الکارثة التی خلفتها إسرائیل ببلدة القرارة

انتابت المواطنة الفلسطینیة رزقة السمیری (43 عاما) حالة من الذعر وانتفضت من نومها بعد سماعها صوت هدیر الجرافات الإسرائیلیة تقترب من منزلها رویدا رویدا، مبددة سکون لیل بلدة القرارة الحدودیة شرق خان یونس جنوب قطاع غزة.

 ولولا تمکن السمیری فی ثوان معدودة من انتشال أطفالها الـ11 بأعجوبة، والخروج بهم مسرعة من بین أنیاب الجرافات لکانوا لقمة سائغة ودفنوا تحت رکام المنزل الذی أصبح أثرا بعد عین.

علامات الحزن والألم بدت واضحة على السمیری التی لم تصدق عینیها، وأخذت تروح یمنیا وشمالا تتنقل هنا وهناک حول منزلها الذی تحول إلى أنقاض، لعلها تعثر على بقایا أثاث وحاجیات تحت ذلک الرکام.

 المواطنة السمیری ضاقت بها الدنیا وأصبحت تفترش الأرض وتلتحف السماء، بعد تدمیر منزلها، وهو المأوى الوحید الذی اضطر ابنها البکر الذی لم یتجاوز الـ15 عاما للعمل خمس سنوات من ریعان شبابه من أجل بنائه بعد وفاة أبیه المعیل الوحید للأسرة.

وتقول السمیری للجزیرة : "الاحتلال دمر المنزل الذی یؤوینی أنا وأبنائی بما فیه من محتویات وأثاث وحتى الحلی، ولم یبق لنا شیء من متاع الدنیا، ولم نعد نجد مأوى ولا نعرف أین سننام".

وأبدت السمیری غضبها واستیاءها من تدمیر الاحتلال حتى للحظیرة المجاورة للمنزل، وقتل ما فیها من أغنام وطیور ودواجن تعتمد علیها الأسرة فی توفیر لقمة عیشها وقوتها الیومی.

منزل المواطنة السمیری واحد من سبعة منازل دمرها الاحتلال بین تدمیر جزئی وکلی فی عملیة التوغل الواسعة التی استمرت ما یقارب 36 ساعة، التی رافقها کذلک تجریف لآلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزیتون وتدمیر واسع فی البنیة التحتیة.

 وحسب شهود عیان یعد التوغل الإسرائیلی الأخیر لبلدة القرارة جنوب القطاع الأوسع من حیث الدمار الهائل، فقد طال التجریف مساحة عرضها 3 کیلومترات على طول الشریط الحدودی وبعمق 3 کیلوات داخل البلدة.

 حال عائلة السمیری لا یختلف کثیرا عن حال عائلة بسام اللحام التی شردها الاحتلال وترکها دون مأوى بعد تدمیر منزلها المتواضع الذی تحول بفعل جرافات الاحتلال إلى أکوام من الحجارة.

المعاق بسام اللحام (40 عاما) صاحب المنزل أب لستة أبناء وقف حزینا متحسرا على أطلال منزله الذی دمره الاحتلال، لیبقى من دون مأوى یکابد الحیاة رغم معاناة الإعاقة التی تثقل کاهله.

ویقول اللحام للجزیرة : "اقتحم جنود الاحتلال بیتی فی منتصف اللیل بینما کنا نائمین، حیث دب الرعب والخوف فی قلوب الأطفال، وأخرجنا من المنزل بالقوة وهدم أمام أعیننا".

 وأضاف : "الاحتلال زاد من مأساتی بعد تدمر المنزل الذی أعیش فیه أنا وزوجتی وأولادی، وها نحن نقف تحت لهیب الشمس الحارقة ولا نجد خیمة نأوی إلیها فی هذا الحر الشدید".

 ولم یعد الشهداء الفلسطینیون کذلک بمنأى عن اعتداءات وممارسات قوات الاحتلال التی انتهکت بشکل صارخ حرمة الموتى حین تعدت على مقبرة البلدة وجرفت ثلاثة قبور.

 أحمد عبد الغفور یسکن قرب المقبرة قال للجزیرة :"الاحتلال جرف المقبرة التی أسکن بجانبها أکثر من مرة أثناء عملیات التوغل التی ینفذها فی المنطقة، غیر آبهٍ بحرمة  الموتى".

 وأبدى عبد الغفور استهجانه لتجریف الاحتلال لقبور الشهداء، مبینا أن ذلک یدل على مدى همجیة الاحتلال وإجرامه بحق الشهداء الذین لم یسلموا حتى بعد موتهم من بطشه وعدوانه.

ن/25