السبت 12 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

الحرب السریة الإسرائیلیة الى جانب أمریکا فی العراق

ذکرت صحیفة معاریف الإسرائیلیة یوم الإثنین 25 شباط /فبرایر 2008، ان جندیا إسرائیلیا قتل بانفجار لغم فی بغداد خلال الأسبوع السابق. وأوضحت أن الجندی "عامی حای بیتون " قتل على الفور فی انفجار اللغم، مشیرة إلى أنه تطوع للخدمة فی صفوف قوات الاحتلال الأمریکی فی العراق.

الخبر المقتضب هو ذرة من قمة جبل الجلید العائم والمثقل بالأحجار لإخفاء وطمس حقیقة تورط إسرائیل بکل أجهزتها العسکریة والاستخباراتیة والصناعیة فی الحرب الأمریکیة ضد البوابة الشرقیة للأمة العربیة، تلک الحرب التی من بین أهدافها رسم خریطة جدیدة لما یسمیه المحافظون الجدد، الشرق الأوسط الکبیر والذی یریدون أن یضم مستقبلا بدل 22 قطرا عربیا 56 دویلة مما سیشکل ضمانة لاستمرار إسرائیل ولفرض سیطرة وهیمنة القوى الاستعماریة على مقدرات وثروات المنطقة.

نشر خبر مقتل جندی إسرائیلی واحد قد یکون خطأ وهفوة ارتکبتها معاریف أو ربما هناک سبب آخر ستکشف عنه الأیام. فالمعروف أن إسرائیل تتکتم بصورة مطلقة على کل نشاطاتها الناتجة عن تدخلها فی العراق خاصة منذ حرب 1991 التی أسفرت عن نجاح الولایات المتحدة فی جعل أجزاء من شمال العراق خارج سیطرة الحکومة المرکزیة وتحت سیطرة الکرد برئاسة الطلبانی والبرزانی.

إسرائیل تتمسک بالکتمان حول کل تحرکاتها فی العراق وخاصة الخسائر شأنها شأن شرکات الأمن الخاصة او بالأحری المرتزقة التی تملک ما بین 120 و140 الف جندی فی العراق ولا یتحدث احد عن خسائرها.

الحرب الشاملة

إسرائیل دخلت الحرب الشاملة بالفعل اسابیع قبل انطلاقتها الرسمیة فی اذار /مارس 2003، حیث نشرت فی الصحف الإسرائیلیة ابتداء من کانون الأول /دیسمبر 2002 أخبار عن قیام وحدات إسرائیلیة خاصة بالنزول فی غرب العراق، حیث المکان المفترض لإطلاق أی صواریخ سکاد منه على إسرائیل بهدف دراسة المنطقة جغرافیا وعسکریا قبل توجیه ضربات إسرائیلیة فیها ساعة انطلاق الحرب.

فی حین ذکر وزیر الحرب الإسرئیلی موفاز فی ختام زیارته فی ذلک التاریخ للولایات المتحدة ان إسرائیل ستساهم فی تخطیط الحملة العسکریة لتدمیر قاذفات الصواریخ فی غرب العراق. ونقلت صحیفة یدیعوت أحرونوت الصادرة فی 18 کانون الأول /دیسمبر 2002 عن مصدر فی حاشیة موفاز: أن الهجوم على العراق قد یبدأ فی غضون أسابیع معدودة وهو ما حدث بالفعل، وخلصت اللقاءات إلی اتفاق تعاون مشترک بین الطرفین، الإسرائیلی والأمریکی، بخصوص التخطیط لشن هجوم على أهداف فی غرب العراق من طرف إسرائیل دون الإعلان عن ذلک وبموافقة ضمنیة من سلطات عمان.

حجم وطبیعة المساهمة الإسرائیلیة فی حرب العراق التی انطلقت بالغارات الجویة الأمریکیة الکثیفة یوم الخمیس 19 اذار /مارس 2003 محاط بسریة مطلقة حتى الآن ولکن مصادر إعلامیة عدیدة تحدثت فی تلک الفترة عن سماع او مشاهدة حرکة طیران غیر عادیة فی سماء الأردن ذهابا وإیابا حتى خلال ساعات النهار. وفی وقت لاحق ذکر بدو من القبائل التی تسکن المثلث الصحراوی الذی یشمل غرب العراق وشرق الأردن وسوریة عن تحطم طائرات عمودیة عسکریة ومقتل الکثیر من الجنود الذین لم تعلن عنهم واشنطن شیئا وأنه فی کل مرة کانت تسقط فیها طائرة تأتی اخرى لإجلاء الجثث وقد توجه غالبها غربا نحو الأردن او فلسطین المحتلة.

