الیهود الأمیرکیون یعارضون مهاجمة إیران ویؤیدون انسحاباً إسرائیلیاً
الیهود الأمیرکیون یعارضون مهاجمة إیران ویؤیدون انسحاباً إسرائیلیاً من الأراضی العربیة المحتلة
رغم من أن عدد الیهود الأمیرکیین لا یتجاوز الثلاثة فی المئة بالنسبة لسکان الولایات المتحدة, إلا أنهم من أنشط الأقلیات داخل النظام السیاسی الأمیرکی, ولأهمیتهم المتزایدة یسعى مرشحو الانتخابات, الرئاسیة أو التشریعیة, أو أی مرشح لمنصب رسمی إلى نیل تأییدهم. وانطلاقا من أهمیتهم ودورهم المتزاید فی التأثیر فی السیاسة الخارجیة الأمیرکیة تجاه منطقة الشرق الأوسط, استطلعت منظمة »جی استریت« رأی 800 یهودی أمیرکی خلال الفترة من 29 یونیو إلى 3 یولیو الماضیین; للوقوف على أرائهم تجاه الکثیر من القضایا الجدلیة التی تشغل الساحة السیاسیة الأمیرکیة, حالیا, مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسیة والکونغرس. وما یمیز هذا الاستطلاع أن نتائجه جاءت على عکس ما هو شائع وتقلیدی بشأن رؤیة الیهود الى السیاسة الأمیرکیة.
هدف الاستطلاع إلى معرفة ما إذا کان الناخب الیهودی سیصوت فی الانتخابات الرئاسیة والکونغرس المقبلة على أساس موقف المرشح من إسرائیل, وقد أظهرت نتائج الاستطلاع تأکید 58 فی المئة من المشارکین فی الاستطلاع من أن موقف المرشح (سواء کان للبیت الأبیض أو للکونغرس) من إسرائیل سیحدد لمن سیصوتون, فی حین رفض 34 فی المئة أن یکون موقف المرشح من إسرائیل محدداً لمن سیصوت فی الانتخابات الرئاسیة أو التشریعیة المقبلة, ولکن عند ربط هذا بقضایا الداخل الأمیرکی (الاقتصاد, التعلیم, الرعایة الصحیة...), فقد طلب الاستطلاع تسمیة القضیتین الأساسیتین اللتین على أساسهما سیصوت الناخب الیهودی, واعتبر 8 فی المئة إسرائیل واحدة من احد هاتین القضیتین التی على أساسهما سیصوتون.
فکان الاقتصاد فی المقدمة إذ أظهر الاستطلاع أن 55 فی المئة سیتحدد اقتراعهم على أساس رؤیة المرشحین للاقتصاد, و33 فی المئة على أساس رؤیتهم للتأزم الأمیرکی فی العراق. ولعل هذا یظهر الانفصال بین الالتزام النظری لدى الیهود بتدعیم إسرائیل, والتصویت على أساس القضایا ذات تأثیر مباشر علیهم کأمیرکیین.
وعن تأییدهم لمرشحی الانتخابات الرئاسیة أظهر الاستطلاع تدعیم الجالیة الیهودیة داخل الولایات المتحدة للمرشح الدیمقراطی باراک أوباما, فقد أید 62 فی المئة باراک أوباما و32 فی المئة المرشح الجمهوری جون ماکین. ولکن الاستطلاع یُظهر أن هناک اختلافاً فی نسب تأیید المرشح داخل مجتمع الیهود, فتشیر النتائج إلى أن الاصلاحیین سیصوتون لباراک أوباما بنسبة 70فی المئة مقابل 24 فی المئة لماکین, وغیر المتدینین سیصوتون للمرشح الدیمقراطی بنسبة 67 فی المئة مقابل 25 فی المئة للمرشح الجمهوری, والمحافظون سیصوتون لأوباما بنسبة 56 فی المئة مقابل 39 فی المئة لماکین, بینما الیهود الأرثوذکس سیصوتون للمرشح الجمهوری بنسبة 77 فی المئة مقابل 19 فی المئة للمرشح الدیمقراطی.
کما یظهر الاستطلاع أیضا تأییدهم للمرشحین الدیمقراطیین فی انتخابات الکونغرس المقبلة بنسبة 69 فی المئة, وبالنسبة للمرشحین الجمهوریین وصلت نسبة تأیید الیهود الأمیرکیین لهم إلى 27 فی المئة, وهذا یتفق مع تحلیل تصویتهم فی الانتخابات الرئاسیة والتشریعیة منذ بدایات القرن المنصرم, اذ تقترع الجالیة الیهودیة داخل الولایات المتحدة للمرشح الدیمقراطی. فعلى سبیل المثال صوت 19 فی المئة منهم لمصلحة المرشح الجمهوری فی الانتخابات الرئاسیة للعام 2000 -الرئیس الحالی جورج بوش- مقابل 79 فی المئة لمنافسه الدیمقراطی "أل غور", وفی انتخابات العام 2004 صوت الیهود لبوش بنسبة 24 فی المئة ولجون کیری بنسبة 76 فی المئة.
وعن وجهة نظر الجالیة الیهودیة بالولایات المتحدة حیال العمل العسکری ضد المنشآت النوویة الإیرانیة, أظهر الاستطلاع عدم تأییدهم لأی عمل عسکری إجهاضی ضد إیران, بسبب برنامجها النووی.
وتظهر نتائج الاستطلاع تفضیل الغالبیة للوسائل الدیبلوماسیة للتعامل مع الأزمة النوویة الإیرانیة, ورفض الخیار العسکری. فنتائج الاستطلاع تشیر إلى تأیید 26 فی المئة لمرشحی الکونغرس الذین ینادون بضرورة تقدیم الدعم الأمیرکی لإسرائیل فی حال شنها ضربات اجهاضیة ضد المنشآت النوویة الإیرانیة, فی حین رفضه 48 فی المئة.
وکان من بین أهداف الاستطلاع معرفة موقف الیهود فی ادارتی الرئیس بوش. فتظهر نتائج الاستطلاع أن الأغلبیة (90 فی المئة) ترى أن الولایات المتحدة تسیر فی الاتجاه غیر الصحیح, وهی نسبة عالیة مقارنة برؤیة الأمیرکیین أن دولتهم تسیر فی الاتجاه غیر الصحیح, اذا استناداً الى استطلاع »لبیو« فی الفترة من 18 إلى 29 یونیو الماضی عبر 76 فی المئة من الأمیرکیین المستطلعین أن بلدهم یسیر فی الاتجاه الخطأ. وتقیم أغلبیة المستطلعین من الیهود أداء الرئیس بوش سلبیاً, فیظهر الاستطلاع أن 16 فی المئة یوافقون على أداء الرئیس بوش الرئاسی, بینما عارض 83 فی المئة أداءه.
ویختلف الیهود مع سیاسات إدارتی الرئیس بوش تجاه الکثیر من قضایا المنطقة, بدایة من الحرب فی العراق مرورا بعملیة السلام بالمنطقة- وصولا إلى التعامل الأمیرکی مع الملف النووی الإیرانی. وعن تعامل الإدارة الحالیة مع الموقف فی العراق عبر 79 فی المئة عن رفضهم لسیاساتها بالعراق مقابل 21 فی المئة, وکذلک رفض الیهود تعامل الإدارة مع الصراع العربی الإسرائیلی فقد وصلت نسبة الرفض إلى 71 فی المئة مقابل 29 فی المئة موافقین على سیاسات الإدارة الحالیة تجاه الصراع العربی - الإسرائیلی.
وعن تقییمهم لسیاسات الإدارة الأمیرکیة الحالیة تجاه إسرائیل, وکونها تحقق أمن إسرائیل, عبر ما یقرب من 61 فی المئة عن أن سیاسات الإدارة الحالیة جعلت إسرائیل أقل أمنا مقارنة بالإدارات الأمیرکیة السابقة, فی حین یرى 25 فی المئة أن الدولة الیهودیة أصبحت أکثر أمنا فی ظل إدارتی الرئیس بوش.
على عکس الاتجاه المتشدد الذی تبدیه الکثیر من المنظمات والمؤسسات والقیادات الیهودیة, أظهر الاستطلاع تدعیم الیهود لأن تبذل الولایات المتحدة دورا متزایدا لمساعدة الإسرائیلیین والعرب على حل صراعاتهم. فتشیر نتائج الاستطلاع إلى أن الیهود یرون أن تحقیق السلام فی منطقة الشرق الأوسط یُعد من أولویات المصلحتین الإسرائیلیة والأمیرکیة وذلک بنسبة 55 فی المئة فی مقابل 30 فی المئة. وعند سؤالهم هل التفوق العسکری فقط أم تحقیق السلام مع التفوق العسکری سیحقق الأمن لإسرائیل? دعم 50 فی المئة من المستطلعین السلام مع التفوق العسکری فی حین أکد 34 فی المئة فقط على التفوق العسکری الإسرائیلی على جیرانها العرب کضمانة لأمن إسرائیل.
وقد أظهر الاستطلاع أن هناک تأییداً للوصول إلى حلول للصراع خلال المفاوضات العربیة - الإسرائیلیة. فأغلبیة المستطلعین والتی تقدر ب¯ 76 فی المئة تؤید المفاوضات الإسرائیلیة مع أعدائها. ویؤید 58 فی المئة الانسحاب الإسرائیلی من مرتفعات الجولان لتحقیق السلام على غرار اتفاقیات السلام مع مصر والأردن. ویؤید 59 فی المئة الانسحاب الإسرائیلی من معظم أراضی الضفة الغربیة. ویؤکد القیمون على الاستطلاع على أن الأغلبیة من الیهود الأمیرکیین یعتقدون أن الحکومة الإسرائیلیة لن توافق على أی اتفاق سلام یضر بأمن ومصلحة إسرائیل. ولذا عبر 81 فی المئة عن موافقتهم على أی اتفاق سلام بین إسرائیل وأعدائها من الدول العربیة.
