تداعیات فتوى الأزهر بتحریم بیع نفط وغاز مصر لإسرائیل

على مدى ثلاثین عاماً وأکثر ظل الشعب العربی المصری یرفض تماماً وبإجماع توجهات النخبة المصریة الحاکمة نحو بناء العلاقات المصریة – الإسرائیلیة، ومحاولة إدماج إسرائیل ضمن البیئة العربیة المصریة.

* العلاقات المصریة – الإسرائیلیة فی مواجهة فتوى الأزهر:

تقول المعلومات بأن علماء جامعة الأزهر أصدروا فتوى تحرم بیع النفط والغاز المصری لإسرائیل، وحالیاً یقوم العدید من الوزراء ونواب مجلس الشعب المصری من کافة الأحزاب والاتجاهات – ولأول مرة- بإثارة المزید من التساؤلات حول عقد بیع النفط والغاز المصری لإسرائیل، هذا وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المصریة ظلت ترفض قیام أی مسؤول مصری أو غیره بطرح التساؤلات المتعلقة بعقودات بیع النفط والغاز دون الحصول على الموافقة المسبقة من الرئیس حسنی مبارک.

عقد بیع الغاز المصری لإسرائیل یغطی بیع 1.7 ملیون متر مکعب من الغاز الطبیعی السائل سنویاً لإسرائیل ویمتد لفترة 15 عاماً لصالح شرکة الکهرباء الإسرائیلیة والوحدات البریطانیة الکهربائیة الحراریة الموجودة فی إسرائیل.

وتقول المعلومات بأن ثمة خطاً للأنابیب بطول 100 کلم قد تم تمدیده تحت میاه البحر الأبیض المتوسط لیصل بین العریش الموجودة شمال سیناء ومیناء عسقلان الإسرائیلی. هذا، وتشیر الوقائع الجاریة إلى أن خط الأنابیب هذا کان متوقعاً له أن یباشر العمل نهایة الشهر الماضی، کما هو مخطط، ولکن "الأعطاب الفنیة" لم تسمح بذلک.

على مدى ثلاثین عاماً، باشرت السلطات المصریة بیع النفط والغاز لإسرائیل کجزء من ترتیبات اتفاقیة السلام المصریة – الإسرائیلیة التی وقعها الرئیس السابق أنور السادات، ومضى فی تنفیذها قدماً الرئیس حسنی مبارک.

* الانتقادات للصفقات المصریة – الإسرائیلیة:

کانت الانتقادات للعلاقات المصریة – الإسرائیلیة تصدر حصراً عن طریق قوى المعارضة السیاسیة المصریة، ولکن مؤخراً برزت بعض التطورات الجدیرة بالملاحظة والاهتمام:

• تصاعدت انتقادات أعضاء مجلس الشعب.

• وجه وزیران مصریان انتقادهما لصفقات بیع الغاز والنفط وهما البروفیسور مفید شهاب وزیر الشؤون القانونیة والبرلمانیة، وسامح فهمی وزیر النفط المصری.

وتقول المعلومات بأن الانتقادات رکزت على أن سعر بیع النفط والغاز لا یقل کثیراً عن مستوى الأسعار السائدة وإنما للدرجة التی لا تغطی فیها عائدات البیع تکالیف الإنتاج.

* علاقات القاهرة – تل أبیب: سکة الهاویة!

أکدت معطیات الخبرة التاریخیة السیاسیة المصریة، بأنه کلما تزایدت الروابط والعلاقات على خط القاهرة – تل أبیب، کلما تزایدت المعارضة فی الشارع المصری لنظام حسنی مبارک، وبتحدید أکثر نشیر إلى النتائج التالیة:

• تزاید العلاقات مع إسرائیل معناه تزاید المعارضة والسخط الشعبی لنظام الرئیس مبارک.

• تزاید المعارضة والسخط الشعبی لنظام مبارک معناه إعطاء المزید من الحیویة للجماعات الإسلامیة المصریة المتطرفة.

• تزاید حیویة الجماعات الإسلامیة المصریة المتطرفة معناه اتساع نفوذ وقدرات الحرکات الأصولیة الشرق أوسطیة الأخرى.

وعلى هذه الخلفیة، فقد کان واضحاً أن ظهور شخصیات أصولیة مصریة مثل أیمن الظواهری و غیره هی بالأساس تمثل "التغذیة العکسیة" التی حدثت من جراء تداعیات توقیع اتفاقیات کامب دیفید وتوسیع نطاق التعاون المصری – الإسرائیلی.

بکلمات أخرى، إذا أراد النظام المصری القضاء على صعود نفوذ وقوة الحرکات الأصولیة الإسلامیة المصریة، فإن علیه القیام بتخفیف منابع التطرف عن طریق الآتی:

• إغلاق خط القاهرة – تل أبیب.

• القضاء على ظاهرة اندماج السیاسة الخارجیة المصریة ضمن أجندة السیاسة الخارجیة الأمریکیة.

* الحرکات الإسلامیة المتطرفة التی أفرزتها اتفاقیة کامب دیفید:

خلال الفترة من لحظة التوقیع على اتفاقیات کامب دیفید وحتى الآن، برزت فی مصر العدید من الحرکات الأصولیة الإسلامیة المتطرفة، التی کانت تستند فی خطابها السیاسی إلى الفتاوى الدینیة المعارضة الشدیدة الانتقاد للعلاقات المصریة – الإسرائیلیة، والعلاقات الأمریکیة – المصریة. وحالیاً یتمثل أبرز هذه الحرکات فی ثلاثة هی:

• تنظیم الجماعة الإسلامیة: ویعتبر التنظیم الأصولی الإسلامی المصری الأکبر لجهة عدد العناصر وحیویة النشاط. وقد نشاهد هذا التنظیم فی نهایة حقبة سبعینات القرن الماضی وتحدیداً فی الفترة التی أعقبت توقیع اتفاقیة کامب دیفید.

• تنظیم الجهاد الإسلامی: ویعتبر التنظیم الأکثر جرأة فی تنفیذ العملیات المسلحة والهجمات الخاطفة ولا یرکز على النواحی الکمیة التی یترتب علیها ضم الکثیر من العناصر، وإنما یرکز على النواحی النوعیة لجهة فعالیة حرکیة العناصر، لذلک یکتفی بضم القلیل من العناصر التی تتمیز بالقوة والفاعلیة.

• تنظیم الإخوان المسلمین: وبرغم أنه نشأ منذ عام 1928م، إلا أنه عاد للشارع المصری بقوة، بسبب المجال الخصب الذی وفرته له اتفاقیة کامب دیفید والعلاقات المصریة – الإسرائیلیة. بکلمات أخرى، وجد تنظیم الإخوان المسلمین المصری فی أجندة علاقات القاهرة – تل أبیب مادة خصبة وحیویة لتجدید شبابه، عن طریق استغلال النقد الدینی والسیاسی لتوجهات الحکومة المصریة بعد کامب دیفید، وقد نجح تنظیم الإخوان، بسبب الخطاب السیاسی – الإسلامی الناقد لاتفاقیات کامب دیفید والعلاقات المصریة – الإسرائیلیة من القیام بتجنید آلاف من المصریین ضمن صفوفه، وحالیاً، یخوض الإخوان معرکة سیاسیة جماهیریة کبیرة فی الشارع ضد النظام المصری تحت شعارات:

* تنتقد العلاقات المصریة – الأمریکیة.

* تنتقد العلاقات المصریة – الإسرائیلیة.

* تطالب بالجهاد لتحریر القدس ودعم المقاومة الإسلامیة.

لاحظت إسرائیل والولایات المتحدة التطورات المتعاکسة فی الرأی العام المصری، الذی أصبح متزاید المعارضة کلما ازداد تعاون نظام حسنی مبارک مع أمریکا وإسرائیل، وأفرد معهد واشنطن لسیاسة الشرق الأدنى التابع للوبی الإسرائیلی دراسة حول مستقبل سیاسة التحول الدیمقراطی التی تتبناها إدارة بوش إزاء الشرق الأوسط، وخلصت الدراسة إلى أن تطبیق الدیمقراطیة فی الشرق الأوسط لن یؤثر على خصوم أمریکا وإسرائیل وإنما سیؤدی إلى سقوط حلفاء أمریکا وإسرائیل فی المنطقة ومن أبرزهم نظام الرئیس مبارک ونظام العاهل الأردنی ونظام الملک المغربی، وسوف یکون الخاسر فی هذه الحالة أمریکا وإسرائیل، وأوصت الدراسة بأن یتم تطبیق برنامج التحول الدیمقراطی فی الشرق الأوسط بشکل انتقائی بحیث یستهدف أعداء إسرائیل وأمریکا ویستثنی حلفائهما المسیطرین على القاهرة وعمان والدار البیضاء.

م/ن/25