بعد الاحتلال وتنصیب بریمر حاکما أمریکیا للعراق دخل الکیان الصهیونی فی جهاز التحکم فی العراق عبر ما سمی بالمستشارین. أغلب هؤلاء الوزراء المستشارین کانوا من الیهود أو الأقرب إلى الصهیونیة عموما، فوزارة الشباب والریاضة حکمها لفترة دون إیبرلی وهو رجل دین مسیحی أصولی وأمریکی طبعا، وفی وزارة التعلیم والبحث العلمی برز دور الیهودی دور أیردمان المتخصص فی مکافحة الإرهاب، وکان مستشار وزارة المالیة هو الیهودی دیفید نومی وفی وزارة الزراعة نصب عدد من المستشارین أبرزهم الیهودیان هولی شاتز و دون أمستونز وفی بقیة الوزارات وضع مستشارون أمریکیون على ذات الشاکلة. ففی النقل والاتصالات دیفید لینش ، وفی وزارة العدل کلینت ولیامسون ، وفی وزارة النفط فیلیب کارول .

إسرائیل وراء الحرب

تل أبیب کانت أکبر المحرضین على الحرب ضد العراق وأکبر المستفیدین منها.

فی الثلث الأول من شهر تشرین الثانی /نوفمبر 2006 کشف الکاتب الأمریکی ستیفن سینغوسکی فی وثیقة تحلیلیة استند فیها إلی مواقف وأفکار دیبلوماسیین ومحللین سیاسیین أمریکیین وإسرائیلیین أن أحد الأهداف الرئیسیة للحرب الأمریکیة على العراق هو حمایة إسرائیل .

وتحدث سنیغوسکی عن الدوافع التی تجعل دولة عظمى تخوض حربا من أجل حمایة دولة لا یکاد یکون لها وزن على الخارطة، وتحدث أیضا عن المحافظین الجدد داخل الإدارة الأمریکیة وکیف انشقوا عن الدیمقراطیین فی ستینیات وسبعینیات القرن الماضی وجعلوا من الدفاع عن إسرائیل مبدأ أساسیاً وهدفاً محوریا فی سیاستهم.

وتحدث الکاتب الأمریکی فی هذه الوثیقة عن أهم ما جاء فیها على حلقات عن علاقة أحداث 11 ایلول /سبتمبر 2001 بغزو العراق.

وینقل سنیغوسکی عن المؤرخ والدیبلوماسی الأمریکی بول شرودر قوله إن الدافع الخفی للسیاسة الأمریکیة التی قادت إلى غزو العراق هو أمن إسرائیل .

ویضیف شرودر: إذا کان أمن إسرائیل هو الهدف الحقیقی لهذه الحرب فإن ذلک یمثل أمرا فریدا فی التاریخ فالمعروف أن القوى الکبرى تعمل على تحریض القوى الصغرى وإثارة الخلافات بینها حتی تتأجج نار الحرب بشکل یحقق المصالح العلیا لتلک القوى ، ولکن یبدو أن هذا هو المثال الأول فی التاریخ حیث تخوض قوة عظمى حربا بالوکالة عن دولة صغیرة !

وحسب سینغوسکی فإنه لاکتشاف دوافع الحرب الأمریکیة علی العراق لا بد من السؤال التالی: کیف قادت هجمات 11 ایلول /سبتمبر 2001 إلی التخطیط لهذه الحرب على العراق رغم انعدام أی دلیل على تورط العراق فیها؟

ویمضی الکاتب الأمریکی قائلاً إنه منذ الیوم الأول لتلک الهجمات سعى المحافظون الجدد وخاصة أولئک الذین ینحدرون من أصل یهودی أو المحسوبین على الفکر الصهیونی الیمینی إلى الرکوب على الأحداث واتخاذ الهجمات ذریعة لإعلان حرب واسعة النطاق على ما أسماه الإرهاب الإسلامی حیث تمثل الدول المستهدفة فی هذه الحرب أعداء إسرائیل .

وأشار الکاتب إلى أنه حتى قبل أحداث 11ایلول (سبتمبر) 2001 دافع المحافظون الجدد علنا عن فکرة شن حرب علی العراق، وأنهم کانوا ینتظرون ذریعة لإعلانها.

وأشار کریستیان إلى أن عددا کبیرا من المحللین الإسرائیلیین باتوا على قناعة بهذه الفرضیة حیث کتب المعلق الإسرائیلی عکیفا الدار فی صحیفة هآرتس أن ریتشارد بیرل ودوغلاس فیث وأصدقاءهم الاستراتیجیین خلقوا توازنا فی أدائهم بین التزاماتهم تجاه الحکومات الأمریکیة والمصالح الإسرائیلیة.

وتحدث الکاتب عن حرب  الکویت عام 1991 مشیرا إلى أن الصقور المؤیدین للحرب من المحافظین الجدد مثل بیرلو فرنک غافنی وویلیام سافیرو روزنتال کانوا یؤیدون الفکرة التی تقول ان الهدف من الحملة العسکریة آنذاک لیس إجبار العراق على الخروج من الکویت فحسب، وإنما أیضا تدمیر القدرة العسکریة العراقیة وتحدیدا قدرته على تطویر الأسلحة النوویة والصاروخیة، وهو ما أیدته إدارة بوش الأب.

مدرعات واسلحة إسرائیلیة

بعد ذلک وبفاصل أربعة أشهر تقریبا ویوم الثلاثاء 24 نیسان /أبریل 2007 ذکرت اذاعة الجیش الاسرائیلی ان شرکة اسلحة اسرائیلیة ستزود وحدات مشاة البحریة الامریکیة المارینز المنتشرة فی العراق بحوالی ستین آلیة مصفحة من نوع جولان . ضمن عقد أول بقیمة 37 ملیون دولار. واضافت الاذاعة ان تسلیم الالیات الى وحدات المارینز سیحصل فی الاشهر الثلاثة التالیة.

وذکرت شرکة رافایل ان جولان آلیة جدیدة زنتها 15 طنا عرضت فی ایلول /سبتمبر 2006 وتسمح بنقل عشرة جنود وعتادهم. وفی ینایر 2007 اختیرت هذه الآلیة التی تسیر على اربع عجلات من قبل الجیش الامریکی فی اطار استدراج عروض. وهذا العقد هو الاول لشراء آلیة جولان التی لم یستخدمها الجیش الاسرائیلی بعد. وتقول الشرکة المصنعة ان هذه الآلیة مصممة خصوصا لتتکیف مع العملیات فی المدن .

وأوضح لوفا دروریس مدیر قسم التسویق فی شرکة رافایل العامة التی فازت بالعقد خبراؤنا فی مجال الحمایة طوروا جولان لمقاومة قذائف مضادة للدروع من نوع ار بی جی خصوصا او ألغام. وذکرت الاذاعة ان شرکات الاسلحة الاسرائیلیة تزود وحدات الجیش الامریکی المنتشرة فی العراق بطائرات استطلاع من دون طیار وصواریخ وانظمة حمایة للدبابات والآلیات المصفحة فضلا عن انظمة تسییر متطورة.

وفی اذار /مارس 2005 فازت شرکة بالسن ساسا الاسرائیلیة بعقد قیمته 200 ملیون دولار لتصفیح آلیات عسکریة امریکیة مستخدمة فی العراق.

الشرکات الإسرائیلیة

فی شهر یونیو 2003 بدأت واشنطن التلویح بجزرة مشارکة إسرائیل فی نهب ثروات العراق تحت غطاء إعادة الإعمار وإصلاح البنى التحتیة وتحسین النتاج الفلاحی والصناعی الى غیر ذلک من الشعارات البراقة. وهکذا قال مساعد وزیر المالیة الأمریکی، البروفیسور جون تایلور فی مقابلة خاصة مع صحیفة یدیعوت أحرونوت الإسرائیلیة ان العراق مفتوح أمام الشرکات الإسرائیلیة، وأنا أدعوها للمشارکة فی إعادة إعماره !

