qodsna.ir qodsna.ir

قمة دمشق.. المهم الحضور

أهمیة قمة دمشق القادمة، تکمن فی أنها ستکشف بوضوح استقلالیة الزعماء العرب ومدى جرأتهم على تجاوز التبعیة للقرار الأمریکی، خصوصاً وأن هذه القمة، سیتم عقدها فی المکان الذی تصنفه أمریکا ضمن محور الشر.

فمواقف دمشق من حزب الله ومن المقاومة الفلسطینیة، ومن مجمل ملفات المنطقة، وعلى رأسها فی الفترة الحالیة الملف اللبنانی، کفیلة بأن تجعل أمریکا تضغط على الزعماء العرب، من أجل دفعهم نحو مقاطعة القمة.

ربما کان متوقعا منذ البدایة، أن لا یحضر عدد من الزعماء العرب، فی دول محوریة، وکان یمکن أن یکون هناک بعض المبررات المعلنة، وغیرها، لکن یبدو ان الأمور باتت تسیر باتجاه مختلف تماماً. فأمریکا لا ترید مقاطعة بعض الزعماء العرب فقط بما یضعف القمة ویجعلها قمة عابرة من قمم العرب المعروفة، لکنها لا ترید انعقاد هذه القمة أصلاً وبالتالی هی تسعی إلى تعطیلها بالکامل، لأنها ترى أن هذه القمة سوف تکون قمة مقاومة بالکامل، خصوصا انها تأتی فی ظرف حساس: غزة تحت الحصار، وإسرائیل لا تزال تصر على سیاسة الاغتیالات، وبالتالی فإن الملف الحاضر والأکثر بریقا من الملف اللبنانی، هو بالتأکید ملف فلسطین المثخنة بالجراح.

القمة إذا حضر إلیها محمود عباس ستکون فرصة لالتقائه مجدداً مع خالد مشعل وبالتالی یکون ثمة تحریک جدید للملف الفلسطینی باتجاه المصالحة، وإذا حدث وتمت هذه المصالحة، فإن البرنامج الإسرائیلی المدعوم أمریکیاً، سیتضرر هناک، لصالح بلورة واقع جدید، ینتهی بتقویة السلطة، التی لن تخسر بعودة حماس والحوار بمقدار ما تخسره یومیا من معرکة المفاوضات غیر المجدیة.

الصورة أیضا ستکون مشابهة فی الملف اللبنانی، فحضور السنیورة إلى دمشق، هو أمر غیر مرغوب به من الجانب الأمریکی، لأن أمریکا لا ترید بالأساس انتخاب رئیس فی لبنان، فالمطلوب أن یکون لبنان نموذجاً على الطریقة الصومالیة، حیث فی کل منطقة أمیر حرب، وهذه من وجهة نظر أمریکا، أفضل لتأمین الحمایة الأکثر لإسرائیل، إذ إن اشتغال الاطراف اللبنانیة فی صراعات داخلیة، سوف یمنح المزید من الوقت لإسرائیل، لعلها تعید بناء جیشها، من اجل معرکة قادمة، خصوصاً أن الجیش الإسرائیلی قد أخفق فی تحقیق الردع المطلوب منه، وبالتالی هناک سعی نحو تأجیل کل الملفات اللبنانیة، لأن رئیس الدولة فی حالة قدومه إلى لبنان، سوف یکون أمام استحقاق لبنان ومطلب لبنان القاضی بالوقوف إلى جانب المقاومة، ولا نظن أن هناک رئیسا یمکنه أن یکون فی لبنان، ویکون أمریکیاً بالکامل، أمام واقع لا یقبل بالتخاذل والانهزام أمام إسرائیل المهزومة هناک.

من هنا، لا نظن أن تعطیل القمة سیأتی فقط من خلال غیاب أو تغییب بعض الزعماء العرب من الدول العربیة المحوریة، ولکن الخطر القادم، هو أن تمنع أمریکا محمود عباس والسنیورة من التوجه إلى دمشق، وربما یتم إرسال وفد بمستوی متدن لا یرقی إلی مستوی توقیع الاتفاقات، من أجل تغییب الملفین الفلسطینی واللبنانی عن طاولة الحوار. قمة دمشق فرصة تاریخیة للزعماء العرب لکی یثبتوا أنهم یستطیعون اتخاذ قرارات مستقلة، وهی مهمة من أجل لبنان، ومهمة جدا للوفد الفلسطینی، وربما لا یهم فی نهایة الأمر مستوی التمثیل فیها لبعض الدول العربیة، لکن الحضور هو الذی سیکتسب الأهمیة الکبرى.

( للکاتب الفلسطینی أیمن خالد )

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 139466