فلسطین "اجمل" بدون شهر رمضان
فلسطین "اجمل" بدون شهر رمضان
یتحضر العرب والمسلمون لاستقبال شهر رمضان المبارک، وتتفاوت التحضیرات بین دولة واخرى، ولکن الاکید والمتفق علیة عند العرب والمسلمین ان لرمضان طعم خاص، طعم یتمتع بتذوقة الصغیر قبل الکبیر، فهو ینشر الطمأنینة والفرح والسکینة والتکافل ویغسل النفس البشریة من الشوائب التی علقت بها على مدار العام، فی رمضان الذی یعتبر من الاشهر الحرم یختفی الخوف ویودع الفقراء فقرهم ولو الى حین وتتجمد الصراعات وتسود السریرة وتحشر النفس الامرة بالسوء فی قمقمها، وفی رمضان یتناول الناس ما لذ وطاب من خیرات حبا اللة بها العباد الغیر صالحین والبعض الصالح منهم، ولشهر رمضان تقالیدة الخاصة فالى جانب التعبد والتوجة الى اللة فهناک المسلسلات العربیة التی تسابق شرکات الانتاج انجازها فی موعدها، والخیم الرمضانیة التی تسهر حتى الصباح، ویفجر شهر رمضان تناقضات مدفونة عند بعض الفئات المیسور التی تنتقم لنفسها بان تأکل حتى التخمة وهی عارفة ان هناک من لة رمضانة الخاص الثقیل على جیبة وقلبة، انهم بشر لهم رمضانهم الفقیر الذی یعکس بؤسهم وجوعهم ومعاناتهم.
وفلسطین کغیرها تنتظر شهر رمضان، لکن الفلسطینیون درجات، او بشکل ادق ینقسمون الى فئتین، فئة تحکم بامر اللة وهذا ما تدعیة، والفئة الاخرى یقام علیها الحد دون ان تعرف الجریمة التی اقترفتها، ولکن للة فی خلقه شؤون فکما یقال یمتحن عبادة الصالحین وبالتحدید الفقراء منهم، ففقراء فلسطین لا یجوعون فقط ولکنهم اصحاب النصیب الاکبر من الجرائم الذی یرتکبها الاحتلال، فهم ینشغلوا فی التحضیر لزیارة ابنائهم فی سجون الاحتلال ویفکروا فی عصر میزانیتهم لمواجة الشهر الحبیب بکرامة وعدم مد الید للذین یزکون عن ما افترفتة ایادیهم من جرائم اقتصادیة وسیاسیة والذین یریدون التعویض عن نقص یعیشوة وانا استثنی البعض الطیب، وشهر رمضان الفلسطینی لة مذاق اخر على الحواجز المحیطة بالقدس ومقدساتها الممنوعة عن اصحابها الذین یهانون ویضربون ویستشهدون من اجل لحظة بین یدی ربهم فی المسجد الاقصى المنتهک والمداس ببساطیر شذاذ الکون الذین یمارسون عقدهم على کبار السن من اباءنا وامهاتنا ویجبروهم على الوقوف ساعات طویلة على الارصفة وتحت الشمس محاطین بالهراوات والکلاب، وفی رمضان الفلسطینی غزة محاصرة ومرضاها یموتون لمنعهم من حبة الدواء التی قد تنقذ حیاة بعضهم.
رمضان الفلسطینی یحفز بعض"المحسنین" العرب على القاء الفتات لفقراء شعبنا من خلال مؤسسات یدعی بعضها الاسلام وهم مجرد دکاکین ثقل فقراءنا باشتراطات مهینة وتخضعهم لانتقائیة مقیتة، فرمضان الفلسطینی بالنسبة لبعض المؤسسات التی تدعی التکافل والتعاضد والتضامن المجتمعی مجرد بزنس للبعض المریض الذی اتخذ من اللحیة عنوانا وباسمها یتحکم بعباد اللة ویستعبدها رغم ان اللة خلق عبادة احرارا، لکن هؤلاء یتنکروا للة باسم اللة ویضحکون على فقراءة بموائد الذل الرمضانیة التی یشترطون ان تصور وتبث غالبا عبر المحطات المحلیة والفضائیة بحجة المصداقیة.
ان فلسطین اجمل بدون شهر رمضان، انة لم یعد ما هو جمیل فی هذا البلد المنتهک حتى من ابنائة، فکیف یکون رمضان الفلسطینی جمیلا وخیرة ابناءة فی سجون المنقسمین على ذاتهم، هؤلاء لهم اسرهم واولادهم الذین سیجلسون عند اذان المغرب وحیدون بدون الاب او الاخ الذی من الممکن ان یکون فی السجن الاسرائیلی او السجن الفلسطینی وقد تجمع سجون الاحتلال والسجون الفلسطینیة بین اثنین او اکثر من افراد الاسرة، کیف تستوى الامور ویکون رمضان الفلسطینی جمیلا وهناک احتمال ان من یصلی بالناس ویؤذن المغرب قد یکون من الملیشیا التی تعتقل وتعذب وتحرم الاطفال من ابناءهم.
ان تکون فلسطین جمیلة فی شهر رمضان، فهذا یعنی ان تتوقف رام اللة وغزة عن ملاحقة الوطنیین من ابناء الشعب الفلسطینی وتبیض السجون فی غزة والضفة الغربیة وتحریم الاعتقال السیاس، والمسارعة للحوار الوطنی الفلسطینی بهدف ردم الفجوة التی سببها انقلاب غزة، واخضاع المؤسسات التی تدعی خدمة فقراء الشعب للرقابة، واطلاق الحریات، واتخاذ موقف سیاسی یعبر عن عموم الشعب یعیدا عن الحسابات الفردیة، وحتى لا نرفع سقف توقعاتنا من قیاداتنا التی لا تلقی بالا لنا ولشهر رمضان علیهم ان کانوا کما یدعوا من ایمان ان یضعوا اسلحتهم ولا یرفعوها فی وجوة بعضهم وان یتذکروا ان رمضان من الاشهر الحرم التی تنقی القلوب وتصفی العقول، هذا اذا کنا نفکر بعقولنا ونطلق لقلوبنا العنان لایجاد طریقها القویم.
بالمحصلة النهائیة هناک عائلات فلسطینیة تعیش على حاویات النفایات هذا ما قالته لی سیدة تعیل أسرة من تسعة أفراد، وأکد لی احد الزملاء الصحفیین أن بعض العائلات المیسورة تضع ربطات الخبز"البایت" على طرف حاویات النفایات لمعرفتهم أن لهذه الحاویات زوارها، وکنت قد تابعت فی مدینة الخلیل وبیت لحم هذه ألازمة وأکد لی أصحاب بعض الأفران أن الکثیر من العائلات المستورة أصبحت من زبائن الأفران المعروفین حیث یشترون الخبز"البایت" فی ساعات مبکرة من الصباح وذلک بهدف توفیر شیکل واحد لکل ربطة خبز، وهذا ینطبق على محلات الدجاج التی تبیع لبعض العائلات المستورة کیلو أرجل الدجاج ب2 شیکل.
هذه فلسطین فی الأیام العادیة، فکیف سیکون الحال فی الشهر الفضیل، حیث البذخ والتنوع وامتلاء الأسواق بما لذ وطاب من نعم الحیاة التی لا یتمتع بها الفقراء الذین أصبحوا الغالبیة العظمى من شعبنا، واذکر أن الزمیل الصحفی محمد عبد النبی اللحام قد اکتشف فی إحدى جولاته الرمضانیة قبل عدة أعوام ما یسمى بطبخة المقلوبة الکذابة التی تطبخها احدى السیدات الفاضلات التی جار علیها الزمن لأطفالها بدون دجاج ومکوناتها من الأرز والخضار فقد، وفی النهایة اعتذر عن عنوان مقالی ولکن یستحضرنی فی هذا المقام قول الإمام علی ابن أبی طالب " لو کان الفقر رجلا لقتلة" وفی فلسطین الفقر رجالا وما أکثرهم.
) بقلم:عـطا مناع )
ن/25