الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

لیس فقط غزة، الوطن کله مستباح

لیس فقط غزة، الوطن کله مستباح

  

ما یحدث بقطاع غزة لا علاقة له بالصراع الفلسطینی الاسرائیلی أبدا، ومن یدعی غیر ذلک فانما کمن یحاول تغطیة الشمس باصبع یده، نقول هذا بغض النظر عن الرضا أو الرفض لذلک، فحتى لو کان من ارتکب جریمة شاطئ بحر غزة فلسطینیا أبا عن جد، من هذا الفصیل أو ذاک، وحتى لو کان من ارتکبها عمیلا للاحتلال أو لمخابرات أیة دولة فی هذا الکون، فإن هذه لیست المرة الأولى التی یحدث مثل هذا الفعل، حیث هناک تاریخ حافل من الجرائم التی ارتکبت سواء باید فلسطینیة متصلة بعناصر التنظیمات المختلفة أو من خلال عملاء لدولة الاحتلال تم زرعهم فی الفصائل من أجل القیام بهکذا اعمال، فی المحصلة إن ما یجری لا یمکن قبوله. ونحن عندما نقول ان هذا لا علاقة له بالصراع مع دولة الاحتلال فالمقصود هو ما جرى بعد وقوع الجریمة.

نحن لا نحاول التهوین من حجم الجریمة التی ذهب ضحیتها العشرات بین قتیل وجریح،ولا نحاول کذلک أن نسوغ مثل هذه الجریمة، إلا اننا نحاول القول بأن ما تبع تلک الجریمة من افعال ومن استباحة لکل شیء لیس له ما یبرره ولا ینم عن مستوى من المسؤولیة عال خاصة وان المسائل وتحدیدا فی الظروف الصعبة والقاهرة لا یمکن التعامل معها أو معالجتها بردة الفعل العصبیة التی شاهدنا والعالم، کما أن من الممکن أن یکون لها من التداعیات ما هو أکثر خطورة من الفعل ذاته او من الجریمة التی وقعت، وهل یکون التعامل مع الاوضاع الصعبة بهذه الطریقة، أو هل هذه هی الطریقة المثلى لمعالجة الموقف؟

إن ما یحدث یعتبر خطیرا بکل المقاییس، ولسنا هنا نحاول تبرأة احد ولا الدفاع عن ای کان، لکن ان یتم استعمال الاحتلال کشماعة یتم تعلیق کل قذاراتنا علیها او ان نستعمل خلافاتنا من اجل ان نستبیح انفسنا واهلنا ووطننا فهذا ما لایمکن القبول به، کما لا یمکن القبول ولا بشکل من الاشکال الفذلکات الکلامیة "والطبطبة" والمجاملة على حساب القضیة الوطنیة التی باتت ممرغة فی وحل الخلافات والمطامع والطموحات سواء الفصائلیة او الشخصیة. ونعتقد بانه یجب التوقف عن التعامل مع المسالة الوطنیة على اساس انها قضیة ذاتیة او ملکیة خاصة مرتبطة بهذا الشخص او ذاک الفصیل، ولا نعتقد بان احدا قد تم تفویضه من اجل التصرف بالقضیة الوطنیة على هواه.

ما رایناه خلال الایام القلیلة الماضیة لا یمکن ان یبشر بالخیر للشعب او القضیة ویبدو ان الحدیث عن اعادة اللحمة صار مجرد لغو ولغط لا اکثر ولا اقل، خاصة فی ظل الهجمة التی مارسها کل من فتح وحماس تجاه بعضهما البعض، هذا المستوى من التعامل وصل الى حد بغیض وهو ینم عن کراهیة وعداء نادرین فی الساحة الفلسطینیة ونعتقد ان من یجنح الى الحوار او التعایش والمصالحة لا یمکن ان یمارس مثل هذه الممارسات.

