هل تلقى "أم جلعاد" مصیر "أم فارس"..؟
هل تلقى "أم جلعاد" مصیر "أم فارس"..؟
بقلم: ریاض خالد الأشقر
فی کل اعتصام أسبوعی أمام مقر الصلیب الأحمر الدولی بغزة تجدها جالسة تحمل صورة ابنها الأسیر "فارس" المعتقل منذ 21 عاماً فی سجون الاحتلال، کانت ترى وتبصر کل شئ ، وتزاحم أهالی الأسرى للوصول إلى مکان بارز فی ذلک المقر البائس الذی لو نطقت جدرانه لتحدثت عن قصص ومآسی یحیاها المئات من الأهالی، الذین یحترقون شوقاً لرؤیته أبنائهم ، ومنهم من فارق الحیاة "کأم عماد شحاده" رحمها الله العضو الدائم فی اعتصام الصلیب دون أن یتمکن من عناق ابنه الأسیر، کانت تسعى تلک العجوز فی کل مرة لان تظهر صورتها فی وسائل الإعلام التی تصل إلى السجون کی یراها فارس ویطمئن أنها بخیر، لأنها ممنوعة من الزیارة منذ سنوات.
وکانت تشارک فی کل الفعالیات من شمال القطاع إلى جنوبه ، سعیاً لان یحن ذلک الضمیر العالمی "المیت" وان ینبض بالعدل ولو مرة واحدة ، ویسمع عن معاناة الأسرى الفلسطینیین، وکانت تبکى کلما ذکر اسم ابنها ، وبکت لسنوات طویلة، حتى أسدلت ستارة سوداء على عینیها ،وأصبحت غیر قادرة على الرؤیة من الحزن وکثرة البکاء ، وبالرغم من ذلک لم تتقاعس عن المشارکة فی فعالیات الأسرى ، تحمل عکازها ، وتعتمد على أولاد الحلال من أبناء الشعب الفلسطینی الذین یدلونها على المکان الذی تنظم فیه فعالیات التضامن مع الأسرى.
إنها الحاجة أم فارس بارود التی تجاوزت السبعین عاماً من العمر ، ولا زالت تنتظر منذ 21 عاماً أن یعود لها ابنها الوحید ، وتردد کلمتها المشهورة "إن کنت فقدت بصری من کثرة البکاء على فارس، وان خرج لن أراه ،ولکن یمکن أن أتحسسه واشتم رائحته وهذا یکفینی قبل أن أغادر هذه الدنیا" .
فهل یا ترى فی ظل تعنت الاحتلال، والعراقیل التی یضعها فی طریق إغلاق ملف جلعاد شالیط ، وإتمام صفقة التبادل یمکن أن تلقى "افیفا شالیط " والده "جلعاد" مصیر أم فارس، وتفقد البصر من کثرة الحزن والبکاء على ابنها الذی دخل قبل أیام عامه الخامس فی غیاهب السجون، فهی کأم فارس بارود "مع فارق التشبیه" منذ اسر ابنها وهى تناشد، وتنظم الفعالیات وتشارک فی الاعتصامات أمام مکاتب ومنازل رؤساء الوزراء المتعاقبین فی حکومة الاحتلال ، وتجوب البلاد طولاً وعرضاً ،بل العالم کله ، وهى تشرح قضیة ابنها وتعرض معاناته علها تجد اذاناً صاغیة لدیهم لإنهاء هذه المعاناة ، وجمعها بابنها مرة أخرى .
فی اعتقادی إن استمر رئیس وزراء الاحتلال نتنیاهو فی التسویف والمماطلة، ووضع الشروط المسبقة ، والتلویح بعصا الأمن الغلیظة ، واللعب على وتر عودة العملیات الانتحاریة إن وافق على شروط حماس، واستمر فی وضع قوائم مرفوض إطلاق سراحها ضمن الصفقة ، وتحریض الشارع الاسرائیلى على عدم التعاطی مع تصریحات عائلة شالیط ، وعدم مشارکتهم فی المسیرات التی تحرج الحکومة وتضغط علیها .. برأی أن "افیفا" من المؤکد أنها ستفقد البصر،من کثرة البکاء ، بعد أن تفقد الأمل فی حکومتها التی لا تقدر جنودها، وتترکهم وتتخلى عنهم عند أول مصیبة .
ولیس بعیداً أن یفقده کذلک "نوعام" والده ، وان یرحل "تسیفى" جده دون أن یحقق أمنیته الوحیدة برؤیته حفیده جلعاد ، ولیس هذا فحسب، بل أیضاً هذا الأمر سیدفع باتجاه أن تسعى المقاومة بجد إلى اسر جنود آخرین لإطلاق سراح الأسرى الذین یرفض الاحتلال تحریرهم، والله اعلم من سیفقد بصره من أمهات جنود الاحتلال الذین یتجرءون على أبناء شعبنا ، ویزرعون الموت الخراب فی کل أنحاء وطننا ، لان حکومتهم ستتخلى عنهم وتترکهم فی الآسر، کما ترکت من سبقهم، وإذا تغیرت الحکومة الحالیة للعدو، وجاء من یوافق على إتمام الصفقة ، وعاد جلعاد إلى أسرته، حینها فلتتحسسه ایفیفا دون أن تراه .
انتهی / شا / 24
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS