الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

حصار غزة أحد أسباب الفشل المسبق للقاء باریس

 لأکثر من سبب یرى مراقبون أن ما یسمى بالمؤتمر الدولی للمانحین الخاص بدعم السلطة الفلسطینیة والذی ینعقد الیوم الاثنین 17/ کانون الأول (دیسمبر) الجاری فی باریس یحمل فی طیاته بذور فشله، لیس فقط بسبب الهوة التی تحصل بین الوعود الدولیة الکبیرة بالمعونات، والقلیل الذی  یتحقق منها ـ فی العادة ـ على أرض الواقع، وإنما بسبب قضایا جوهریة أخرى.

وبرأی المراقبین؛ فإن الإجراءات الصهیونیة السابقة والحالیة التی تهیمن الاقتصاد الفلسطینی، وتدمره، وتلحق بحیاة الفلسطینیین أضراراً کارثیة، والنظرة الأمریکیة الغربیة التی تربط المساعدات باستحقاقات سیاسیة، ونقصد بذلک الانخراط فی مسار التسویة الهزیل، والاعتراف بالکیان الصهیونی، وإسقاط حق مقاومته، هی التی تفرغ مؤتمر باریس من محتواه قبل أن یبدأ.

 

                                    معونات بدون محاسبة المتسببین

وقد أشار المراقبون إلى جملة أسباب تتجه بالمؤتمر إلى فشل محقق لعل أبرزها:

ـ سیاسات الکیان الصهیونی التی تعرّض معونات ومساعدات الدول المانحة للضیاع، ویقصد بذلک الحصار الخانق لقطاع غزة، وصعوبة التحرک، بسبب الحواجز، وسیاسات الاستیطان والتوسع غیرها.

فقد حذرت عدد من منظمات الأمم المتحدة المهتمة بالتمویل، وبالجانب الإنسانی، ومنظمات دولیة تعنى بالعمل الخیری والتنمیة من أخطار هذه السیاسات وتأثیراتها على أی تنمیة مستقبلیة للسلطة الفلسطینیة، فالبنک الدولی رأى نجاح خطة طموحة للتنمیة الاقتصادیة فی الأراضی الفلسطینیة، یتوقف على رفع الإجراءات التی تفرضها الدولة العبریة، وتحد من حرکة التنقل، وأعرب فی تقریر یقدمه إلى مؤتمر المانحین، عن دعمه "خطة إصلاح وتنمیة" أعدتها السلطة، لکنه أشار فی الوقت عینه إلى أن نجاح أی إصلاح اقتصاد یعرقله وجود أکثر من 500 حاجز عسکری للصهاینة فی الضفة الغربیة والحصار المفروض على قطاع غزة.

من جهته؛ أوضح مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة أن "عزل قطاع غزة المستمر منذ ستة اشهر یهدد الاقتصاد الفلسطینی بحدوث ضرر لا یمکن إصلاحه ویجعل الأهالی أشد تبعیة للمساعدة الخارجیة"، وشدد على أن  "ضعف مستوى المخزون الغذائی وارتفاع الأسعار وزیادة مستوى البطالة وخسارة العائدات لها آثار کارثیة".

وفی السیاق نفسه؛ اعتبر جیریمی هوبز مدیر أوکسفام انترناشیونال "أن مزیداً من الدعم لن یکون فعالاً حتى تصر الحکومات المانحة على حدوث تغییر سریع فی قیود الکیان الصهیونی.."، ولفت الانتباه إلى "أن العدید من الحکومات على مستوى العالم تعتبر مساعدات المانحین حیویة لبناء الاقتصاد الفلسطینی، والدولة القابلة للحیاة، ولکن الحکومات المانحة لا تنتقد بشکل کاف سیاسات الدولة العبریة التی تدمر المشروعات التی تمولها هذه الحکومات، مشدداً على أن "هذه المساعدات ستکون غیر فعالة أکثر فأکثر" طالما لم یتم "محاسبة سلطات الاحتلال".

وتأکیداً على تعنت الکیان الصهیونی وإصراره على سیاساته التی تدمر عملیة التنمیة مهما بلغت المعونات الدولیة، فقد ذکرت التقاریر الصحفیة أن سلام فیاض رئیس الوزراء فی "الحکومة" غیر الشرعیة المعینة من قبل محمود عباس فشل فی اجتماع ضمه بوزیر دفاع دولة الاحتلال إیهود باراک بحضور ممثل الرباعیة الدولیة تونی بلیر قبیل أیام من عقد لقاء باریس فی الحصول على ضمانات من باراک لتخفیف القیود المفروضة على تنقل الفلسطینیین فی الضفة الغربیة، الأمر الذی یعوق الجهود الدولیة التی تحاول أحیاء الاقتصاد الفلسطینی المدمر.

                                          المکافأة الأمریکیة للسلطة

ـ إن عملیة الدعم الدولی تأتی فی إطار أجندة سیاسیة، فالکرم الدولی بغض النظر عن حجمه ومآلاته وفعالیته، جاء مکافأة لخط السلطة الفلسطینیة التی توصف بالاعتدال لحثها على المضی قدما فی عملیة التسویة المذلة الهزیلة مع الکیان الصهیونی، والتی کان آخر لقاءاتها الکرنفالیة فی "أنابولیس"، دون إلزام لتل أبیب باستحقاقات أو جداول زمنیة محددة، ولدفعها إلى تکریس الانقسام الفلسطینی الحاصل، ورفض الحوار مع حرکة حماس التی توصف بالتشدد والإرهاب، وتأکید عزلها بطریقة مستمرة وممنهجة على المستوى الدولی رغم فوزها فی انتخابات حرة ونزیهة بسبب رفضها الاعتراف بالکیان الصهیونی، أو التفریط بحقها فی المقاومة العسکریة للمحتل.

وللتدلیل على ذلک؛ أشار المراقبون إلى إعلان وزیرة الخارجیة الأمریکیة کوندالیزا رایس، عشیة انعقاد مؤتمر باریس، عن تعهد بلادها بتقدیم مساعدات للفلسطینیین تزید قیمتها عن 550 ملیون دولار لتعزیز ما یسمى بمحادثات السلام الفلسطینیة الصهیونیة الولیدة.

من جهته؛ أعلن المتحدث باسم الإلیزیه دافید مارتینون أن الرئیس الفرنسی "کرر لمحمود عباس أن هدفه هو التوصل سریعا لقیام دولة فلسطینیة"، معتبراً أن هذا المؤتمر الدولی للمانحین للسلطة الفلسطینیة "اقتصادی إلا أنه سیاسی أیضاً".

وتعهد سارکوزی لعباس بأن فرنسا "لن تقیم علاقات ولن تجری محادثات ولا حواراً مع حماس ما لم یتم التجاوب مع الشروط التی وضعها المجتمع الدولی" فی هذا الإطار.

ومن باریس ربطت وزیرة خارجیة الکیان الصهیونی تسیبی لیفنی التی تحضر المؤتمر بین تحسین الوضع الاقتصادی للفلسطینیین، وبین ضرورة أخذ ما سمته مخاوفها دولتها الأمنیة بعین الاعتبار، فقد صرحت بقولها: "إن

تحسین الأحوال الاقتصادیة للفلسطینیین یجب أن ینظر إلیه جنبا إلى جنب مع المخاوف الأمنیة الإسرائیلیة، وأتوقع أن یدرک العالم أن المسألتین هما طرفا المعادلة".

تجدر الإشارة إلى أن المساعدة الأمریکیة للفلسطینیین قبل فوز "حماس" فی الانتخابات مطلع العام 2006، کانت لا تزید عن 250 ملیون دولار سنویاً، ومنذ ذلک التاریخ أصبحت الولایات المتحدة تخصص أموالا بالقطارة للفلسطینیین تمثلت فقط فی مساعدة إنسانیة عاجلة بقیمة 40 ملیون دولار تم دفعها فی یونیو لسکان قطاع غزة الذی سیطرت علیه حرکة "حماس".

                                         اختزال القضیة الفلسطینیة

ـ إن المجتمع الدولی یحاول اختزال القضیة الفلسطینیة المرتبطة بالاحتلال منذ 60 عاماً کمشکلة معیشیة أو اقتصادیة فی المقام الأول، دون النظر إلى أبعادها السیاسیة ، ویرکز على معالجة آثار الاحتلال بدلاً من العمل على إزالته، ومن ثمّ فإن المراقبین یرون أن مؤتمر باریس، والمؤتمرات التی هی على شاکلته لن تکون أکثر من مهدئات أو مسکنات مؤقتة، ولعل هذا ما دفع إسماعیل هنیة رئیس الوزراء الفلسطینی فی حکومة تسییر الأعمال الشرعیة للتأکید على أن قضیة الشعب الفلسطینی "سیاسیة بالدرجة الأولى ولیست معیشیة أو اقتصادیة"، وطالب الجهات المانحة بالعمل على إنهاء الاحتلال ، واستعادة الشعب الفلسطینی لکامل حقوقه.

ن/25


| رمز الموضوع: 142776







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)