الانحدار الامریکی نحو الهاویة
الانحدار الامریکی نحو الهاویة
قسم التحلیل والتعلیق فی القسم العربی فی وکالة قدسنا
احتفلت الولایات المتحدة قبل أیام بعید استقلالها الرابع والثمانین بعد المئة بینما تعانی الیوم من أزمات عالمیة لم تشهدها خلال تاریخها الحدیث، بعدما بدأت إستراتیجیتها فى العالم کله، ولیس فى منطقة الشرق الأوسط فقط، تتداعى، فیما تتراجع قوة "الدولة الکبرى الأعظم فى العالم" وتفقد هیبتها..، وتزداد مخاوف الأمریکیین من الوصول إلى حافة الانهیار الاقتصادى والعسکری...
سؤال یطرح حالیاً داخل أمریکا نفسها و هو ما إذا کان عصر الإمبراطوریة الأمریکیة التى حکمت العالم فى القرن العشرین آخذا فى الأفول تدریجیا، لیفسح المجال أمام دول اخرى وقوى کبرى صاعدة تطالب الیوم بحصتها على المسرح الدولی، الذى یشعر الیوم بضغط القوة العسکریة الأمریکیة الهائلة، وبفراغ القوة السیاسیة المضطربة.
الرد الأهم على هذا السؤال جاء فى العدد ما قبل الأخیر من مجلة "فورین أفیرز" الأمریکیة ، وفیه توقع من کبار المفکرین والباحثین والمؤرخین الأمریکیین بأن أمریکا هى فعلاً فى حالة انحدارنحو الهاویة ، وهى تحتاج إلى التکیف مع تحدیات عالمیة جدیدة وتسویات مع دول عدیدة تتخطى قدرتها التنافسیة ما کان یتمتع به الاتحاد السوفیاتی، ومقاربات مختلفة لأزمات إقلیمیة معقدة تسببت بمعظمها فى لحظة غضب، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
إن أهم ما تعانیه الولایات المتحدة حالیاً هو فقدان الفکر السیاسی العالمی لدى رؤساء البیت الابیض ، خاصى وان البعض منهم لا یعرف أبسط المعلومات الجغرافیة العالمیة والتاریخ الدولی و هذا ما نلاحظه فی تصریحات بوش والتی یرتکب فیها أخطاء کثیرة یضطر .
أما الرد الأطرف فهو الذى کتبه مؤخراً المعلق فى صحیفة "نیویورک تایمز" توماس فریدمان، والذى عکس جوا أمریکیا عاما یتردد على کل لسان وفى کل مکان داخل الولایات المتحدة هذه الأیام، مفاده أن أمریکا التى خرجت مؤخرا إلى العالم تحت شعار إعادة بناء الدول الفاشلة، هى دولة فاشلة وتحتاج إلى إعادة بناء کاملة، تبدأ من تحسین أدائها الاقتصادى المتداعی، وتطویر نظامها السیاسى المتهالک، وتعزیز استقرارها الاجتماعی، الذى یشهد ارتفاع معدلات البطالة والجریمة.
ثمة محاولة جدیة من قِبَل النخبة الأمریکیة لوضع الجمهور الأمریکى أمام الحقائق، وعرض بعض الحلول والبدائل البعیدة المدى.
فهذه النخبة تعرف أن الأمریکیین فى غالبیتهم ربما لن یخرجوا بعد ثلاثة أشهر للاقتراع فى الانتخابات الرئاسیة، لأسباب عدیدة تبدأ من ارتفاع أسعار المشتقات النفطیة، وتنتهى بالشعور بالیأس من المؤسسة السیاسیة التى لا تملک رؤیة واضحة للمستقبل، وتجر الأمریکیین من إخفاق إلى آخر.
ومع اقتراب إدارة الرئیس بوش من نهایة عهدها، یمکن لجردة حساب سیاسیة أن تظهر حجم الأزمات الجیوبولیتیکیة والتحدیات الإستراتیجیة التى واجهتها الولایات المتحدة خلال السنوات الثمانى الماضیة، والتى لم تعهد مثیلاً منذ سقوط الاتحاد السوفیاتى ونهایة الحرب الباردة، بدءًا من "الحرب ضد الإرهاب" التى بدأت عشیة الحادى عشر من سبتمبر 2001 والتى لا تزال مستعرة حتى الیوم، إلى الحربین المستمرتین فى أفغانستان والعراق وما یتأتى عنهما من نزف متواصل فى أرواح الجنود الأمریکیین وللموارد المالیة للولایات المتحدة، وصولاً إلى معضلة الحفاظ على أمن مصادر الطاقة وحمایة استقرار الأنظمة الحلیفة.
إن العالم کله یترقب الیوم طریقة تصرّف أمریکا وقدرتها على تدبیر شؤونها الداخلیة الجدّیة، ومشکلاتها الخارجیة الخطیرة والتى تمسّ العالم فى کل مکان. والبعض ینتظر لمعرفة ما إذا کان مصیر الولایات المتحدة سیکون مماثلاً لمصیر الاتحاد السوفیاتى الذى تفکک إلى دویلات بعد أزمات سیاسیة حادة وإخفاقات عسکریة کبیرة کان أکثرها خطورة وتأثیراً على وحدة الاتحاد السوفیاتى غزو أفغانستان.
المهم ان الرئیس بوش و الذی یعتبر اهم الرؤساء الذین ساهموا فی جر الولایات المتحدة الى حافة الهاویة ، تبریر الهزائم التی واجهتها بلاده بالارهاب المزعوم من جانبه هو وزبانیته الذین تدعمهم السلاح الامریکیة الکبرى .
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS