بشرى اتفاق المصالحة الوطنیة بین حرکتی فتح وحماس
شاکر فرید حسن
فی غمرة الأحداث السیاسیة المتلاحقة والمتسارعة التی تعصف بالمنطقة العربیة، زفت إلینا وسائل الإعلام والفضائیات العربیة المختلفة ومواقع الشبکة العنکبوتیة، بالبشرى الآتیة من قاهرة المعز الفاطمی، وهی إنجاز اتفاق المصالحة الوطنیة بین حرکتی "فتح" و"حماس" والتوقیع الأولی على بنوده، وفی صلبها تشکیل حکومة تنکوقراط انتقالیة وإجراء انتخابات دیمقراطیة حرة.
وقد غمرت الفرحة قلوب قطاعات الشعب الفلسطینی وقواه الوطنیة والدیمقراطیة والفصائل الثوریة، بمختلف مذاهبها وأیدیولوجیاتها العقائدیة وتسمیاتها، بإنجاز هذا الاتفاق الذی انتظرناه طویلاً، والذی من شأنه أن ینهی حالة الانقسام الخطیرة فی الشارع الفلسطینی، التی ألحقت الضرر البالغ بالقضیة الوطنیة والمشروع الوطنی الفلسطینی ومسار الحرکة الوطنیة الفلسطینیة، وکانت أکبر خدمة مجانیة للاحتلال الإسرائیلی لضرب الانتفاضة الشعبیة الفلسطینیة وتمزیق الصف الوطنی وتصفیة رجالات المقاومة.
ولا شک أن هذا الاتفاق هو أحد ثمار الهبات والثورات الشعبیة العربیة والمتغیرات الجدیدة فی العالم العربی، وکذلک استجابة للإرادة الجماهیریة ونبض الشارع الفلسطینی. وتحقق بفعل الضغط الشعبی ونشاط حرکة شباب 15 آذار، التی نظمت الاعتصامات والمسیرات الشعبیة الغاضبة تحت شعار "الشعب یرید إنهاء الانقسام"، وتلبیة لرسالة المعتقلین والسجناء فی زنازین ومعتقلات الاحتلال فی یومهم النضالی، ونتیجة فشل المفاوضات الفلسطینیةـ الإسرائیلیة بالوصول إلى تسویة عادلة قادرة على إحقاق الحقوق الوطنیة للشعب الفلسطینی.
ویمکن القول إن هذا الاتفاق هو خطوة هامة على طریق استعادة الوحدة الوطنیة والمیدانیة الفلسطینیة، وإعادة ترتیب وترمیم وتلاحم البیت الفلسطینی على قاعدة ثابتة وراسخة ومبرمجة تحافظ على الخط الوطنی، ووفق برنامج سیاسی مرحلی یلبی الطموحات والأحلام الفلسطینیة فی الحریة والاستقلال.
وإن المصالحة الوطنیة هی الصخرة الصلبة التی ستتحطم علیها جمیع المؤامرات والمخططات والمشاریع الأمریکیة والإسرائیلیة، التی تستهدف مصادرة وتصفیة الحق الفلسطینی، وتکریس الاحتلال الاستیطانی الکولیونالی للمناطق الفلسطینیة المحتلة عام 1967، وإحباط المحاولات والجهود الفلسطینیة لتمریر مشروع إقامة دولة فلسطینیة مستقلة خلال انعقاد جلسة هیئة الأمم المتحدة فی ایلول القادم.
ومع الترحیب الحار بورقة المصالحة الوطنیة الفلسطینیة بین حرکتی "فتح" و"حماس" نأمل أن تکون فعلاً مصالحة حقیقیة وصادقة، ولیست هشة، تصون الخط الوطنی وتجد أجوبة للمسائل والقضایا المحوریة الأساسیة والجوهریة الخلافیة، التی من شأنها عرقلة وإعاقة تنفیذ الاتفاق، کما حصل من تفاهمات واتفاقات سابقة بین الحرکتین، وتتشبث بالثوابت الوطنیة الراسخة والبرنامج الوطنی الوحدوی المنسجم مع الطموح الفلسطینی فی بناء دولته المستقلة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS