الاحد 13 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

انسحاب ترامب من
سوريا إلى أين؟

الميادين

وكالة القدس للانباء(قدسنا) لم يشر الرئيس ترامب صراحة إلى وجهة القوات الأميركية المنسحبة من سوريا سوى بالإطار العام بأنها ستعود إلى البلاد. واتهمه خصومه أنه لم "يستشر أي من الشركاء الاستراتيجيين من بينهم فرنسا والاردن واسرائيل".

 

مصادر عسكرية أميركية في العراق، في سياق إبلاغها حلفائها بقرار الرئيس ترامب، أوضحت لـ "مسؤول أمني عراقي" بأن القوات المنسحبة من سوريا "ستستقر في القاعدة العسكرية (الأميركية) في أربيل بشمال العراق. وأنها ستباشر بوضع نقاط حدودية بين سوريا وإقليم كردستان العراق" حيث شرعت القوات الأميركية في إنشاء "مركز عمليات عسكرية مشترك مع قوات البيشمركة" الكردية على الحدود العراقية ــ السورية.

 

في هذا السياق جاءت تصريحات "أمنية أردنية" مؤخراً لتضيء جانباً آخراً من المخطط الأميركي مؤكدة أن "هناك جهداً مشتركاً على المستويات السياسية والأمنية من وراء الكواليس بين الأردن وإسرائيل والسعودية، لتقليل التهديد الذي تشكله سوريا وإيران، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها ستسحب قواتها من سوريا. وأن واشنطن أوضحت للبلدان المعنية أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية المتعددة ستزيد بشكل كبير من التعاون الأمني مع إسرائيل والأردن والسعودية".

 

التواجد العسكري الأميركي لافت في سوريا أبرزه "مطار الرميلان" بمحافظة الحسكة، بالقرب من الحدود المشتركة مع كل من تركيا والعراق. وهي منطقة غنية بآبار النفط التي "تسيطر" عليها قوات سوريا الديموقراطية – قسد.

 

كما أن لواشنطن خمس مواقع عسكرية أخرى في تلك المنطقة ما بين نهري دجلة والفرات هي قاعدة الشدادي الجوية بين محافظتي الرقة ودير الزور السوريتين، وأخرى قرب نهر الخابور بمحاذاة الحدود السورية ــ العراقية تضم مهبطاً للطائرات المروحية ومعسكراً للتدريب وموقعاً عسكرياً في عين العرب – كوباني، على الحدود العراقية التركية، وسبت وعين عيسى وخراب عشق.

 

تتواجد القوات الأميركية أيضا في قاعدة عسكرية بمدينة (تل أبيض) في محافظة الرقة. وأنشأت قاعدة عسكرية بالقرب من حقل العمر النفطي في محيط مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، إضافة لقاعدتي "المبروكة" و "تل البيدر" في محافظة الحسكة اللتين كانتا المعقل الرئيس لتنظيم "داعش".

 

أما في جنوب سوريا، فلواشنطن حضور عسكري "ذات أهمية استراتيجية،" في قاعدة التنف عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن؛ سبقها إنشاء قاعدة في منطقة (الزكف) التي تبعد نحو 70 كلم شمال شرقي التنف زودتها بأثقل واضخم منظومة راجمات صاروخية في الجيش الأميركي من طراز "الراجمات الصاروخية المتعددة – HIMARS"  لتعزيز قاعدة التنف.

 

وجاء في تقرير استخباراتي أميركي العام الماضي أن الهدف من إنشاء هذه القاعدة هو إغلاق الطريق أمام أرتال القوات السورية و"حزب الله،" للسيطرة على مدينة البوكمال، 200 كلم شمال شرق التنف، و"لمنع إيران إنجاز جسرها البري إلى البحر المتوسط مروراً بالعراق".

 

لكن هذا التواجد العسكري كلفته باهظة كما يجمع انصار ومناوئو الرئيس ترامب على إدراج الكلفة المادية "للمغامرات العسكرية" كأولوية في جملة اعتباراته وقراراته. وجاءت أحدث احصائيات صادرة عن وزارة الدفاع لتشير إلى أرقام غير مسبوقة في الإنفاق العسكري، مشيرة إلى حجم الكلفة العسكرية "المباشرة للحروب الأميركية منذ عام 2010 بأنها بلغت 1.77 تريليون دولار؛ منها 756 مليار للحرب على العراق وسوريا، 730 مليار في الحرب على أفغانستان .." يستثنى من تلك الميزانيات المكلفة التي تتحملها وزارة الخارجية في بند "الشؤون العسكرية،" والتي "ربما" تراوحت بين 127 مليار إلى 132 مليار دولار لذات الفترة الزمنية.

 

أما الخسائر البشرية جراء المغامرات المتعددة فتشير وزارة الدفاع إلى "مقتل نحو 7000 جندي وجرح 52،783 خلال هذه الفترة الزمنية. ولم يتم التيقن من كلفة تأهيل الجرحى والمعاقين حتى الآن لكنها في ارتفاع مضطرد.

 

دولياً، عارضت وتحفظت القوى الغربية الحليفة لواشنطن إعلان الرئيس ترامب، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، معربة عن "دهشتها" الجماعية وبأن القرار "يهدد بالحاق الضرر بالحرب ضد الدولة الإسلامية التي لم ينته تهديدها بعد، وتقوض النجاحات التي تحققت" للآن.