قد نستوعب ولو على مضض – برغم اننا ضد ای اعتقال سیاسی- ان یتم اعتقال العشرات على خلفیة الجریمة، لکن ان یتم اعتقال کل من له علاقة بحرکة فتح من قبل اجهزة حرکة حماس او ان یتم اعتقال اعضاء حرکة حماس فی الضفة لمجرد انهم اعضاء فی هذه الحرکة انتقاما للاعتقالات فی غزة فهذا شیء بعید عن المنطق والمعقول، کما ان مداهمة المؤسسات واستباحتها بهذا الشکل الذی صورته بعض الکامیرات والذی براینا کان مجزوءا ومبتورا ولا یصور الواقع کما هو انما یدل على مدى الدرک الذی وصل الیه مستوى التعامل بین ابناء القضیة الواحدة، هذا عدا اننا لا یمکن ان نفهم تدمیر الممتلکات او الطریقة التی یتم فیها تتفتیش المقرات التی یتم اقتحامها لان فیها کثیر التشابه بین ممارسات نرفض حتى التفکیر بها او تذکرها.

ما الذی ابقاه السادة فی التنظیمین للانظمة العربیة ولماذا اذن کان یتم التنظیر عن الانظمة العربیة والدیکتاتوریات والحکم المطلق والاضطهاد والقمع وغیر ذلک من الکلام الذی ثبت انه مع شدید الاسف– فارغ- ، او لیس هذا ما کانت تقوله التنظیمات الفلسطینیة فیما مضى، وهل تختلف الممارسات التی شاهدها العالم عن تلک التی کانت تمارسها انظمة القمع العربیة ضد الحرکة الوطنیة الفلسطینیة.

خلال حواری مع احد القادة الفلسطینیین قال لی ان هذا الذی یجری لیس سوى – اول الغیث- وأن القادم أعظم، وکان فی حدیثه غصة کبیرة وما ینم عن شعور بالاسى والاسف العمیق لما وصلت الیه الاوضاع فی الساحة الفلسطینیة وانها لم تکن ابدا بهذا السوء، هذا الاحساس الذی عکسه الرجل هو فی الحقیقة احساس الکثیر من الفلسطینیین فی الشارع الفلسطینی. ترى من یتحمل هذا الشعور بالاحباط الذی اخذ یستشری ویسود فی الساحة الفلسطینیة.

ان تتم الاتهامات بهذه الطریقة الفجة والسریعة وقبل ان یبدأ التحقیق بالجریمة وقبل الوصول الى اثباتات قاطعة یذکرنا بالاتهامات التی تم توجیهها الى العرب والمسلمین بعد "غزوة مانهاتن" وتدمیر برجی مرکز التجارة العالمی والحملة التی تمت على کل من هو ذات ملامح عربیة او شرقیة فی امیرکا، ترى من المستفید من هذه السرعة بتوجیه الاتهامات لحرکة فتح،او ما قالته فتح عن ان التفجیر هو نتاج خلافات داخلیة فی حماس، الم یکن من الاجدر والافضل ان یتم التروی فی ذلک؟ وان تتم عملیة التحقیق برویة وتمهل وتعقل قبل ان تقوم الاجهزة الامنیة التابعة لحرکة حماس بکل هذا الذی قامت به، او لم یکن من الافضل الاتصال بالقوى الفلسطینیة المختلفة من اجل تطویق الموضوع  بدلا من حالة الانفلات واستباحة کل ما یتعلق بحرکة فتح وغیر فتح حیث حاولت بعض العناصر اقتحام مقر او مکتب حرکة فدا المرکزی فی غزة بعد ان اقتحمت وصادرت کل ما فی مکتب فدا فی خانیونس.

من الواضح ان احدا من طرفی النزاع لم یتهم إسرائیل ولم یحاول توجیه اصابع الاتهام باتجاه دولة الاحتلال او عملاء اسرائیل الذین استطاعت ان تجندهم على مدار سنوات الاحتلال الطویلة، برغم ان اسرائیل احد اکثر الاطراف المستفیدة من هذه العملیة ومما تبع هذه العملیة ومن کل التداعیات التی سوف تترتب علیها، فهل اصبحت اسرائیل خارج اللعبة او خارج الجهات المشبوهة فی مثل هذا الفعل؟.

 یبدو أن الإخوة الأعداء فی التنظیمین اللدودین تجاهلا أو نسیا أو ربما تناسیا أن إسرائیل لا تزال رابضة فوق رقاب الفلسطینیین وصدورهم وأنها لا تزال تمارس کل أشکال القهر التی مارست طیلة سنوات الاحتلال وان لا شیء من السلطة للفلسطینی على هذه الأرض وان القوات الإسرائیلیة لا تزال "تسرح وتمرح" مثلما تشتهی فی الأراضی الفلسطینیة وأنها وبینما یتقاتل الإخوة تقوم بهدم بیوت الفلسطینیین فی القدس والخلیل وتصادر الأراضی وتوسع المستوطنات وتبنی الجدران وتسیر فی مخططات تهوید قدسکم وفی مخططاتها کما هی وانتم لا تخطیط ولا من یحزنون مجرد سلطة بلا صلاحیات ولا سیادة ولا حتى أهداف، إسرائیل تستبیح الوطن بکامله والفلسطینی یستبیح نفسه، ألیس هذا قمة "المسخرة".

المشکلة أن حرکة حماس لم تقدم دلیلا واحدا حتى اللحظة وبرغم کل ما قامت به على تورط حرکة فتح بالجریمة، ولا یمکن الاستناد الى ما تم بثه على التلفزیون الفلسطینی کدلیل على تورط فتح بالجریمة، هذا عدا عن ان احدا من فتح لم یبارک او یتبن العملیة، کما أن حرکة فتح قالت وعلى لسان الکثیرین من قادتها بانها بریئة من هذا الاتهام وأن لا علاقة لها بالعملیة، طبعا نحن نعلم بانها لن تقول بانها وراء العمیة ولکن ان یتم توجیه الاتهامات بهذه الطریقة وبدون دلائل حتى اللحظة على الاقل فهذا غیر مقبول، قد یثبت فیما بعد انها وراءها وهذا موضوع مختلف، وقد لا یثبت ذلک ابدا وعندئذ سیکون السؤال لماذا إذن توجیه الاتهامات؟.

من الملاحظ ان دولة الاحتلال اصبحت خارج اللعبة وخارج دائرة الاتهام فی هذا الوضع القائم بین حماس وفتح واصبحت حالة الاتهام والاتهام المضاد هی السائدة بینهما، کما یبدو ان حالة التضاد والصراع بین الفصیلین اصبحت من العمق بحیث صار – او هذا على الاقل ما یبدو من المشهد- من الصعب ردم الهوة بینهما وهذا ما قد یضر بالقضیة الفلسطینیة اکبر الضرر وقد یعود بها الى الخلف لعشرات السنین ویضعها فی زاویة مظلمة لا ترى النور وهذا ما سیفقدها بریقها وان یتسبب فی تراجعها عن سلم اولویات لیس فقط الدول العربیة – الشقیقة- لا بل وعلى کل المستویات الاقلیمیة والدولیة.

هنالک إقرار من کل الفلسطینیین بأن ما یحدث مسیء لقضیة، لکن وما دام الامر کذلک فمن الذی سیتحمل المسؤولیة عن هذه الاساءات للقضیة الفلسطینیة خاصة وان هناک من الاساءات ما هو اکثر ضررا وخطرا على القضیة من جریمة القتل التی وقعت على شاطیء غزة، ومن سیحاسب هؤلاء الذین یسحبون القضیة الى منحدر لا قرار ولا قاع له، وهل یجوز ان تبقى القضیة رهینة هذا الخلاف الذی یبدو انه مستعص ولا یبدو ان حله قریبا او فی الافق.

عندما وقعت جریمة قتل الأطفال بعلوشة حذرنا من ان هذه الجریمة لن تکون الاخیرة وانها سوف تفتح ابواب جهنم وانها سوف تکون بدایة لصراع وقتل ودم کثیر یسیل على ارض فلسطین وان من سیتسبب فی سیل الدم "إلى جانب ما یفعله الإسرائیلی" سیکون الثأر والانتقام، إلا ان احدا لم یستجب وتفاقمت الامور بعد ذلک الى الحد الذی راینا فیه من البشاعات ما لا یقبله العقل ولا المنطق لکن من الواضح ان هناک من لم یشبع بعد او لم یرتو من الدم الفلسطینی ولا زال ممعنا فی غیه ولهؤلاء نقول ان علیهم ان یتقوا الله فی الدم الفلسطینی وفی القضیة الفلسطینیة وان هذا یکفی الیس کذلک؟

( المقال للکاتب الصحفی رشید شاهین وهو یعبر عن رأی الکاتب  )

 ن/25


| رمز الموضوع: 141108







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)