على إثر ذلک، وقع وزیر المالیة الإسرائیلیة نتنیاهو على ترخیص یسمح بإقامة علاقات تجاریة مع العراق، الذی کان مدرجاً ضمن لائحة الدول المعادیة لإسرائیل حتى ذلک الحین. ومنذ ذلک الحین أصبح بمقدور الإسرائیلیین إقامة علاقات تجاریة مع العراق بصورة رسمیة، وسمح هذا الأمر بالمتاجرة مع العراق، حیث أتاح إقامة أنواع العلاقات التجاریة معه سواء المالیة منها أو أیة علاقات أخرى، بما فی ذلک تزویده بالبضائع الإسرائیلیة، ونقل البضائع، ودفع أموال ونقلها أی تحویلها.

وفورا بدأ الصهاینة فی جنی الأموال من بلاد الرافدین، وبتاریخ 24 اب /أغسطس 2003 ذکرت صحیفة الریاض السعودیة، نقلا عن مصدر موثوق فی وزارة التجارة العراقیة قوله: إن إسرائیل صدرت فی تموز /یولیو للعراق بضائع بقیمة 50 ملیون دولار أمریکی. وکانت الصادرات الإسرائیلیة منتجات زراعیة وأغذیة معلبة ومشروبات غازیة ومشروبات کحولیة. وذکر المصدر نفسه أنه تم تصدیر هذه البضائع عبر الأردن، وقام بتصدیرها تجار أردنیون یعملون کوکلاء لدى الشرکات الإسرائیلیة.

فی الثانی من ایلول /سبتمبر 2007 ذکرت صحیفة هآرتس ان نحو 250 اسرائیلیا یقومون کل سنة بزیارة العراق، غالبیتهم رجال اعمال یعملون خصوصا لحساب شرکات اسلحة. واضافت الصحیفة استنادا الى ارقام سریة حصلت علیها الصحیفة من الخطوط الملکیة الاردنیة، ان معظم هؤلاء یمرون عبر عمان ویستخدمون الخطوط الاردنیة.

ویحمل بعضهم جنسیتین ویدخلون العراق بجوازات غیر اسرائیلیة. وهؤلاء الزوار لیسوا سیاحا کما لا توجد ای رحلة منظمة لمجموعات من الاسرائیلیین من اصل عراقی ممن یرغبون فی زیارة بلدهم الاصلی، حسب الصحیفة.

وفی عداد الاسرائیلیین الاخرین الذین یتوجهون الی العراق صحافیون وموظفون فی وکالات الامم المتحدة ومنظمات دولیة اخرى.

ومن المفارقات الدالة على تکریس نهب العراق من طرف المحتلین منذ سنة 2003 تعاون وزارة الزراعة الإسرائیلیة مع الإدارة الأمریکیة لتصدیر الفواکه والخضراوات لأسواق العراق، البلد الزراعی الذی یمکن أن یطعم بأرضه الخصبة نصف الأمة العربیة، ومن المعروف ان أمریکا تقوم بشراء أطعمة مختلفة لجنودها فی العراق من الکیان الصهیونی بقیمة تتراوح بین 50 و 60 ملیون دولار شهریا.

وهناک کذلک عملیــــــات بیـــــع وشراء للعقارات العراقیة المهمة وفی أماکن محاذیة لنهر دجلة یقوم بها وکلاء لشرکات أو أشخاص فی إسرائیل، کما أن الإسرائیلیین قاموا بتکوین وتأطیر أو تأجیر عصابات للنهب مهمتها جلب کل ما هو ثمین من التراث والآثار العراقیة وتسلیمها للإسرائیلیین مقابل ثمن معین. عملیة النهب هذه تدخل فی إطار الخرافات الدینیة التی یتمسک بها المحافظون الجدد للانتقام من العراق وبابل على الأخص. فالعداوة متأصلة بین الیهود والملک البابلی نبوخذ نصر الذی ذهب إلى فلسطین لیجلب الیهود أسرى بعد أن هزمهم عسکریا والذی حکم بلاد ما بین النهرین فی الفترة الواقعة بین سنة 630 و 562 قبل المیلاد.

( للکاتب المصری  عمر نجیب )

ن/25


| رمز الموضوع: 139474







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)