وفی الوقت الذی لم یحل فیه الصراع حتى الآن وافق 52 فی المئة على ضرورة طلب الولایات المتحدة من الحکومة الإسرائیلیة أن تتوقف عن توسیع المستوطنات. کما أید 76 فی المئة دخول إسرائیل فی مفاوضات مع حرکة »حماس« من أجل تدعیم السلام. ویری 54 فی المئة من المستطلعین أن قتل الجنود الإسرائیلیین المدنیین الفلسطینیین یزید ویشعل الإرهاب. ویرفض 61 فی المئة سیاسة العقاب الجماعی التی تنتهجها إسرائیل کثیرا ضد الفلسطینیین, کما هی الحال فی قطاع غزة والکثیر من المناطق الفلسطینیة. لکن موقف الیهود الأمیرکیین من قضیة القدس لا ینفصل عن موقف یهود العالم الراغبین فی القدس الموحدة کعاصمة لإسرائیل, فقد رفض 56 فی المئة أن تکون القدس الشرقیة جزءاً من الدولة الفلسطینیة - التی سیتم إنشاؤها فی إطار مفاوضات السلام - فی المقابل وافق 44 فی المئة أن تکون القدس الشرقیة جزءاً من الدولة الفلسطینیة الجدیدة.
ویُلاحظ من الاستطلاع أن الیهود الاصلاحیین وغیر المتدینین یدعمون بقوة جهود السلام والدور النشط للولایات المتحدة فی حل الصراع, ویؤید المحافظون السلام والدور الأمیرکی ولکن بصورة أقل من الیهود الاصلاحیین وغیر المؤمنین, أما موقف الیهود الأرثوذکس على العکس من ذلک والذی یعد الأکثر تشددا فی إجاباتهم على الأسئلة المتعلقة بالعراق وإیران وتدعیم الحلول الوسط التی قد تتمخض عنها المفاوضات العربیة - الإسرائیلیة.
وقبل دعوة القس جون هاجی لمؤتمر منظمة "مسیحیون متحدون من أجل إسرائیل, هدف الاستطلاع إلى معرفة موقف الیهود الأمیرکیین من أحدى المنظمات والقیادات الأمیرکیة الداعمة لإسرائیل. فأظهر الاستطلاع معرفة أفراد المجتمع الیهودی للقس هاجی, ولکن رغم معرفة 65 فی المئة من المستطلعین لهاجی أعبر 7 فی المئة عن تأییدهم لهاجی, بینما الأغلبیة لم تؤیده وقد وصلت نسبة عدم تأییده بین أفراد الجالیة الیهودیة إلى 57 فی المئة من أفراد العینیة. وهذا وقد أظهر الاستطلاع أن 51 فی المئة لدیهم إدراک سلبی لمنظمة "مسیحیون متحدون من اجل إسرائیل (CUFI) بینما 19 فی المئة لدیهم ادارک ایجابی للمنظمة.
وبالنسبة ل¯ »لجنة العلاقات العامة الأمیرکیة- الإسرائیلیة (ابیاک) أبدی 38 فی المئة من المستطلعین شعورا ایجابیا تجاهها مقابل 21 فی المئة عبروا عن استیائهم. کما عبر 49 فی المئة عن أن المنظمات الیهودیة التقلیدیة تعبر عن رؤیتها تجاه إسرائیل, ولکن عن سؤالهم عما إذا کانت »أبیاک« ناجحة فی تمثیلهم انخفضت نسبة التأیید إلى 34 فی المئة. وهو الأمر الذی یؤشر إلى ضعف أبیاک عند النظر إلیها فی سیاق المجتمع الیهودی الأمیرکی ککل.
واستنادا الى نتائج الاستطلاع یقول المدیر التنفیذی لمنظمة "جی استریت" جیرمی بن عامی: "أن الأمیرکیین ینتخبون قیادات وسیاسیین لفترة طویلة من الزمن تسئ قراءة مجتمع الیهود الأمیرکیین", ولذا یخلص الاستطلاع إلى أن السیاسیین الأمیرکیین لا یجب أن یرکزوا على رأی الأقلیة بمجتمع الیهود الأمیرکیین, ولکن على ما تنادی به الأغلبیة من الیهود الأمیرکیین. ویری القیمون على الاستطلاع أن إدراک هذا سیحدث تغییرا جوهریا فی السیاسة الخارجیة الأمیرکیة تجاه الکثیر من قضایا المنطقة, وأن من شأن هذا التغییر دفع عملیة السلام بین الإسرائیلیین والعرب وتحقیق أمن إسرائیل.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS