدون الضفّة، ولا أبالی بالشتائم من أین جاءت، وممّن، فقد اعتدت علی من لا یسمعون سوی أصواتهم، ولا یرون سوی صورهم فی المرایا...

الأخلاق!

السیاسیون الفاسدون لم یبقوا أخلاقا فی العمل الوطنی الذی یصفونه بالسیاسی،کأنما السیاسة تبرر انحطاط الأخلاق...

المقاومة علی النقیض هی أخلاق، والأخلاق صدق، والصدق سلوک وممارسات وعلاقات شفّافة لا سیّما مع ( الجماهیر) .

دلال المغربی بطلة عملیّة (سافوی)، التی وصفها الشاعر الکبیر الراحل نزار قبّانی بأنها أسّست جمهوریّة فی باص...

دلال المغربی التی مزّق الحقیر باراک جسدها وهی شهیدة بالسونکی متباهیّا بما فعل...

دلال المغربی لم تطرح قضیتها هی والشهیدات والشهداء فی (أوسلو)...

لماذا؟!

حرصا علی عدم استفزاز شریک السلام!

لماذا لم تستعد السلطة أجساد الشهداء والشهیدات لتدفن مبدئیّا فی رام الله، بانتظار دفنها فی مسقط رأسها، أو رؤوس الآباء والأمهات؟!

هی قضیّة مؤجلّة مع کل القضایا.. یا ولداه!

السیّد حسن نصر الله الذی یعد ویصدق، المتمیّز بالأخلاق، ینجز دون أن یعد أحیانا، متلمسا حاجات الجماهیر، بارّا بالشهداء لبنانیین و.. فلسطینیین، وعربا.. دخلوا إلی فلسطین من لبنان!

ستعود عظام دلال مضمخة برمال شاطئ حیفا، بماء بحر حیفا، لتدفن فی ثری صیدا، ثری لبنان المقاوم، فی مقبرة شهداء صبرا وشاتیلا، باحتفال یلیق ببطلة، برئیسة جمهوریّة الباص الأوسع من (دولة أوسلو) المتوهمة!

ألیس الأمر محرجا ؟!

سماحة السیّد أبوهادی یستعید الأسری، والشهداء، بدون تهدئة، بدون حوار مباشر، یأسر أبطاله جندیین، بمبادلة ندیّة، ترجح فیها الکفّة لخطاب، وإرادة وأخلاق المقاومة...

من یتعلّم یا ناس؟!

أنا علی یقین بأن ملایین العرب سعداء بهکذا مفاوضات غیر مباشرة، بهکذا مفاوضات بالنار فی المیدان، وبالإصرار، والدهاء النبیل فی السیاسة، وبالأخلاق مع أخوات، ورفاق وأخوة السلاح ؟

هذا الفعل هو خطاب عربی بامتیاز، هو فلسطینی، لبنانی، عربی شامل...

هو درس کبیر مباح ومتاح لمن یرغبون فی التعلّم!

لا أوسلو، ولا التهدئة، تحرر أسیرا، حیّا أوشهیدا...

آه یا شعبنا العظیم المضحّی : أنت تستحّق قادة مثل أبی هادی ..

آه یا شعبنا : إن من لا یهتمون بالأسری الأحیاء لا یأبهون بعظام الشهیدات والشهداء...

مرحبا بعظام دلال، مرحبا بسمیر البطل، مرحبا بعظام الشهداء الذین جعلهم العدو أرقاما،(فأعادهم) أبو هادی بأسمائهم أحیاء فی ضمیر ملایین العرب...

أبو هادی الذی تستغیث به نساء فلسطین، وأطفالها لیحرر لهن، ولهم.. الأزواج، والآباء، وفلذات الأکباد ..کرّم الله عمامتک یا سیّد.

( للکاتب الفلسطینی رشاد أبو شاور )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141057







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)