"العدل" الأمریکیة تسمح للمخابرات بالتنصت على العرب والمسلمین

 فی إطار ظاهرة "الإسلاموفوبیا"

"العدل" الأمریکیة تسمح للمخابرات بالتنصت على العرب والمسلمین

فی إطار ظاهرة "الإسلاموفوبیا " التى تجتاح الولایات المتحدة, عبَّرت منظمات عربیة وإسلامیة کبرى عن قلقها من الإعلان عن قیام وزارة العدل الأمریکیة بإعداد معاییر جدیدة تسمح لعملاء التحقیقات الفیدرالیة "إف بی آی" بالتحقیق والتنصت على المسلمین دون ارتکابهم أیة مخالفات، اعتمادًا على خلفیاتهم العرقیة والدینیة.

وأعرب المعهد العربی الأمریکی واللجنة العربیة الأمریکیة لمناهضة التمییز ومجلس الشئون العامة الإسلامیة عن قلقهم من أن المعاییر الجدیدة تُعطی الحقَّ لمکتب التحقیقات الفیدرالیة سلطة إجراء تحقیقٍ عن الأمریکیین دون وجود أدلةٍ على ارتکابهم لمخالفات، اعتمادًا فقط على العرق والإثنیة.

ویجری البدء فی تنفیذ هذه المعاییر أواخر هذا الصیف، ومن المقرر أن تسمح لعملاء الـ"إف بی آی" بالتنصت على المکالمات الهاتفیة أو البحث بشکلٍ مُوسَّع بالبیانات الشخصیة، مثل محتوى سجلات المکالمات أو البرید الإلکترونی أو کشوف الحسابات المصرفیة, فیما قال الدکتور جیمس زغبی رئیس المعهد العربی الأمریکی:" هناک الملایین من الأمریکیین الذین یمکن أن یخضعوا بحسب المعاییر الجدیدة المشار إلیها، لتنمیط دینی وإثنی متعسف وغیر موضوعی".

واعتبر زغبی أن هذه المعاییر سوف "تعرض الحریات المدنیة الأساسیة والحمایة التی یضمنها الدستور للخطر، وهو ما سیکون له تأثیرٌ سلبی لیس فقط على الجالیات المتضررة، ولکن أیضًا على مجمل الجهود الأمریکیة لمکافحة الإرهاب". وأضاف زغبی: "نحن قلقون من تطمیناتٍ هذه الإدارة، فی ظلِّ سلوکها السابق، وبهذا فإننا نبحث عن طرقٍ لضمان عدم حدوث هذا التنمیط".

ومن جانبه, قال کریم شورى المدیر التنفیذی للجنة العربیة الأمریکیة لمناهضة التمییز:" لقد تأسس بلدنا على مبادئ دستوریة ثابتة تحمینا من هذه الإساءات المزعومة لاستخدام السلطة". وأضاف شورى: "فی الوقت الذی تعمل فیه وزارة العدل الأمریکیة وخصوصًا الإف بی آی على الرد على بواعث القلق لدینا، فإن الأمریکیین ینبغی علیهم عدم التساهل مع أی تنمیطٍ مبنی على الجنس أو الدین أو الإثنیة أو الأصل القومی".

ونتیجةً للإعلان عن المعاییر الجدیدة قام کل من المعهد العربی الأمریکی واللجنة العربیة الأمریکیة لمناهضة التمییز ولجنة الشئون العامة الإسلامیة، ومنظمات عربیة وإسلامیة أخرى، بالاتصال بجون میلر، المدیر المساعد للإف بی آی للشئون العامة، للتعبیر عن معارضتها لأی شکلٍ من أشکال التنمیط الدینی والعرقی الذی ینتهک المبادئ الدستوریة الخاصة بالحمایة المتساویة فی ظل القانون.

یأتی ذلک بعد شهور من إقرارَّ مجلس الشیوخ الأمریکی مشروع قانون التنصت الخارجی الذی اقترحه الرئیس جورج بوش الابن لتحدیث قانون "التنصت المخابراتی الخارجی" والذی یُعطی السلطات الأمریکیة حق التنصت على اتصالات أهداف أجنبیة خارج الأراضی الأمریکیة دون إذنٍ قضائی.

وأقرَّ مجلس الشیوخ المشروع بأغلبیة 60 صوتًا مقابل 28 أعربوا عن رفضهم، وینص مشروع القانون الجدید الذی قدَّمه بوش على أن تحصل الإدارة الأمریکیة على حق تحدید الإجراءات التی یتم من خلالها ممارسة عملیات التنصت على أهداف وشخصیات أجنبیة تقع خارج الأراضی الأمریکیة بدعوى تورطها، فیما تسمیه الولایات المتحدة "الإرهاب".

وتعزز هذه الإجراءات الجدیدة أجواء الخوف التی سادت فی عهد الرئیس الأمریکی جورج بوش

الابن استغلالاً لأحداث 11 سبتمبر, حیث وقَّع بوش أمرًا رئاسیًّا سریًّا فی أعقاب تلک الأحداث یسمح لوکالة الأمن القومی بالتنصت على المکالمات الهاتفیة الدولیة والرسائل الإلکترونیة بین عناصر داخل الولایات المتحدة ومَن یشتبه فی أنهم "إرهابیون" فی الخارج دون إذنٍ من القضاء.

کما أصدر بوش قانون "الولاء الوطنی" الذی یتیح الاعتقال دون مبررٍ لمجرد الاشتباه، وهو القانون الذی راح کان ضحایاه الأساسیون من المسلمین والعرب أو الأمریکیین المنحدرین من أصولٍ عربیة؛ حیث تم اعتقال العشرات منهم بدعوى التورط فی "أنشطة إرهابیة أو مشبوهة"!!

یُذکر أن الولایات المتحدة کانت تدیر شبکة تجسس على الاتصالات الدولیة تُسمَّى شبکة "آشیلون" للتنصت على دول الکتلة الشرقیة أثناء الحرب الباردة بالاعتماد على أقمار التجسس، إلا أنه بعد انتهاء تلک الحرب تحوَّلت الشبکة للتجسس الصناعی على دول العالم وبخاصة أوروبا، کما وسعت عضویتها لتشمل کلاًّ من بریطانیا وأسترالیا ونیوزیلندا وکندا وبورتوریکو، وقد أقرَّ بعض المسئولین البریطانیین بوجود الشبکة إلا أن الأمریکیین لا یزالون ینکرون وجودها تمامًا.

وکان "مایکل ماکونیل" مدیر المخابرات القومیة الأمریکیة قد کشف هذا الأسبوع عن إجمالی میزانیة المخابرات الأمریکیة خلال عام 2007م، والتی وصلت إلى 43.5 بلیون دولار؛ وذلک بعد التشریع الذی سنَّه الکونجرس هذا العام، والذی یفرض على هیئة المخابرات الأمریکیة الإعلان عن میزانیتها الإجمالیة، وقد جاء الإعلان عن میزانیة المخابرات استجابةً لحکم قضائی.

لکن أرقام المیزانیة لا تتضمن التمویل المقدم لبرنامج المخابرات القومیة، والذی یضم العملیات الخاصة بوکالات المخابرات, حیث أعلن مکتب ماکونیل أنه لن یتم الإعلان سوى عن الأرقام الإجمالیة، مشیرًا إلى أن التفاصیل ستظل قید السریة، باعتبارها معلومات یمکن أن تعرض الأمن القومی الأمریکی للخطر.

وقال بیان صادر عن مکتب مدیر المخابرات القومیة: "إن أیة معلومات ثانویة تتعلق بمیزانیة المخابرات، سواء کانت معلومات تتعلق بوکالات مخابرات معینة أو برامج مخابرات معینة، لن یتم الکشف عنها". وأضاف:" فیما عدا کشف الأرقام الکبیرة لن یکون هناک أی کشفٍ آخر عن معلومات المیزانیة الخاضعة للسریة حالیًا؛ لأن هذا الکشف یمکن أن یُضر بالأمن القومی".

م/ن/25