أخیرا.. هناک من یجرؤ على الکلام!!
أخیرا.. هناک من یجرؤ على الکلام!!
زکریا شاهین
لا یجرؤ أحد على انتقاد الکیان الصهیونی، أو الحدیث عن جرائمه خشیة اتهامه بمعاداة السامیة. کثیرون عزلوا عن الحیاة السیاسیة والفکریة والثقافیة نتیجة مواقفهم الواضحة تجاه الکیان الصهیونی، وفضحهم لهذا الکیان الذی لا یشبهه کیان آخر فی العالم من حیث ممارسته لکل أنواع الإرهاب والعدوان وما بینهما.
والغریب فی الأمر، أو یمکن أن لا یکون غریبا على أیة حال، أن تتبنى دول تدعی الحفاظ على حقوق الإنسان، وتتغنى بالدیمقراطیة، مسألة الدفاع عن هذا الکیان الملطخ من کل جوانبه بدماء الجرائم والقتل وإرهاب الدولة.
ففرنسا سنّت قانونا تحت عنوان محاکمة وتجریم من یعادی السامیة، لتحاکم العدید من مفکریها وسیاسییها، وکذلک فعلت الولایات المتحدة الأمریکیة وغیرها.
الصهیونیة تحاصر غارودی
أبرز الذین قدموا للمحاکمة بهذه التهمة، کان المفکر والفیلسوف الفرنسی روجیه غارودی، الذی فضح أسس الکیان الصهیونی عندما أصدر کتبه المشهورة: *الأرض الموعودة للیهود فی فلسطین، *الیهود شعب الله المختار، *أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، *المحرقة النازیة Holocaust، *العقیدة الیهودیة والصهیونیة السیاسیة والمسافة بین الاثنتین.. لکن غارودی فی عرضه لهذه الأساطیر المؤسسة للسیاسة الإسرائیلیة– ولدولة إسرائیل، لم یؤلف کتبا بالمعنى التقلیدی، کما قال ناشروا کتبه والذین تولوا ترجمة هذه الکتب، إذ یقول أحد الناشرین: "لقد حرص على أن یجعل من الوقائع نسیجا للحقائق، وتکون مهمة التألیف فی هذه الحالة هی وظیفة "النول" یمد الخیوط طولا وعرضا، ویصنع مساحة من القماش قابلة للنظر وقابلة للفحص وقابلة لاختبار التماسک والمتانة.
إن غارودی وهو یتعرض لکل أسطورة من الأساطیر المؤسسة للسیاسة الإسرائیلیة لم یشأ أن یناقش بنفسه أو یناقض، وإنما جاء بالوقائع من مصادرها الأولیة ومن وثائقها الأصلیة ثم ترکها تجری فی سیاقها المنطقی واصلة بنفسها إلى غایتها الطبیعیة.
غارودی لم یکتف بذلک، فقد قام بفضح من یقف وراء الکیان الصهیونی، وبالتحدید الولایات المتحدة الأمریکیة، إذ إنه أصدر کتابه "أمریکا طلیعة الانحطاط" مؤکدا على العلاقة العضویة بین الکیان الصهیونی وبین من یتبنون الدفاع عنه رغم ادعاءاتهم الکاذبة بالدیمقراطیة وحقوق الإنسان.
رجل یجرؤ على الکلام!!
وکما حدث مع غارودی الذی أصبح عدوا للکیان الصهیونی وملاحقا من قبل أجهزته، کان نصیب الکاتب الأمریکی بول فندلی بالمثل.
فندلی الذی کتب کتابه "من یجرؤ على الکلام" لم یطلق الکلام هکذا، وإنما حدد فی کتابه مواقع النفوذ الإسرائیلی فی المؤسسات الأمریکیة، محدداً النسب المئویة التی تشغل مؤسسات الرئاسة والبنتاغون بعناصر من الیمین المسیحی المتعاطفة مع إسرائیل..
لقد ذکر أن ما نسبته 30 فی المئة من هؤلاء یشغلون وظائف مهمة فی البنتاغون.. إضافة إلى تغلغل عناصر اللوبی الصهیونی فی وسائل الإعلام وقنوات الاقتصاد وغیرها، فهم یشکلون قوة ضغط هائلة على صناعة القرار فی أخطر مفاصل الأمن القومی لأقوى دولة فی العالم.. فندلی یلقی الضوء على القضایا التى تورطت فیها الشؤون العامة الأمریکیة الإسرائیلیة إیباک، ومنظمات یهودیة أخرى، لصالح إسرائیل، وکان فیها إضرار بالمصالح الأمریکیة.
یقول: إن أمریکا هی المتسبب الحقیقی فیما آلت إلیه علاقة إسرائیل بالعرب، وإلا فقد کان لدیها یوم من الأیام القوة لوقف هذه الظلم. لذا، لما علمت إسرائیل أنه لا رقیب علیها ولا حسیب أخذت تصب جام عدوانها على الشعب الفلسطینی الأعزل، ویا للعار، فإن الأزمة فی ازدیاد شدید متسارع، إن أمریکا لم تقم حتى بأبسط أدوارها الأخلاقیة الإنسانیة حتى هذه اللحظة.. یضیف فی مکان آخر: إن هذه الـ"أمریکا" لیست هی التی أعرف، لیست هی أمریکا التی قاتلنا من أجلها، إنها أمریکا مختلفة، إنها أمریکا مروعة، أمریکا وما ذاک إلا التحیز للسیاسة الخارجیة لإسرائیل ضد العرب، إنه الوقت المناسب للتغیر.
إن العلاقة من إسرائیل لم تکسبنا إلا الخسائر، والخسائر فقط، ولقد تلقیت الطعن تلو الطعن فی شخصی واتهامات متلاحقة بأننی ضد السامیة، ولکن التعریف الحقیقی لـ: "ضد السامیة" هو کراهیة عرق بذاته بأکمله.
لا لصناعة المحرقة!!
مناسبة الحدیث، ما فعله أسطول الحریة بالکیان الصهیونی، لقد قام بتعریة هذا الکیان، دموی المنشأ، إرهابی الممارسات، حیث لم یجرؤ الساسة الذین تعودوا على الوقوف إلى جانبه على الدفاع عنه بجدیة، إلا قلة تمثلت فی الأمریکیین الذین یقولون إنهم یتفهمون دفاع الکیان الصهیونی عن نفسه!! وکذلک رئیس الوزراء الإسبانی السابق أثنار، الذی شعر بأن العالم سیغیر نظرته إلى هذا الکیان، فأطلق صرخته لیقول للغرب بشکل عام، إذا انهار الکیان الصهیونی ستنهارون، منطلقا من أحقاد إسبانیة قدیمة وبتفکیر محاکم التفتیش التی لم تستثنی الیهود من جرائمها على أیة حال.
لکنّ شخصیات کثیرة فی العالم بدأت برفع صوتها عالیا ضد الکیان الصهیونی، ففی ألمانیا، حیث یقوم الکیان الصهیونی بابتزاز هذا البلد بحجة ارتکاب النازیة لجرائم ضد الیهود، ارتفع صوت برلمانی ألمانی طالب بوقف "صناعة المحرقة" ووقف التعاون مع "دولة المحتالین الیهودیة"..
عضو البرلمان فی مدینة دریزدین، وفی جلسة لبرلمان ولایة سکسونیا الألمانیة، طالب بوقف التعاون مع ما أسماه "دولة المحتالین الیهود"، وعدم التعاون مع ما أسماه "صناعة المحرقة المزدهرة".
الصحیفة الصهیونیة "یدیعوت أحرونوت" تنقل النبأ، مشیرة إلى أن هذه الأقوال لم تقل فی طهران، وإنما فی ألمانیا من قبل من وصفته "قائد الیمین المتطرف" و"نازی جدید".
عضو البرلمان الألمانی "هولغر أفل" أثار عاصفة کبیرة فی البرلمان فی سکسونیا عندما طرح على جدول الأعمال موضوعا "متفجرا" تحت عنوان "لا للتعاون مع الدول المحتالة، ووقف التعاون بین سکسونیا وإسرائیل". وجاء أنه بسبب هذه القضیة حاول ممثلو الغالبیة فی البرلمان تغییر الموضوع خشیة "المس بصورة سکسونیا" إلا أنه أصر على موقفه.
وعندما طلب منه إنهاء کلمته، رفض الاستجابة، وواصل الحدیث عن "دولة الإرهاب الیهودیة"، ورفض النزول من المنصة. وفی النهایة تم إخراجه من البرلمان، وصدر أمر بإبعاده من المناقشات حتى شهر کانون الأول/ دیسمبر.
فی حدیثه عن مجزرة أسطول الحریة، یقول: "إن الهجوم على الأسطول الذی أدى إلى سقوط 10 قتلى على الأقل یمثل نوعیة جدیدة من الإرهاب الدولی الذی تمارسه إسرائیل". یضیف: إنه منذ إقامة "هذه الدولة" عام 1948، وطرد ملایین الفلسطینیین، فإن سفک الدماء مستمر فی تاریخ إسرائیل. وفی النهایة، یطالب بقطع العلاقات بین ألمانیا وإسرائیل، وفرض عقوبات اقتصادیة علیها.
ما قاله العضو البرلمانی فی ألمانیا، کان لا بد أن ینعکس سلبا على العلاقات الألمانیة الإسرائیلیة، فإسرائیل، منعت على الفور الوزیر الألمانی دیرک نیبل من دخول قطاع غزة، وبدوره، وجه الوزیر المذکور، انتقادات شدیدة لقرار الحکومة الإسرائیلیة منعه من دخول قطاع غزة.
یقول الوزیر الذی یشغل منصب نائب رئیس جمعیة الصداقة الألمانیة الإسرائیلیة: "إن رفض السماح لوزیر التنمیة الألمانی بالدخول إلى قطاع غزة یعد أحد الأخطاء الکبیرة للسیاسة الخارجیة للحکومة الإسرائیلیة".
یؤکد متحدث باسم وزارة التنمیة الألمانیة أن المحادثات استمرت حتى اللحظة الأخیرة مع المسؤولین الإسرائیلیین حول هدف نیبل من زیارة المناطق الفلسطینیة. وکان نیبل یرغب فی زیارة محطة لمعالجة میاه الصرف الصحی یتم تمویلها بمعونة تنمویة ألمانیة.
یضیف "أحیانا لا تسهل الحکومة الإسرائیلیة الأمور على أصدقائها لتفسیر السبب فی تصرفها بالصورة التی تتصرف بها"، وإن إعلان إسرائیل الأخیر تخفیف الحصار عن غزة "لیس کافیا" وإنه یتعین على إسرائیل "الآن إنفاذ تعهدها".
الحرکة الألمانیة المعارضة للحصار الإسرائیلی المفروض على قطاع غزة تحظى بتأیید الائتلاف الألمانی الحاکم بقیادة المستشارة الألمانیة أنجیلا میرکل وکذلک تأیید الحزب الاشتراکی الدیمقراطی المعارض وحزب الخضر.
بدوره أعرب وزیر الخارجیة الألمانی غیدو فیسترفیللی یوم الأحد 20 یونیو/ حزیران عن أسفه لرفض السلطات الإسرائیلیة السماح لوفد من الحکومة الألمانیة بدخول قطاع غزة، وقال فیسترفیللی إن ألمانیا تسعى إلى الکسر التام لحصار غزة، مؤکدا أن هذا هو موقف جمیع الدول الأعضاء فی الاتحاد الأوروبی.
هی البدایة لموقف من صدیق لإسرائیل، لکنها بدایة لن تتوقف، فإسرائیل ما قبل مجزرة أسطول الحریة، وبنظر أصدقائها لیست إسرائیل ما بعد المجزرة، لکن الخشیة من أن تتوقف مثل هذه المواقف، تنبع من أن المعنیین بقضیة فلسطین، لیسوا مهتمین باستثمار مثل هذه المواقف، کما أن بعضهم کما یقال، یرید للحصار أن یستمر، ومنهم المقربون والأشقاء للأسف، ومنهم بعض الفلسطینیین أیضا، ولا عجب فی الأمر.
هناک من یجرؤ على الکلام، أما آن الأوان لنفعل ذلک نحن العرب؟!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS