الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

حزن وذلّ فی إسرائیل

حزن وذلّ فی إسرائیل!

 

هذه الأیام ستکون مناسبة "للحزن والذل" فی إسرائیل، کما وصفت الحکومة الإسرائیلیة ذلک بعد إقرارها لاتفاق تبادل الأسرى مع "حزب الله" فی لبنان، وذلک یعنی أنها مناسبة "للفرح والکرامة" لدى المقاومة وعموم اللبنانیین. فتزامن الذکرى الثانیة للحرب الإسرائیلیة على لبنان مع اتفاقیة تبادل الأسرى یؤکّد فشل العدوان الإسرائیلی ورضوخ إسرائیل لشروط المقاومة التی أعلنتها عقب احتجازها لجندیین إسرائیلیین یوم 12 تموز/یولیو 2006.

لقد کانت عملیة عسکریة فی موقع حدودی بین بلدین حالة الحرب بینهما ما زالت قائمة، وکان هناک معتقلون لبنانیون فی السجون الإسرائیلیة، وما زالت هناک أرض لبنانیة محتلّة، کما کانت هناک شبکات تخریب وإرهاب إسرائیلیة جرى الإعلان عنها من قبل السلطات اللبنانیة قبل أسابیع قلیلة من صیف العام 2006.

إذن، ما قام به "حزب الله" آنذاک کان فی سیاق الصراع المفتوح بین لبنان وإسرائیل منذ أواسط السبعینات من القرن الماضی ولم ینتهِ بالانسحاب الإسرائیلی الذی حدث فی العام 2000.

فانسحاب إسرائیل من لبنان، کما انسحابها من غزّة، کان قراراً من طرف واحد دون أیّ اتفاق مع الطرف الخاضع للاحتلال، وهذا الأمر یعنی استمرار حرّیة الحرکة للعدوّ المحتلّ أینما شاء ومتى وکیف شاء.

لکن ما الذی دفع ب"حرکة حماس" فی غزّة و"حزب الله" فی لبنان، صیف العام 2006، إلى اتخاذ قرار بعملیات عسکریة وأسر جنود إسرائیلیین رغم إدراک المنظمتین لاحتمالات ردود الفعل الإسرائیلیة؟

المشترک بین "حماس" و"حزب الله" لیس فقط أسلوب المقاومة المسلّحة والعلاقات الخاصّة مع دمشق وطهران، بل أیضاً الظروف الصعبة التی قرّرت الإدارة الأمیرکیة وضعهما فیها.

فالإدارة الأمیرکیة تبنّت المفهوم الإسرائیلی للإرهاب الذی یضع أیّة مقاومة مسلّحة للاحتلال الإسرائیلی فی خانة الأعمال الإرهابیة، وبالتالی أصبحت حرکة "حماس" فی الأراضی الفلسطینیة المحتلّة و"حزب الله" فی لبنان منظمتین إرهابیتین بالتصنیف الأمیرکی.

کذلک، فإنّ إزدواجیة المواقف التی اعتمدتها واشنطن وعدد من الدول الکبرى ظهرت جلیّة فی القول بأنّ من حقّ إسرائیل الدفاع عن نفسها ضدّ (الإرهاب)، بینما أدانت هذه المواقف ما حدث فی غزّة وجنوب لبنان من عملیات عسکریة للمقاومة ضدّ إسرائیلیین عسکریین فقط وأسر بعضهم، ثم جاء الردّ الإسرائیلی على الفلسطینیین فی غزّة وعلى اللبنانیین وأرض لبنان کلّه مطابقاً تماماً للتعریف الدولی للإرهاب من حیث استهدافه للمدنیین ولمنشآت مدنیة!

کان لإسرائیل حق تدمیر غزّة ولبنان لإطلاق أسرى جنود بینما لا یحقّ لمقاتلین فلسطینیین ولبنانیین حقّ القیام بعملیة عسکریة فوق أراضیهم ضدّ قوات محتلّة من أجل الإفراج عن آلافٍ من المعتقلین المدنیین الفلسطینیین واللبنانیین!.

لم تکن حتماً الأطراف العربیة، التی سارت أکثر من اللازم فی خطوات العلاقة والتطبیع مع إسرائیل رغم عدم التسویة الشاملة، هی المسؤولة عن کل ذلک التصعید العسکری فی المنطقة.. فالمسؤول الأوّل عن ذلک هو الإدارة الأمیرکیة الحالیة التی اختارت منذ مجیئها أولویّة الحرب على العراق ثمّ استخدام جماعات التطرّف والعنف العشوائی کأعذار مناسبة لبدء أجندتها الحربیة فی العالم کلّه..

وکان تهمیش الإدارة الأمیرکیة الحالیة لمسألة الصراع العربی/الإسرائیلی، بمثابة ضوء أخضر لحکمٍ آخر متطرّف فی إسرائیل مارس أبشع أنواع العدوان على الشعب الفلسطینی مستغلاً اهتمام العالم ب"الحرب على الإرهاب" وانشغال أمیرکا بالأولویة العراقیة ..

وکانت أولویات سیاسة واشنطن فی لبنان التحریض الدولی والعربی واللبنانی على تنفیذ القرار 1559 لجهة الإصرار على نزع سلاح "حزب الله". وکانت المراهنة الإسرائیلیة المدعومة أمیرکیاً أن یؤدّی ذلک فی لبنان إلى صراع لبنانی داخلی مع "حزب الله" حتى لو مرّ طریق هذا الصراع فی دهالیز فتنة مذهبیة أدرک مخاطرها اللبنانیون والأطراف المعنیّة فعملوا على تجنّب دفع التأزّم السیاسی إلى فوضى أمنیة.

فالفتنة کانت مطلوبةً قبل تلک التطوّرات، کما کانت مطلوبة خلالها وبعدها. الفتنة بین الفلسطینیین أنفسهم، وبین اللبنانیین أنفسهم، وبین العرب کلّهم.. فتنة تنهی أیّ مقاومة لأیّ احتلال وتجعل العدوّ هو "المواطن العربی الآخر".

لقد راهنت إسرائیل، ومعها الإدارة الأمیرکیة، على جعل صورة حربهما على لبنان فی صیف العام 2006 وکأنّها حرب على النفوذ الإیرانی فی لبنان والمنطقة، وبالتالی على إمکانیّة تجمیع القوى والصفوف اللبنانیة والعربیة والدولیة خلف هذا العدوان. وکانت واشنطن قد نجحت فی استقطاب أوروبا إلى جانبها فی کیفیّة التعامل مع "حرکة حماس" بعد وصولها إلى السلطة الفلسطینیة، وفی الضغط على أطراف عربیة عدیدة لوقف دعمها لقطاع غزة. وقبل هذا وذاک، نجحت واشنطن فی إقامة حلف أمیرکی/فرنسی بشأن لبنان صنَعَ القرار 1559 ثمّ القرار 1680، وأقام تحالفاً من القوى اللبنانیة الداعمة لهذین القرارین وما فیهما من استهدافٍ واضح لسلاح المقاومة اللبنانیة وللعلاقات السوریة/اللبنانیة.

أیضاً شجّعت واشنطن على مناخٍ مذهبیٍّ حادٍّ فی العراق وفی المنطقة العربیة زاد الحدیث فیه عن الدور الإیرانی فی الأحداث الدامیة العراقیة وفی تطوّرات مستقبل العراق .

هکذا أرادت واشنطن وتل أبیب تصویر حرب صیف العام 2006 بأنها حرب على إیران وعلى نفوذها فی بیروت ودمشق وغزّة، ولیست على اللبنانیین والفلسطنیین والعرب.

کانت إذن حرب أمیرکیة/إسرائیلیة ضدَّ إیران شکلاً، لکنّها عملیاً حرب على الأرض العربیة لإنهاء أیّة مقاومة عربیة مسلّحة للاحتلال الإسرائیلی، حربٌ تؤدّی إلى فرض التطبیع والعلاقات بین العرب وإسرائیل بغضّ النَّظر عن فشل التسویة السیاسیة للصراع وعن مصیر القضیة الفلسطینیة والأراضی العربیة المحتلّة.

کانت شکلاً معرکة واشنطن وتل أبیب مع طهران، لکنّها ضمناً هی معرکة ترکیع کامل للبلاد العربیة بما علیها من حکومات وما فیها من شعوب ومنظمات..

لکنّ العدوان على لبنان، کما هو فی تجارب الشعوب أینما کان، هزم نفسه بنفسه.

وحینما تنتصر المقاومة فی لبنان، یکون الانتصار لکلِّ لبنان وللقضیة الفلسطینیة وللحلّ العادل لها. وستضطرّ واشنطن، عاجلاً أم آجلاً، کما اضطرّت لذلک الحکومة الإسرئیلیة، إلى إدراک خطأ سیاساتها وحساباتها ومراهناتها، والتوصّل إلى الرؤیة السلیمة لأسباب أزمات المنطقة: مشکلة الاحتلال الإسرائیلی والدعم الأمیرکی له.

( المقال لصبحی غندور لمدیر "مرکز الحوار العربی" فی واشنطن  )                

ن/25


| رمز الموضوع: 141060







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)