الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

المنتصرون والخاسرون فی الحروب بالوکالة فی سوریا والعراق

وکالة القدس للانباء(قدسنا) دخل مصطلح "الحرب بالوكالة" القاموس العسكري والإستراتيجي في فترة الحرب الباردة وهي حرب بين طرفين أو أكثر يتم تقديم الدعم والمعونة الى أحد اطرافها من قبل رعاة وحماة أجانب بغية تحقيق مصالح هؤلاء الرعاة والحماة الاجانب.

وعندما بدأت الصحوة الإسلامية في المنطقة العربية انطلاقا من تونس في عام 2010 قرر الغرب اتخاذ سياسة واستراتيجية إستباقية لمنع بلورة الحضارة الاسلامية الجديدة وبادر الغرب الى التخطيط لحروب داخلية في البلدان الاسلامية كما ان الظروف الداخلية الأمريكية واتساع قدرة ونفوذ الجمهورية الاسلامية الايرانية لم يسمحا لأمريكا بالتدخل العسكري المباشر في منطقة غرب آسيا ولذلك عمدت امريكا ومعها العالم الغربي الى اشعال حرب بين اطراف الحضارة الاسلامية بدلا من الحرب بين الحضارتين الاسلامية والغربية.     

وهكذا تم التخطيط للحروب بالوكالة التي ارتكزت على ركيزتين أساسيتين أولهما الجماعات التكفيرية الجاهلة والخبيثة وأهمها داعش، وثانيهما دول المنطقة ومنها السعودية، ومن ثم بادر البيت الأبيض والبنتاغون الى تقديم الدعم السياسي والاستخباري والتسليحي والتدريبي والاستشاري الى الجماعات التكفيرية والمسلحة من جهة وتشجيع السعودية وتركيا وقطر من جهة اخرى على اشعال الحروب بالوكالة في العمق الاستراتيجي لايران أي اشعال الحروب في سوريا واليمن والعراق و ارتكاب الجرائم في البحرين وجرّ الاضطرابات نحو حدود ايران، وهذه كلها حروب بالوكالة في هذه المنطقة تهدف الى احتواء خطاب المقاومة والقضاء عليه وإضعاف قدرات ايران.  

وفي مؤتمر هرتسيليا في عام 2014 تقرر بأن تكون الإستراتيجية الرئيسية لأمريكا والكيان الاسرائيلي هي نقل المعركة الى داخل بلاد "العدو" والإختفاء خلف النزاعات الداخلية في الدول والجماعات الإسلامية بمعنى ان يتم استخدام أرواح وأموال المسلمين للقضاء عليهم أنفسهم.

كما اعتبر وزير الحرب الاسرائيلي السابق موشيه يعلون بصراحة ان وجود الجماعات الارهابية التكفيرية في المنطقة سببا لتعزيز هامش الأمن الإسرائيلي، قائلا "ان وجود الجماعات الارهابية يعني نسيان القضية الفلسطينية ونزاع المسلمين فيما بينهم".  

وهكذا يمكن القول ان رعاة وحماة الحروب بالوكالة في هذه المنطقة هم أمريكا والكيان الإسرائيلي والدول العربية مثل السعودية وقطر وكذلك تركيا، وهذا المحور الذي يعرف باسم المحور الغربي – العبري – العربي يقف في وجه محور المقاومة الذي تقوده ايران والذي يضم ايضا دولا مثل العراق وسوريا وحركات التحرر مثل حزب الله، والان تجري هناك مواجهات عديدة بين محوري المقاومة والهيمنة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والايديولوجية وان هذه المواجهات ستستمر مستقبلا.   

والان وبعد توضيح الصورة يمكننا الإجابة لماذا أصبحت دولا مثل سوريا والعراق هدفا لهجمات الجماعات الارهابية التكفيرية؟ ومن هم الجماعات التي كانت طرفا في هذه الحروب بالوكالة ومن هم المنتصرون والخاسرون فيها؟

الجماعات التكفيرية .. أفضل لاعبي الحروب بالوكالة

تتبنى الجماعات التكفيرية عقيدة وايديولوجية متطرفة نابعة من أفكار ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب والمنظرين الصهيوامريكيين، وهذه الجماعات تدخل الان حربا مع الحكومات الحليفة لمحور المقاومة، ان هذه الجماعات وحسب نظرية "العدو القريب والعدو البعيد" التي اطلقها ايمن الظواهري تبادر الان الى ارتكاب المجازر وتدمير البنى التحتية لدول المنطقة.  

ويقول المساعد السابق لرئيس جهاز السي اي ايه "مايكل برانت" : اننا بدلا من سياسة فرّق تسد البريطانية نتبع سياسة فرّق ودمّر، ولذلك اعددنا برامج واسعة لسياساتنا طويلة الأمد مثل دعم الاشخاص الذين يختلفون مع الشيعة (التكفيريين) والترويج لتكفير الشيعة حتى يقوم اتباع باقي المذاهب باعلان الجهاد ضدهم.

المتتبع للأحداث الجارية في كل من العراق وسوريا، يمكنه بسهولة من تعرية مسببات الازمة ونوايا القائمين عليها وما رافقها من مؤامرات وتواطؤات سارعت في رسم خطواتها العدوانية دول غربية وعربية على حد سواء، كانت على رأسها أمريكا والسعودية، من جهة، وما رافقها أيضا من تحالفات أو مساندات سياسية وعسكرية لمحور المقاومة والتصدي تمثلت هذه التحالفات بإيران وروسيا، من جهة أخرى.

والان وبعد مضي قرابة 6 سنوات على بدء الأزمتين العراقية والسورية وهزيمة الجماعات الارهابية يمكن القول ان هناك أفقا مضيئا یلوح امام هاتين الدولتين واذا قمنا بتحليل معمق فيمكننا معرفة الجهات المنتصرة والخاسرة في الحروب الجارية هناك والتي باتت تعرف بالحروب بالوكالة.

 الخاسرون في الحروب بالوكالة في المنطقة

اذا اردنا الاشارة بوضوح الى أبرز خاسري الحروب بالوكالة التي تجري في المنطقة فيمكننا تحديد الدول التالية:

1. أمريكا والكيان الاسرائيلي

تعتبر أمريكا واللوبي الصهيوني الرأس المدبر للحروب بالوكالة والذي يتبعه اللاعبون الآخرون، ويقول رئيس مركز دراسات ستراتفورد في أمريكا "جورج فريدمن" في مقال له ان استراتيجية امريكا في المنطقة حتى عام 2000 كانت التدخل المباشر لكن فيما بعد بادرت امريكا الى بناء تحالفات جانبية ايضا وايجاد توازن للقوى في المنطقة وهذه ستكون الاستراتيجية الامريكية في الفترة المقبلة والتي تبقي واشنطن خلف الستار وتقلل من نفقاتها وتكاليفها.

لقد بادرت واشنطن خلال تنفيذ استراتيجية الحروب بالوكالة الى ايجاد تحالفات بين دول عربية مثل السعودية وبين الجماعات المسلحة الارهابية ومن جهة أخرى أشعلت الحروب بالوكالة عبر استغلال النزاعات الايديولوجية التي لاتتراجع اطرافها عن الصراع حتى النهاية خلافا لأنماط الحروب الأخرى.

 لقد فشلت المشاريع الأمريكية الاسرائيلية في غرب آسيا ومنها الشرق الاوسط الكبير وتقسيم بلدان المنطقة وقد أذعن اوباما بذلك في خطابه الأخير عن سوريا.   

2. السعودية وقطر وتركيا

أصبحت هذه البلدان الثلاثة عناصر في الحروب بالوكالة التي دبرتها أمريكا وهم يشكلون الأدوات اللوجستية لهذه الحروب والتي تقدم الدعم المالي والبشري والعسكري للارهابيين في المواجهة مع محور المقاومة، وقد كتبت جريدة الحياة الممولة سعوديا انه مع سيطرة النظام السوري على حلب يجب اغلاق ابواب الجامعة العربية بشكل نهائي.   

ان الحصة الأكبر من الهزيمة بين دول الجامعة العربية كانت من نصيب السعودية وقطر اللتين انفقتا اموالا طائلة لدعم الارهابيين في العراق وسوريا دون تحقيق مكاسب كما خسروا اخلاقيا مكانتهم عند الرأي العام في المنطقة.    
 اما تركيا التي نذرت نفسها لاسقاط بشار الاسد ليس فقط لم تحقق حلمها بل أصبحت تواجه ازمات داخلية أمنية وإقتصادية فيما أصبحت علاقاتها مع جيرانها وخاصة روسيا وايران متدهورة بسبب سياساتها التدخلية.
وهناك نماذج كثيرة عن هزائم المحور الغربي- العربي- العبري التي يمكن الاشارة اليها مثل الاندحار في حلب والذي يعتبر هزيمة من العيار الثقيل.

 المنتصرون في الحروب بالوكالة

لايخفي على أحد ان الهدف الرئيس للحروب بالوكالة كان إضعاف محور المقاومة وخاصة ايران فالجماعات الارهابية التي استهدفت العراق وسوريا اعلنت بأن استراتيجيتها التالية هي جرّ الاضطرابات نحو ايران لكن هؤلاء أخفقوا في تحقيق أهدافهم بعد الهزيمة في العراق وسوريا ولذلك يمكن القول ان المنتصرین الرئيسيین في الحروب بالوكالة هم دول محور المقاومة التي تقودها ايران، بالاضافة الى روسيا، واليوم هناك من يعتبر معركة حلب بمثابة رصاصة الرحمة التي اطلقت على مشاريع الدول الرجعية والعميلة بشهادة وسائل الاعلام التابعة لهذه الدول والتي اعترفت بالهزيمة امام ايران.

وقد قالت قناة بي بي سي البريطانية ان المنتصر في معركة استعادة حلب كانت ايران وان الخاسر هي السعودية، مضيفة بأن معركة حلب يمكن ان تؤدي الى اظهار ايران كقوة عظمى في المنطقة.

اما المستشار الخاص لرئيس مؤسسة الابحاث الاستراتيجية الفرنسية فرانسوا ايسبورغ فقد كتب في مقال في مجلة لاكرا ان ايران وروسيا هما المنتصرتان الاستراتيجيتان في الأزمة السورية فإيران حافظت على خط ارتباطها مع حزب الله في لبنان وبات حضورها ضروريا في المنطقة بسبب دور الحرس الثوري وحزب الله والحركات الشيعية في العراق وسوريا.
 
وبالاضافة الى محور المقاومة يمكن القول ان روسيا ايضا تعتبر من المنتصرين في الأزمة السورية فقد حسنت موسكو صورتها عالميا وزادت من اعتبارها دوليا وهذا سيساعدها على تنفيذ سياساتها في باقي مناطق العالم وخاصة في المواجهة مع اوروبا.

واخيرا يجب القول ان محور الهيمنة (أمريكا وحلفائها) كان ينوي تنفيذ سياسات عديدة في المنطقة من وراء حروبه بالوكالة مثل التقسيم والحروب الداخلية وحروب الاستنزاف والحروب الطائفية لكن هزيمة هذه السياسات والمشاريع في العراق وسوريا ليس فقط أفشلت مخططات محور الهيمنة بل فتحت المجال امام اتساع دائرة نفوذ محور المقاومة في المنطقة.

المصدر: الوقت

 


| رمز الموضوع: 151871







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)