 

تركيا رحبت بالقرار الذي أتى عقب مشاورات مكثفة بين الرئيسين، اردوغان وترامب، وتعهد الأخير الاعداد لتسليم أنقره خصمها اللدود المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن؛ وإعلانها عن قرب بدء عمليات عسكرية واسعة ضد "قسد" اعتبرها البعض أنها جاءت "بمباركة أميركية." مسؤول في الخارجية الأميركية، رفض الإفصاح عن هويته، أوضح أن قرار الانسحاب جاء "بعد اتصال هاتفي بين ترامب واردوغان، وكل ما حدث بعد ذلك جاء في إطار تنفيذ الاتفاق الذي توصلا إليه".

 

روسيا رحبت بحذر بالقرار الأميركي إذ جددت الخارجية الروسية معارضتها "للوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا (وانه) يشكل عائقاً خطيراً أمام حل الأزمة". لكن رئيس لجنة الدفاع الوطني بمجلس النواب، الدوما، فلاديمير شامانوف صرح بأن الأميركيين لا ينسحبون أبداً من مواقع سبق أن احتلوها وهم يبتكرون مبررات للبقاء.

 

أثار قرار ترامب ثائرة القوى المؤيدة لمعسكر الحرب التي "تبنت" مسألة دعم انفصال الكرد في كل من العراق وسوريا، أبرزها السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي وصف قرار الرئيس ترامب بأنه "وصمة عار في شرف الولايات المتحدة؛ وتنكر للحلفاء الأكراد،" متوعداً وأقرانه بمساءلة الإدارة بعقد جلسات استماع في مجلس الشيوخ في الأسابيع المقبلة. وإمعاناً في "إحراج" الرئيس ترامب، أعلن غراهام عن نيته زيارة القوات العسكرية الأميركية المتواجدة في أفغانستان خلال فترة أعياد الميلاد المجيد.

 

وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس سارع إلى تقديم استقالته فور الإعلان الرئاسي بالانسحاب مشيراً إلى "خلافاته السياسية" مع الرئيس ترامب، فيما يخص بسوريا ومناطق أخرى، لا سيما وأنه "وافق" على إرسال قوات عسكرية مؤللة للمرابطة على الحدود الجنوبية المشتركة مع المكسيك للتصدي لموجات المهاجرين الوافدين عبر المنطقة الحدودية.

 

بالمقابل، لوحظ غياب تام لأي استقالات من المناصب الديبلوماسية، بمن فيهم المبعوثين الرئاسيين للتحالف الدولي ولسوريا، بريت ماكغيرك وجيمس جيفري، على التوالي. بيد أن اللافت في قرار ترامب كان إعلان "مسؤول" اميركي رفيع عن "إجلاء كافة موظفي وزارة الخارجية من سوريا خلال 24 ساعة".

 

الخاسرون، وفق التقييمات الأميركية، هم حلفاء أميركا أبرزهم "اسرائيل وهي من ضمن لائحة أكبر الخاسرين"، وفق تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، 19 الشهر الجاري، والكرد "الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة،" وآخرين منهم "الأردن ولبنان".

 

أما خسارة الولايات المتحدة الصافية، وفق التقرير أعلاه، فتتمثل "بتخليها علن ثلاثية أهدافها المعلنة لتبرير وجودها في سوريا: إلحاق هزيمة مؤكدة بداعش؛ إخراج القوات الإيرانية والقوى الرديفة من سوريا؛ وحل سياسي مرحلي مبرم وغير قابل للنقض." وأضاف بأن الأمر "المحيّر يكمن في أن خصوم الولايات المتحدة لم يتحملوا أي كلفة لتحقيق تلك النتيجة".

 

ما تنطوي عليه المرحلة المقبلة، من وجهات النظر الأميركية المتعددة، فيما يخص "شرقي سوريا،" يتأرجح بين احتمالين: الأول، غزو تركي لمنطقة شرقي نهر الفرات التي تتجمع فيها "وحدات الحماية الشعبية الكردية، بعد الحصول على ضوء أخضر أميركي بذلك، والتي تتراوح أعدادها  بين 30 ألفا الى 60 ألف مقاتل، وما سينجم عنها من موجات هجرة ولاجئين إلى اتجاهات متعددة. الثاني، "عودة" حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وجناحه العسكري الى التفاوض مجددا مع الحكومة السورية والتي ستجري بمعزل عن أي دعم أميركي، مما سيعيد لدمشق السيطرة وبسط سيادتها على أراضيها التي كانت مسرحاً وخنجراً في ظهرها لمدة طويلة.

 




محتوى ذات صلة

رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية
رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية

أكد رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية "علي الدراجي" في حديث لوكالة القدس للأنباء (قدسنا) ان بايدن و ترامب هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية.

|

رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ": 

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية
رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية لـ "قدسنا ":

ترامب وبايدن هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية

أكد رئيس تحرير جريدة "المستقبل" العراقية "علي الدراجي" في حديث لوكالة القدس للأنباء (قدسنا) ان بايدن و ترامب هما من نفس المحتوى الفكري التي تغذيه الماسونية الصهيونية.

|

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

اعتبر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي سحب السلطة عن شكوى تقدمت بها إلى محكمة العدل الدولية بشأن اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة للاحتلال بأنها خيانة وطعنة في الظهر.

|

إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين
إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين

أكد خبراء و محللون سياسيون فلسطينيون لـ«قدسنا» أن الولايات المتحدة الأميركية تمارس الخداع السياسي تحت مسمى مبادرات السلام، فأي خطة أميركية جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل" ستهدف إلي إدارة الأزمة في المنطقة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

|

المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)