احتلال بثوب أمني.. السلطة تصعد جرائمها في جنين

شهد مخيم جنين، اليوم الأحد، اشتباكات مسلحة هي الأعنف منذ بدء عملية أمن السلطة، وذلك بعد محاولة أجهزة الأمن دخول المخيم من جهة حارة الدمج، وفقًا لمصادر محلية. وقد فجرت المقاومة عبوات ناسفة، بينما أطلقت أجهزة أمن السلطة قذيفة صاروخية ثانية خلال الاشتباكات.
كما أظهرت مقاطع صوتية انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي حدة الاشتباكات التي يشهدها المخيم، وسط استمرار الحصار الخانق منذ بدء هجوم السلطة على المخيم. وتزامن ذلك مع حصار مشدد وانتهاكات ضد سكان المخيم، واعتداءات بالضرب على المواطنين الذين تظاهروا رفضًا لجرائم السلطة في المخيم، في محاولة لمنع تفكك المجتمع الفلسطيني.
وتستمر السلطة في جنين بارتكاب جرائمها التي لا تغيب عنها بصمات الاحتلال الإسرائيلي، وهي بصمات تظهر في سلوك وأداء أجهزة أمن السلطة التي تسير على خطى إسرائيل. ويبدو أن السلطة بدأت تقدم في جنين نموذجًا مصغرًا لجرائم الاحتلال في قطاع غزة، التي تستمر منذ عام وثلاثة أشهر.
الجريمة التي تستمر منذ 39 يومًا في مخيم جنين، وتحظى برضى وتعاون أمني بين الاحتلال والسلطة، تختصر المشهد الذي تقف فيه السلطة ضد شعبها ومقاومته، في وقت يعد من الأصعب الذي تمر به القضية الفلسطينية.
صرّحت اللجنة الإعلامية في المخيم، في بيان موجه للرأي العام المحلي والدولي، بأن "أجهزة أمن السلطة استهدفت منازل الفلسطينيين بالقذائف، بما في ذلك استخدام صواريخ (RPG) وقذائف الأنيرجا، ما أدى إلى تدمير منازل وإصابة العديد من المدنيين بجراح خطيرة".
وأوردت اللجنة الإعلامية انتهاكات إنسانية خطيرة طالت حياة الفلسطينيين داخل مدينة جنين ومخيمها، كان أبرزها استمرار الحصار الخانق منذ 39 يومًا، الذي عرقل حركة السكان، وقطع عنهم الكهرباء والمياه، وحوّل منازلهم إلى نقاط عسكرية.
وأضافت اللجنة الإعلامية أن أجهزة السلطة "استهدفت المستشفيات والطواقم الطبية، واقتحمت مستشفى ابن سينا واعتقلت جرحى واعتدت على المسعفين"، مشيرة إلى إصابة عدد من المدنيين برصاص أجهزة السلطة، من بينهم الشابة ريماس عطايا التي أصيبت برصاص مباشر. كما وثقت اللجنة إطلاق النار العشوائي على منازل المدنيين، وتحويل أحياء سكنية إلى ساحات حرب، "في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني".
وسجلت اللجنة انتهاكات أخرى طالت الصحفيين و"الأصوات الحرة"، ومنها تعرض الصحفي جراح خلف للتعذيب على خلفية تغطيته لأحداث جنين، وتوجيه تهم باطلة له، منها حيازة سلاح وتصوير مؤتمرات صحفية للمقاومة.
وصرّح قيادي في كتيبة جنين بأن جميع المبادرات المرتبطة بإنهاء أحداث المخيم معطلة بسبب قرار سياسي صادر عن رئيس السلطة. وأوضح أنه في كل مرة تصلهم رسائل من أعلى المستويات في السلطة، تؤكد أن الحل بالنسبة لهم يتمثل في استمرار الحملة العسكرية أو تسليم المقاومين لسلاحهم وأنفسهم.
وقال القيادي: "هذا الخيار مرفوض بالنسبة لنا والمقاومة"، مضيفًا: "أي حوار لإنهاء الأزمة في مخيم جنين يجب أن يكون مبنيًا على عدم المساس بسلاح المقاومة، ونحن مستعدون لمناقشة كل شيء عدا ذلك".
وأشار إلى أن غالبية عناصر الأجهزة الأمنية من أبناء مخيم جنين محتجزون في مقرات الأمن بسبب الأحداث، بتهمة تقديم معلومات للكتيبة أو المشاركة في أعمال مقاومة.
وقد انتهجت السلطة أساليب الاحتلال في غزة، بدءًا بحرق المنازل، حيث أقدمت عناصر أمنية على حرق منزل عائلة الشهيد جميل العموري، أحد قادة كتيبة جنين. وأظهرت صور للمنزل تصاعد الدخان منه واحتراق غالبيته، وسط حالة من الاستهجان بين المواطنين، الذين يؤكدون أن حصار المخيم يشتد مع استمرار سياسة حرق المنازل.
إلى جانب استهداف الصحفيين واقتحام المستشفيات واعتقال الأطباء على نهج الاحتلال في غزة، قالت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية إن أجهزة أمن السلطة اعتقلت الدكتور قاسم بني غُرة، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى جنين الحكومي، منذ نحو أسبوعين. وأوضحت اللجنة أن الطبيب يتعرض لتعذيب شديد داخل سجن الجنيد بمدينة نابلس منذ اعتقاله.
ودعت اللجنة جميع المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية إلى الضغط على السلطة للإفراج عن الطبيب بني غُرة وجميع المعتقلين.
وتشبه هذه المطالبات تلك التي تصدر في غزة، التي تطالب بالكشف عن مصير العديد من المعتقلين والأطباء، مثل مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية.
ويبدو أن الهدف الأول للسلطة من هذه الحملة هو إثبات قدرتها على العمل في مدن ومخيمات الضفة ضد المقاومة الفلسطينية، بأسلوب لا يختلف عن أداء الاحتلال في غزة أو الضفة. وفي المقابل، تحاول السلطة استغلال هذه الأزمة وتضخيمها لزيادة ميزانيتها. فقد كشف موقع "ميدل إيست" البريطاني أن السلطة الفلسطينية طلبت من الولايات المتحدة الموافقة على خطة أمنية لمساعدتها، بقيمة 680 مليون دولار على مدى 4 سنوات، مقابل القضاء على المقاومة في مخيم جنين.
ونقل الموقع عن مصدر أمريكي وآخر مقرب من السلطة قولهما إن الخطة الأمنية تتضمن تدريب القوات الخاصة التابعة للسلطة، وتعزيز إمداداتها من الذخيرة والمركبات المدرعة.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS