qodsna.ir qodsna.ir

حزب الله لبنان .. أحرجنا

حزب الله لبنان .. أحرجنا

 

زعیم حزب الله السید حسن نصر الله خرج عن مألوف السیاسة العربیة ، حیث لم یکذب على الناس ، و ما قاله فعله ، و ما وعد به أنجزه ، ثم إنه قبل التحدی الإسرائیلی و نجح رجال حزبه فی التصدی لمحاولة اجتیاح لبنان فی عام 2006 ، و فی الوقت ذاته ألحق هزیمة منکرة بالجیش الإسرائیلی الذی خرج من لبنان مجرحاً و کسیراً ؛ و بالتالی فإنه أجهز على أسطورة القوة الإسرائیلیة التی لا تقهر ، و طوى ، إلى الأبد ، صفحة الردع الإسرائیلی" .

فوق هذا و ذاک ، فإن الحزب أجرى مفاوضات مع إسرائیل عبر الطرف الألمانی أسفرت عن صفقة تم خلالها استعادة آخر الأسرى اللبنانیین لدیها مع عدد آخر من الأسرى الفلسطینیین . و کان من بین الأسرى اللبنانیین الذین أفرج عنهم سمیر القنطار الذی اعتبرته «إسرائیل» دائماً خطاً أحمر ، و رفضت تسلیمه طوال الثلاثین عاماً الأخیرة" .

فی مقابل ذلک ، ما الذی أنجزه «المعتدلون العرب» المتحالفون مع الولایات المتحدة، والمتصالحون مع إسرائیل؟! .. لقد هادنوهم و استجابوا لرغباتهم ، و تعلقوا بخریطة الطریق التی أعطت الأولویة لنزع سلاح المقاومة ، و هرولوا إلى «أنابولیس» لکی یؤکدوا على مرجعیة الخطة الأمریکیة ، و یسلموا بالإشراف الأمریکی على تنفیذها . و فی الوقت ذاته ، لم تلتزم «إسرائیل» بشیء من کل ما وعدت به ، فاستمرت فی توسیع المستوطنات والاستیلاء على الأراضی الفلسطینیة و واصلت اجتیاحاتها و تصفیاتها ، وتمسکت بیهودیة «الدولة» التی أیدها فیها الرئیسان بوش و سارکوزی ، الأمر الذی یمهد لطرد عرب «48» من دیارهم و زراعاتهم . و فی حین ظلت تفاوض ممثلی السلطة فی رام الله و تلاعبهم ، طوال الأشهر الماضیة ، فإن المفاوضات لم تنجز شیئاً له قیمته ؛ فلا رفع حاجز من الضفة الغربیة ولا أطلق سراح سجین واحد من بین أکثر من 11 ألف أسیر فلسطینی فی "إسرائیل".

إن المتابع للجدل الإسرائیلی الداخلی الذی یدور منذ إقرار الصفقة على حزب الله یلاحظ أن الأغلبیة الساحقة من الجنرالات والساسة والمعلقین اعتبروا أن "إسرائیل" ارتکبت خطأ استراتیجیاً عندما قامت باعتقال أو أسر عناصر من حزب الله أو أی مواطنین لبنانیین، على اعتبار أن ذلک وفر للحزب مبررات لشن عملیات عسکریة یتم خلالها اختطاف جنود أو مستوطنین یهود، وهو ما حذر هؤلاء من تکراره، على النحو الذی یرغم "إسرائیل" على التراجع عن «خطوطها الحمراء»، مع کل ما یعنیه ذلک من مساس بقوة ردعها، وتشجیع «أعدائها» على ضربها مرة أخرى، إضافة إلى أن الإذعان الإسرائیلی یضعف معسکر المعتدلین، ویعزز «المتطرفین» فی العالم العربی" .

هذا الموقف الإسرائیلی عبر عنه مائیر دجان رئیس جهاز الموساد حین قال إن الصفقة تشکل صفعة لـ«المعتدلین العرب»، إذ فی حین سیختفی حلفاء أمریکا والغرب حرجاً وخجلاً، فإن حزب الله وحلفاءه سیملأون الدنیا صخباً احتفاء بما حققوه، وهذا أمر بالغ الخطورة ، لأنه یرشد الشباب العربی عن المکان الذی یجب أن یکونوا فیه ، و الطرف الذی ینبغی أن ینحازوا إلیه ، و ذلک کله ضد مصالح «إسرائیل» فی نهایة المطاف . أما المعلق الإسرائیلی روعی مخمیاس فقد ذهب إلى أبعد ، حین قال إن صفقة تبادل الأسرى سیکون لها تداعیات بالغة الخطورة على الوضع الاستراتیجی لـ"إسرائیل"، وسیزید من قدرة أعدائها على ابتزازها، إلى جانب مساهمتها فی تعزیز قوة ونفوذ حزب الله فی لبنان، وهو ما سوف یکون له تأثیره على الانتخابات التشریعیة القادمة هناک .

إن حزب الله لم یحقق معجزة ، ولم یبتکر سلاحاً سحریاً ، لکن کل الذی فعله أنه اختار أن لا یساوم ، وأن یأخذ التحدی على محمل الجد ، معتمداً على الله وعلى طاقة مناضلیه ، فصبر و ظفر و استحق الاحترام .. فی حین أن الذین ساوموا و راهنوا علی الأمریکیین أکلوا الهواء واستحقوا الاحتقار .

( للکاتب المصری فهمی هویدی )

ن/25


| رمز الموضوع: 139592