توقعات بفشل المفاوضات غیر المباشرة
یجمع محللون فلسطینیون على أن الفشل ینتظر المفاوضات غیر المباشرة التی بدأتها السلطة الفلسطینیة وإسرائیل وتستمر أربعة أشهر، ولم یستبعدوا فی الوقت نفسه، إقدام إسرائیل على خطوات من شأنها إفشال هذه المفاوضات. رأى هؤلاء أن الضغوط الأمیرکیة والموافقة العربیة على المفاوضات، إضافة إلى عدم وجود خیار بدیل، دفع السلطة للموافقة على مفاوضات تعرف نتیجتها سلفا.
ویشیر الکاتب والصحفی محمود فطاطفة إلى أن الشروع فی المفاوضات یتزامن مع استعدادات الفلسطینیین لإحیاء الذکرى السنویة الـ62 للنکبة، معربا عن أمله فی أن تکون هذه الذکرى رسالة للمفاوض الفلسطینی بضرورة التمسک بالأرض وحق العودة.
وقال إن الشروع فی مفاوضات غیر مباشرة لا تلمس صلب القضیة الفلسطینیة وخاصة قضیة اللاجئین فی ذکرى النکبة، مؤشر سلبی، موضحا أن إسرائیل لا تقبل ولا تعترف بحقوق الفلسطینیین فی القضایا الأساسیة، ومنها الأرض والحدود والقدس واللاجئون.
وتوقع المحلل السیاسی والمحاضر بجامعة القدس المفتوحة نعمان عمرو أن تلقى المفاوضات غیر المباشرة نفس مصیر المفاوضات المباشرة التی استمرت 17 عاما، مشیرا إلى أن السبب هو أنها "تزامنت مع أوضاع شدیدة التعقید". وأضاف : أن الحکومة الإسرائیلیة المتزمتة تفرض یومیا حقائق جدیدة على الأرض من استیطان ومضایقات واعتداءات وعنف، مما یهدد بإفشال هذه المفاوضات، خاصة مع الإعلان عن شبکة قطارات بین مستوطنات الضفة.
وذکر من عوامل الفشل أیضا عدم جدیة الجانب الإسرائیلی، ورغبته فی کسب مزید من الوقت لفرض مزید من الحقائق على الأرض، مشیرا إلى أن الولایات المتحدة الأمیرکیة والحکومات الإسرائیلیة المتعاقبة تعرف حاجات الشعب الفلسطینی وتتجاهلها.
أما الصحفی فی جریدة الأیام خلیل شاهین، فأشار إلى "افتراق کبیر بین الأجندة التفاوضیة الفلسطینیة والأجندة التفاوضیة الإسرائیلیة"، مستبعدا إمکانیة التوفیق بین الأجندتین "فیما الولایات المتحدة تحاول أن توهم العالم بوجود حراک سیاسی للتغطیة على سیاسات شرق أوسطیة أخرى".
وأضاف : لقد تم التوفیق بین المطلب الفلسطینی ببحث قضیة الحدود، وهی واحدة من قضایا الحل النهائی، والمطلب الإسرائیلی ببحث قضیة الأمن، "لکن البدء فی قضیة الأمن إسرائیلیا یعنی عملیا إطلاق النار على قضیة الحدود حتى قبل أن تبحث".
وتوقع شاهین أن تصل المفاوضات غیر المباشرة إلى جدار مسدود بسبب الموقف الإسرائیلی، والموقف الأمیرکی الذی یحاول أن یبحث عن صیغ توفیقیة تتلاءم فی نهایة المطاف مع المواقف الإسرائیلیة على حساب المواقف الفلسطینیة.
أما الکاتب محمد أبو علان، فلا یرى رابطا بین ذکرى النکبة واستئناف المفاوضات. ویقول إن هدف المفاوضات هو إعطاء انطباع بوجود مفاوضات، لکنها لن تقود إلى نتائج "لأن الإسرائیلیین أنفسهم تحدثوا عن فشلها قبل أن تبدأ، کما أن الإجراءات على الأرض تؤکد عبثیتها سواء الاستیطان أو سیاسة الإبعاد أو التضییق على الأسرى".
وأوضح أن المفاوضات السابقة تمت برعایة دولیة، ولیست أمیرکیة فقط، ورغم ذلک لم تنجح، مشبها المفاوضات الحالیة بمسکن الأکامول "تسعى الولایات المتحدة من ورائه إلى الخروج من مأزقها وفشل سیاستها الخارجیة فی کل من العراق وأفغانستان وإیران".
وحول ما یدفع السلطة للانخراط فی هذه المفاوضات، ذکر شاهین عدة عوامل منها أن الرئیس محمود عباس لا یملک ولا یرید أن یملک خیارات أخرى "فهو لا یؤمن إلا بمفاوضات تأتی بمزید من المفاوضات"، إضافة إلى غیاب الرغبة فی إستراتیجیة فلسطینیة بدیلة عن خیار التفاوض، أو على الأقل تمزج بین التفاوض والکفاح.
وذکر من العوامل أیضا الضغط الذی یمارس على السلطة، وعلاقتها مع الإدارة الأمیرکیة وانکشاف ظهرها لها "لأن الأخیرة تقدم مساعدات مالیة وتشرف مباشرة على بناء المؤسسة الأمنیة فی الضفة".
أما الدکتور نعمان عمرو فیرى أن ما یدفع السلطة للموافقة على المفاوضات هو ارتباطها باتفاقیات مع الجانب الإسرائیلی تحتم علیها أن تنهج هذا النهج، "فالقیادة الفلسطینیة ومن خلفها القیادة العربیة قررت أن یکون السلام هو الخیار الإستراتیجی".
ومع ذلک قال إنه من الضروری "عدم طمأنة الاحتلال على هذه الأوضاع، واستخدام الهبات الجماهیریة لرفع سقف المطالب الفلسطینیة، وتغییر موازین القوى خاصة فی المعاییر الدولیة".
وکانت اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة قد أجازت السبت الماضی -بعد اجتماع فی رام الله مع اللجنة المرکزیة لحرکة التحریر الوطنی (فتح)- للسلطة الفلسطینیة دخول مفاوضات غیر مباشرة مع إسرائیل أمدها أربعة أشهر، وهی مفاوضات دعمتها لجنة المتابعة العربیة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS