الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

فتحی الشقاقی .. تلمیذ مدرسة الأباء الحسینی وصاعقة الجهاد الفلسطینی على العدو

* بقلم /جمیل ظاهری

 

طهران- قدسنا:

 

 

یعیش الشارع الفلسطینی کل یوم وکل ساعة بل وکل لحظة مأساة  وخیانة وضغوطا وحصاراً لایعیشها شعب آخر سواه وذلک فی ظل صمت اسلامی وعربی خیانی مطبق حتى فی داخل الصف الفلسطینی بقیادة ما تسمى بالسلطة الفلسطینیة التی قامت

على أساس إحقاق الحقوق الفلسطینیة المشروعة المغتصبة والمسلوبة صهیونیاوغربیا .

الى جانب ذلک تمر کل یوم على هذا الشعب المظلوم ذکرى مأساة اغتیال قائد أو بطل من قیاداته وأبطاله الأشاوس ومجاهدیه الشجعان الذین اغتالتهم یدالغدر الصهیونی الآثم بتعاون عربی وغربی خاصة من دول الجوار الفلسطینی هو قائد مسیرة الجهاد الفلسطینی الذی أدخل مرحلة الصراع المتکافىء نوعا ما مع العدو الصهیونی الغاصب عبر ادخال مشروع العملیات الاستشهادیة التی أربکت کل موازین العدو وزعزعت أمنه وأستقراره حتى فی عقر داره ولا یخفى على أحد تلک العملیات الاستشهلدیة التی سلبت الاحتلال الغاصب هناء نومه، إنه المجاهد البطل الشهید الدکتور فتحی إبراهیم عبد العزیز الشقاقی.

ذلک الشهید القائد الخالد الذی سار على درب الأمام الحسین علیه السلام فی العزة والأباء والجهاد والتضحیة والفداء وتعلم من مدرسة الثورة الحسینیة الخالدة دروسا ومناهج علمها فیما بعد لأخوانه وأشقائه فی حرکة الجهاد الاسلامی وهم یمضون الیوم علیها ولذلک نرى أن الخط الوهابی السلفی العربی المتطرف أخذ ومنذ معرفته بهذا الأمر محاربة هذه الحرکة الاسلامیة الفلسطینیة الأصیلة التی لا تعرف الذل والخنوع والرکوع والاستسلام منفذا لها منذ تأسیسها على ید قائدها الشهید أبی أبراهیم فی  أواخر السبعینیات مع مجموعة من أصدقائه واعتبـر مؤسساً وزعیماً للتیار الاسلامی الثوری فی فلسطین .

لقد أراد الشهید السعید فتحی الشقاقی بتأسیسه لحرکة الجهاد الاسلامی أن یعید للعرب والفلسطینیین حلقة الکفاح والجهاد الاسلامی والوطنی المسلح على غرار ما قدمه "عبد القادر الجزائری"، و" جمال الدین الأفغانی"، و"عمرالمختار"، و"عزّ الدِّین القسَّام" الذی کان الشقاقی قد عشقه کثیراً مما دفعه الى أن یأخذ من اسمه "عز الدین الفارس" لیکون اسما حرکیا له.

درس الشقاقی ورفاقه التاریخ جیدا، وأدرکوا أن الحرکات الاسلامیة ستسیر فی طریق مسدود إذا استمرت فی الاهتمام ببناء التنظیم على حساب الفکرة والموقف (أن المحافظة على التنظیم لدیهم أهم من اتخاذ الموقف الصحیح)؛

مما أدى الى انعزال تلک الحرکات عن الجماهیر وتطلعاتها لعقود طویلة ،الأمر الذی دفع بالشهید أبی ابراهیم الى أن یجعل من حرکته خمیرة للنهضة وقاطرة لتغییر مسار الأمة بمشارکة الجماهیر الواعیة والأبیة  دفاعا عن القضیة الفلسطینیة باعتبارها البوابة الرئیسیة للهیمنة الغربیة على العالم العربی والاسلامی.

 لقد مثل الشهید الشقاقی معنى الواجب المقدس فی صراع الحق مع الباطل وأضحى روحا داعیة ومسؤولة فی وسط بحر من اللامبالاة والتقاعس العربی والفلسطینی الخیانی، ولذا بقی وحتى یومنا هذا رمزاً للایمان والوعی والثورة والاصرار على احقاق الحق الفلسطینی المشروع المغتصب حتى  عبر أصعب الوسائل المتاحة ومن هنا قدحت فی بارقة ذهنه الخلاق العملیات

الأستشهادیة التی زعزعت کیان وأرکان العدو الصهیونی بأعتراف کبار قادته .

کان ینادی بالتحرر من التبعیة الغربیة، فطالب بتلاحم الوطن العربی بکل اتجاهاته، ومقاومة المحتل الصهیونی وأراد أن تکون حرکة الجهاد الاسلامی داخل الهم الفلسطینی وفی قلب الاهتمام الاسلامی..خاصة وأنه وجد الشعب الفلسطینی متعطشاً للکفاح بالسلاح فأخذ على عاتقه تلبیة رغباته، فحمل شعار لم یألفه الشعب فی حینها، وهو "القضیة الفلسطینیة هی القضیة

المرکزیة للحرکة الاسلامیة المعاصرة"، فتحول فی شهور قلیلة من مجرد شعار إلى تیار جهادی متجسد فی الشارع الفلسطینی، ومن هنا کانت معادلته (الاسلام – الجهاد - الجماهیر)...وبهذا الخصوص یقول الشهید الشقاقی عن حرکته: "إننا لا نتحرک بأی عملیة

انتقامیة إلا على أرضنا المغصوبة، وتحت سلطان حقوقنا المسلوبة. أما سدنة الإرهاب ومحترفو الإجرام، فإنما یلاحقون الأبریاء بالذبح عبر دورهم، ویبحثون عن الشطآن الراقدة فی مهد السلام لیفجرونها بجحیم ویلاتهم".

 

* الشهید الشقاقی فی سطور :

 

فتحی إبراهیم عبد العزیز الشقاقی ، من قریة "زرنوقة" القریبة من "یافـا"بفلسطیـن المحتلة عــام 1948 والتی هاجرت منها عائلته بعد تأسیس الکیان الصهیونی على الشطر الأول من فلسطین .

ولد فتحی الشقاقی فی مخیم رفح للاجئین عام 1951، وفقد أمه وهو فی الخامسة عشرة من عمره، وکان أکبر اخوته، درس فی جامعة بیرزیت بالضفة الغربیة وتخرج من کلیة الریاضیات وعمل لاحقاً فی سلک التدریس بالقدس المحتلة فی المدرسة "النظامیة" ثم التحق بکلیة الطب بجامعة "الزقازیق" فی مصر، وتخرج منها، وعاد للقدس المحتلة لیعمل طبیبا بمستشفیاتها ، حیث عمل فی مشفى "المطلع" بالقدس المحتلة ومن ثم عمل طبیباً فی قطاع غزة المحتل آنذاک.

وفی لیلة مبکرة من العمر، قبل أن ینحو البصر والذاکرة والبصیرة الى الأبعد، سکب أحد عشر کوکباً فی روحه ماء الوضوء، فیما کان والده الکهل یسکب فیها اسم فلسطین وشکل القریة المسلوبة ودروبها وینابیعها وأشجارها وأطیارها کل صباح ومساء

وقال الشهید الشقاقی فی أحدى کتاباته أنه سأل والده یوما قائلا: متى سنعود یا أبی؟

مضیفاً :"لم أکن أعلم مدى قسوة هذا السؤال على الکبار…وفی خاطری کان هناک إحساس لم یفارقنی بعد أن کبرت، بأن العودة قریبة.. یکفی أن نجتاز المسافةالضبابیة الفاصلة کی نکون هناک…".

وقد تکون المسافة اتسعت أبعد مما تصورهذا الطفل، لکنها تبددت أکثر مما تصور المحتل فی مخیلة أبی إبراهیم ورؤیاه وسیرته.. ففی المخیم الصغیر مخیم رفح المحاط بالجنود والزوابع ومعالم الهجرة، راح فتحی الشقاقی یحث العمر على إدراک عاجل للأشیاء.. فکانت الفکرة هاجسه، وبجانب تعلقه بالصلاة والقرآن والسیرة، کان مأخوذاً بالقراءة، فوقوعه على کتاب جدید أو جریدة أو قصاصة هنا وهناک کان سبباً فی غبطة کبیرة، فضلاً عن أن یکون فی الکتاب أو الجریدة ما یمت إلى الإسلام وفلسطین. ویذکر أخوه الأصغر تلک الرحلات المفاجئة التی کان یرسله فتحی بها کی یعود له بصحیفة أو کتاب وصل عبر الحدود من مصر.

 

* انخراطه فی العمل السیاسی  :

 

انخرط فی العمل السیاسی والنضالی الفلسطینی فی وقــت مبکر أی  منذ منتصف الستینات حیث التحق بالحرکة الاسلامیة فی فلسطیـن عام 1968 ، فقد کان قبل العام 1967 ذا میول "ناصریة"، ولکن هزیمة عام 1967 أثرت تأثیراً بارزاً على توجهاته ووقف کل الوقوف على خواء هکذا حرکات وعدم وجود جذور أو قواعد شعبیة لها کی تتمکن من المضی فی العیش من أحلک الظروف أو حتى أبسطها، لذا وفی العام 1968 أنخرط الشهید الشقاقی بالحرکة الاسلامیة إلا أنه اختلف مع الاخوان المسلمین بعد أن رأى ما رأى  وذلک قبل تأسیسه لحرکة الجهاد الاسلامی الفلسطینیة.

 بعد ذلک کان للشهید الدکتور فتحی الشقاقی موقفا ساطعاً على الساحة الفلسطینیة والعربیة حیث تأثر بالثورة الاسلامیة الایرانیة منذ بدایتها وأنتهج خط الامام الخمینی /قدس سره/ حیث کان من أبرز الفلسطینیین الذین دعوا الى تبنی الثورة الاسلامیة الایرانیة وأفکار الامام الخمینی /قدس سره/ کنموذج فی الجهاد الفلسطینی، حیث ألف کتاباً أسماه " الخمینی ..الحل الاسلامی والبدیل " حیث اعتقلته السلطات المصریة فی عــام 1979 بسبب تألیفه لهذا الکتاب.

ثم أعادت المباحث المصریة اعتقاله فی 20/7/1979 بسجن "القلعة" على خلفیة نشاطه السیاسی والاسلامی لمدة أربعة أشهر الأمر الذی دفعه الى مغادرة مصر الى فلسطین المحتلة فی 1/11/1981 سراً بعد أن کان مطلوباً لقوى الأمن

المصریة.

 

* تأسیسه لحرکة الجهاد الاسلامی فی فلسطین :

 

بعد ذلک قاد الشهید الدکتور فتحی الشقاقی حرکة الجهاد الاسلامی فی فلسطین وسجن فی غزة عام 1983 لمدة 11 شهراً، ثم أعید اعتقاله مرة أخرى عام 1986وحکم علیه بالسجن الفعلی لمدة 4 سنوات و5 أشهر مع وقف التنفیذ: لارتباطه بأنشطة عسکریة والتحریض ضد الاحتلال الصهیونی ونقل أسلحة إلى القطاع" وقبل أنقضاء فترة سجنه قامت السلطات العسکریة الصهیونیة بابعاده من السجن مباشرة الى خارج فلسطین المحتلة بتاریخ 1 أغسطس / آب عام 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطینیة واتهامه بدورٍ رئیس فیـهـا .. ومنذ ذاک الوقت أخذ یتنقل فی بعـض عواصم البلدان العربیة والإسلامیة وکانت آخر أبرز تلک المحطــات مسؤولیته فی تنفیذ عملیة "بیـت لید" بتاریخ22/1/ 1995 والتی أسفرت عن مقتل 22 عسکریاً صهیونیا وسقوط أکثــر مــن 108 جرحـى آخرین.

 

* جهاده وفکره النیر فی الحرکة الاسلامیة الفلسطینیة :

 

تنقل بعدها الشهید المعلم فتحی الشقاقی بین العواصم العربیة والإسلامیة لمواصلة جهاده ضد الاحتلال الصهیونی إلى أن إغتالته أجهزة الموساد الصهیونی فی مالطا یوم الخمیس26/10/1995 وهو فی طریق عودته من لیبیا إلى دمشق بعد جهود قام بها لدى العقید القذافی بخصوص الأوضاع الفلسطینیة على الحدود المصریة.

ویعد الشهید فتحی الشقاقی أحد أبرز رموز التیار المستنیر داخل الحرکة الإسلامیة لما یتمتع به من ثقافة موسوعیة، واستیعاب عقلانی لمشکلات الحرکات الإسلامیة وقضایاها فی العالم العربی والإسلامی. کما یعتبر مجدد الحرکة الإسلامیة الفلسطینیة وباعثها فی اتجاه الاهتمام بالعمل الوطنی الفلسطینی، وإعادة تواصلها مع القضیة الفلسطینیة عبر القتال المسلح، فدخلت بذلک طرفاً رئیسیاً ضمن قوى الاجماع الوطنی الفلسطینی بعد طول غیاب.

وقد صدرت فی القاهرة عن مرکز یافا للدراسات موسوعة بأعمال فتحی الشقاقی السیاسیة والفکریة والثقافیة تعکس شخصیته وآرائه ومواقفه.

 

* الشقاقی.. فی عیون من عرفوه :

 

=  یقول عنه  الدکتور رمضان عبد الله الأمین العام الحالی لحرکة الجهاد الاسلامی فی فلسطین : کان الشهید فتحی الشقاقی أصلب من الفولاذ، وأمضى من السیف، وأرقّ من النسمة. کان بسیطًا إلى حد الذهول، مرکبًا إلى حد المعجزة! کان ممتلئًا إیمانًا، ووعیًا، وعشقًا، وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدمیه. عاش بیننا لکنه لم یکن لنا، لم نلتقط السر المنسکب إلیه من النبع الصافی "وَاصْطَنَعْتُکَ لِنَفْسِی"، "وَأَلْقَیْتُ عَلَیْکَ مَحَبَّةً مِنِّی وَ‌لِتُصْنَعَ عَلَى عَیْنِی"، لکن روحه المشتعلة التقطت الإشارة فغادرنا مسرعًا ملبیًا "وَعَجِلْتُ إِلَیْکَ رَبِّ لِتَرْضَى".

 

= الشیخ راشد الغنوشی من تونس یقول عن الشقاقی: "عرفته صُلبًا، عنیدًا، متواضعًا، مثقفًا، متعمقًا فی الأدب والفلسفة، أشدّ ما أعجبنی فیه هذا المزیج من التکوین الذی جمع إلى شخصه المجاهد الذی یقضُّ مضاجع جنرالات الجیش الذی لا یُقهر، وشخصیة المخطط الرصین الذی یغوص کما یؤکد عارفوه فی کل جزئیات عمله بحثًا وتمحیصًا یتحمل مسؤولیة کاملة.. جمع إلى ذلک شخصیة

المثقف الإسلامی المعاصر الواقعی المعتدل.. وهو مزیج نادر بین النماذج الجهادیة التی حملت رایة الجهاد فی عصرنا؛ إذ حملته على خلفیة ثقافیة بدویة تتجافى وکل ما فی العصر من منتج حضاری کالقبول بالاختلاف، والتعددیة، والحوار مع الآخر، بدل تکفیره واعتزاله".  

= أما الکاتبة والمفکرة "صافیناز کاظم" من مصر فقالت عنه: "لم یکن له صوت صاخب ولا جمل رنانة، وکان هادئا فی الحدیث، وتمیز بالمرح الجیَّاش الذی یولِّد طاقة الاستمرار حتى لا تکل النفس، أعجبته کلمة علی بن أبی طالب رضی الله عنه- عندما نصحوه باتخاذ احتیاطات ضد المتربصین به، فتحرر منذ البدایة من کل خوف؛ لیتحرک خفیفًا طائرًا بجناحین: الشعر والأمل فی الشهادة".

= أما "فضل سرور" الصحفی العربی الشهیر فیقول : "فدائی ومجاهد من نوع متمیز فدائی داخل الانتماء الذی طاله، وفدائی فی النمط الذی انتهجه. فی الأولى استطاع بعد أن کان درعًا لتلقی السهام أن یحول السهام؛ لترمى حیث یجب أن ترمى، وفی الثانیة استطاع أن یؤسس لما بعد الفرد". الشهید فتحی الشقاقی لمن لا یعرفه هو رمز من أغلى رموز الجهاد الإسلامی الفلسطینی وهو مؤسس حرکة الجهاد الفلسطینی التی تأسست فی مصر فی نهایة السبعینات عندما کان یدرس الطب فی جامعة الزقازیق ومعه مجموعة من الفلسطینیین وعاد بعدها إلى فلسطین لیجاهد ویناضل من أجل فلسطین التی عشقها.

فهو علم فی الجهاد من أجل فلسطین الى جانب أنه کان مثقفاً فریدأ ومفکراً عظیما ً قل نظیره فی ساحات الجهاد تماما. وکان موالیاً لأمته قاتل من أجلها فی سبیل الله عزوجل ومن أجل اعلاء کلمة الاسلام ومات مسلماً مجاهداً مناضلاً من أجل الإسلام والجهاد وفلسطین التی کانت کما أراد قضیته المرکزیة والأساسیة والأولى.

 

* التعاون العربی - الفلسطینی الخیانی فی اغتیال الشقاقی :

 

نشرت صحیفة "یدیعوت احرنوت" الصهیونیة ملحقاً خاصا فی عددها الذی نشرت فیه فی الثامن من حزیران عام 2007م، فصلاً من کتاب "نقطة اللاعودة"، من تألیف الصحفی الصهیونی "رونین برغمان"، الذی کشف روایة "الموساد" عن تفاصیل اغتیال الشقاقی فی تشرین الأول من عام 1995، بجزیرة مالطا الایطالیة أثناء عودته من مؤتمر فی لیبیا.

وجاء فی الکتاب أن رئیس الحکومة الصهیونیة فی ذلک الوقت "اسحق رابین" هو من  أمر باغتیال الشقاقی "فی أعقاب تنفیذ الجهاد الاسلامی عملیة بیت لید"، حیث قتل 22 صهیونیا وجرح 108.ومن هنا بدأ "الموساد" الصهیونی الاستعداد لاغتیال الشقاقی، عن طریق وحدة منبثقة تسمى "خلیة قیساریة" وبعد ذلک استطاع "الموساد" أن "یحدد مکان الشقاقی فی دمشق بسهولة" ، إلا أن رئیس شعبة الاستخبارات العسکریة فی الجیش الصهیونی "أوری ساغی" حذّر من مغبة هذه العملیة، معتبرا أن عملیة کهذه "ستؤدی إلى غضب سوری کبیر".کان "الشقاقی" على علم بأنَّه ملاحَق، لذا لم یخرج کثیراً من دمشق وکان حویطا حسبما ذکرت مصادر من "الموساد"  ولذا کان الشقاقی یسافر فقط الى إیران عن طریق رحلات جویة مباشرة. ومع هذه الصعوبة، وضع "الموساد" خطة بدیلة وسعى إلى تطبیقها.

فی بدایة شهر تشرین الأول عام 1995، تلقى الشقاقی دعوةً للمشارکة فی ندوة "تجمع رؤساء تنظیمات الحرکات الجهادیة" فی لیبیا. وعلم "الموساد" أنّ سعید موسى مرارة (أبو موسى) من "فتح" سیشارک أیضاً فی الندوة وهو من ألد خصوم "الشقاقی"، لذا طالب "رابین" المختصین فی الموساد "بالاستعداد".

طریقة سفر"الشقاقی" إلى لیبیا کشفت  للموساد عبرالأطراف العربیة والفلسطینیة الأمنیة المتعاونة معها ، لذا أعدت خلیة قیساریة" خطتین:

اختطاف الشقاقی أثناء سفره من مالطا إلى لیبیا والتی لم یوافق "رابین" علیها ،أو تصفیة "الشقاقی" اثناء وجوده فی مالطا وهو ما تم تنفیذه بعد عودته من المؤتمر فی لیبیا.

یروی "الموساد" إن الشقاقی التقى هناک أبو موسى وطلال ناجی من قیادیی الجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین ـ القیادة العامة تحت قیادة أحمد جبریل ومن ثم عاد الى مالطا فی السادس والعشرین من تشرین الأول وهو یحمل جواز سفر لیبیاً باسم "ابراهیم الشاویش" حیث کان جوازه جدید الصدور!! ولم یجد "الموساد" صعوبة فی تحدید مکانه فی مالطا بناء على اسمه فی جواز السفر.

وصل "الشقاقی" فی صبیحة الیوم نفسه إلى مالطا واستأجرغرفة رقم 616 فی فندق یقع فی مدینة "النقاهة سلیمة" للیلة وفی الساعة الحادیة عشرة والنصف، خرج من الفندق بهدف التسوق حیث دخل إلى متجر"مارکس أند سبنسر" واشترى ثوباً من هناک وانتقل إلى متجر آخر واشترى أیضاً ثلاثة قمصان ، ثم واصل الشقاقی سیره على الأقدام فی مالطا ولم ینتبه إلى الدراجة الناریة

من نوع "یاماها" التی لاحقته طیلة الطریق بحذر.

وبدأ سائق الدراجة الناریة یقترب من"الشقاقی" حتى سار إلى جانبه محتسباً کل خطوة أخرج الراکب الثانی، الجالس وراء السائق، مسدساً من جیبه مع کاتم للصوت، وأطلق النار على الشقاقی.. ثلاثة عیارات ناریة فی رأسه حتى تأکد من أنه "لن یخرج حیاً من هذه العملیة".

ورأى "الموساد" عملیة اغتیال الشقاقی إحدى أنجح العملیات التی قام بها إلا أنَّه أدخل دولة الکیان فی حالة من التأهب القصوى بعدما وصلت إنذارات بعملیات تفجیریة.

ومن الملفت أنه لم یتمکن من دفنه إلا یوم 1 نوفمبر عام 1995 فى سوریا لأن العواصم العربیة کانت ترفض استقبال جثته أو مرور جثته بأراضیها. ووقتها أعلن المجرم السفاح "رابین" عن سعادته بقتل فتحی الشقاقى وقال المجرم أن القتلة نقصوا واحدا، ولکن سعادته لم تدم فقد قام إخوانه المجاهدون بعملیتین ضد الصهاینة المحتلین قتلوا فیها وجرحوا ما یزید عن 120 صهیونیاً.

وکان أمر الله سبحانه وتعالى الذى یمهل ولا یهمل بالمرصاد للسفاح "رابین"فقد قتل على ید بنی جلدته بعد اغتیال "الشقاقی" بعشرة أیام وکأنه ثأر من الله العلی القدیر للمجاهد "فتحی الشقاقی" ولاخوانه المجاهدین الذین قتلهم  ذلک السفاح.

فسلام علیه یوم ولد ویوم أستشهد ویوم یبعث حیا ... سلام حب ووداد ووفاق وعهد بالمضی قدما على نهجه القویم من حی الزیتون وحی التفاح وحی الصبرة..... ودیر البلح... والى کرم أبو سالم "والتین والزیتون": تلک الشجرتان المبارکتان المنغرستان فی بساتین وحقول "بنو سهیلة" و"خزاعة"و"عبسان" وغیرها من العوائل الفلسطینیة المجاهدة والشریفة فی کل بقعة من بقاع فلسطین المحتلة اولئک الذین لایرون فی تحریر کامل ترابهم إلا المضی فی مسیرة الشهید الدکتور فتحی الشقاقی والوسیلة الوحیدة بعیدا عن کل أنواع الذل والهوان والاستسلام والتساوم ... وبذلک سیشهد "طور سینین" بأن فلسطین ستعود کی تبقى الارض المبارکة کما وعدنا الله سبحانه وتعالى فی محکم کتابه الکریم ... و سیکون أبناؤها المجاهدون الأشاوس الأباة من أبناء الجهاد وحماس وغیرهم "عصا موسى" السحریة المشرقیة التی القاها منذ عصور قدیمة فی النیل لتعود تنبت سلالة طیبة من الأشجار والورود والریاحین تلتف حول القدس الشریف الذی یأبى أن یتحرر الا على أیدی المؤمنین  رغم غیظ المتآمرین والمأجورین وحنق فراعنة العصر فی مصر والسعودیة والاردن وغیرهم من الحکام العرب العملاء ... وسنسمع بعون الباری تعالى صوت المنادی قریبا وهو یصیح ادخلوها ان شاء الله آمنین ...

رئیس تحریر صحیفة کیهان العربی*


| رمز الموضوع: 139730







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)