الثلثاء 15 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

تقریر دیسکین ...مخاوف جهاز الأمن العام الإسرائیلی

لیست هی المرة الأولى التی یقف فیها یوفال دیسکین رئیس جهاز الأمن العام الإسرائیلی "الشاباک"، أو غیره من الرؤساء السابقین لجهاز المخابرات الداخلیة الإسرائیلی "الشین بیت"، أمام لجنة الخارجیة والأمن فی الکنیست الإسرائیلی، أو أمام المجلس الوزاری الإسرائیلی المصغر، أو ما یسمى بالمجلس الوزاری الأمنی، الذی یضم سبعة وزراء إسرائیلیین، ویقوم خلال اللقاء بتقدیم تقریرٍ أمنیٍ عن مرحلةٍ سبقت، وإعطاء تقدیرات محددة، وتقدیم اقتراحات، أو توجیه تحذیرات، وخاصة إثر المنعطفات الأمنیة الحادة التی تمر بها اسرائیل، وقبل قیام الحکومة الإسرائیلیة باتخاذ إجراءات عملیة معینة، عسکریة أو أمنیة، وتولی الحکومة الإسرائیلیة اهتماماً کبیراً للتقاریر التی یقدمها رئیس جهاز الشاباک الإسرائیلی، وتعتبر المعلومات والتوصیات التی یتقدم بها توصیات ملزمة للحکومة الإسرائیلیة، ویتحرج رئیس الحکومة من مخالفة فحوى التقاریر مخافة أن یتعرض لانتقاداتٍ من الکنیست أو الرأی العام الإسرائیلی، ولهذا فإن رئیس الحکومة الإسرائیلیة یعتمد کثیراً على المعلومات التی یقدمها له رئیس جهاز الاستخبارات، ویعتمد التوصیات والمقترحات التی یتقدم بها .

ویعتبر یوفال دیسکین من أخطر رؤساء جهاز الشاباک الإسرائیلی، ویعتبر من کبار المخططین الإستراتیجیین الإسرائیلیین، ویفاخر یوفال دیسکین أنه ورجاله قد قتلوا على مدى العامین الأخیرین، فی الضفة الغربیة وقطاع غزة أکثر من 810 فلسطینیاً، وذلک عدا الذین قتلوا إبان العدوان الإسرائیلی الأخیر على قطاع غزة نهایة العام 2008، وقال فی إحدى جلسات المجلس الوزاری الأمنی الإسرائیلی المصغر أن أکثر من 600 من الذین قتلهم جهازه الأمنی یتبعون إلى تنظیماتٍ فلسطینیة، ولکن جهات غیر حکومیة، فلسطینیة وإسرائیلیة تؤکد أن عدد الذین قتلهم دیسکین یفوق الألف فلسطینی، منهم قرابة 400 فلسطینی من الأطفال والقاصرین، ومنهم أطفال لم یتجاوزوا فی أعمارهم أیاماً أو شهوراً .

ولکن تقریر یوفال دیسکین الأخیر لعام 2009 أمام الحکومة الإسرائیلیة، حمل مخاوف وهموم إسرائیلیة حقیقیة، کما تضمن إدعاءات وأمانی وشبهات وأضالیل إسرائیلیة، وإحصاءاتٍ وبیاناتٍ وهمیة، وحاول التقلیل من فشل جیش الاحتلال الإسرائیلی والمؤسسة الأمنیة الإسرائیلیة فی مواجهة حرکة حماس، وقوى المقاومة الفلسطینیة، کما حاول أن یضخم کثیراً من انجازات جهازه فی مواجهة عملیات المقاومة الفلسطینیة، وسعى إلى إظهار حرکة حماس بأنها تنظیم عسکری إرهابی، یشکل خطراً على السلم والأمن فی المنطقة، فذکر أنه منذ انتهاء عملیة "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة، تم تهریب 45 طناً من المواد الخام لصناعة الوسائل القتالیة، من بینها 22 طناً من المواد المتفجرة المطابقة للمواصفات، وقذائف مضادة للطائرات، وقذائف مضادة للدروع، ومئات القذائف الصاروخیة، وکان یقصد بهذه المعلومات تبریر العملیات العسکریة الإسرائیلیة ضد الأهداف الفلسطینیة، وخاصة ضد أهدافٍ خاصة بحرکة حماس، أو مقرات حکومتها فی غزة، فی محاولة منه لإقناع الرأی العام الدولی، وخاصةً دول الاتحاد الأوروبی، أن المساعدات التی تقدمها للشعب الفلسطینی، تستخدم فی مناحی مخالفة، وأنها تصرف فی تسلیح المقاومة الفلسطینیة، وبغض النظر عن نوایا یوفال دیسکین، وعن مدى دقة المعلومات والبیانات التی قدمها، فإن المقاومة الفلسطینیة ماضیة فی تسلیح نفسها، وتقویة قدراتها القتالیة والدفاعیة، لأنها تدرک أنه بغیر القوة فإنها لن تستطیع حمایة نفسها، ولا الدفاع عن شعبها، وقد تبین هذا الأمور بوضوح إبان العدوان الإسرائیلی الأخیر على قطاع غزة، فلولا قدرة المقاومة على الصمود والمواجهة، لتکررت نتائج العدوان الإسرائیلی الأول على قطاع غزة عام 1956، والثانی فی یونیو عام 1967، والذی ترتب علیهما قتل واعتقال الآلاف، واحتلال قطاع غزة بکامله، رغم وجود حامیة عربیة فیه خلال العدوانین.

وذکر یوفال دیسکین أن حرکة حماس وفصائل فلسطینیة أخرى تخطط لاختطاف جنود ومواطنین إسرائیلیین، وهی وإن کانت دعوة صریحة من رئیس الجهاز الأمنی الإسرائیلی إلى الحکومة الإسرائیلیة، لتأخذ المزید من الحیطة والحذر، لحمایة مواطنیها وجنودها من خطر الوقوع فی أسر المقاومة، خاصةً فی ظل المعاناة الهائلة التی عاشتها الحکومة الإسرائیلیة خلال محاولاتها المحمومة لاطلاق سراح الجندی الإسرائیلی الأسیر جلعاد شالیط، إلا أنها تعبر عن حقیقیة مفادها أن المقاومة الفلسطینیة لن تتخلى عن حلم الافراج عن السجناء والمعتقلین الفلسطینیین، وأنها ستبذل قصارى جهودها لینال المعتقلون حریتهم، وأنها لن تستسلم للادارة الإسرائیلیة التی تحتجز حریتهم لمئات السنوات، ولهذا فهی تخطط وتعمل لمزیدٍ من عملیات الأسر والاختطاف، لتتمکن من نیل حریة أبناءها، إذ لیس هناک من سبیلٍ آخر لتحریر أکثر من أحد عشر ألف معتقل فی السجون الإسرائیلیة غیر سبیل الأسر والاختطاف، وما جاء به دیسکین هو تأکید على ما تسعى إلیه المقاومة الفلسطینیة.

وأشاد یوفال دیسکین فی تقریره بجهود الحکومة المصریة فی مکافحة أعمال التهریب التی یقوم بها أهل غزة عبر الأنفاق، وذکر بأن الحکومة المصریة لا تتأخر فی مهاجمة وتدمیر الأنفاق حال توفر أی معلوماتٍ عنها، وأنهم یعملون بفاعلیة ضدها، ونفى أی تواطؤ بین الحکومة المصریة وحرکة حماس فی قطاع غزة، وذکر بأن مصر تتشدد فی شروط تعاملها مع حکومة حماس فی قطاع غزة، ودعا دیسکین الحکومة الإسرائیلیة إلى ممارسة المزید من الضغوط على مصر والمجتمع الدولی، لتشدید الحصار على قطاع غزة، وعلى حکومة حماس فیها، وأشار إلى أن حرکة حماس وحکومتها یعانیان کثیراً من الحصار، خاصةً فی ظل النقص الحاد فی مواد البناء والإعمار، إذ أن حرکة حماس مهمومة کثیراً فی محاولات إعادة إعمار قطاع غزة، وهو أمرٌ یشکل علیها ضغطاً وعبئاً شعبیاً کبیراً، واعتبر أن تمکین حرکة حماس من إعادة إعمار غزة سینعکس سلباً على مصالح إسرائیل وأمنها، إذ أنه سیمکنها من إعادة تخطیط قطاع غزة بما یخدم خططها الدفاعیة والقتالیة، خاصةً لجهة بناء أنفاقٍ وملاجئ، ولذا فقد دعا الحکومة الإسرائیلیة إلى التنبه إلى أخطار تمکین حرکة حماس من إعادة بناء وتخطیط قطاع غزة، ودعا دیسکین الحکومة الإسرائیلیة إلى الاستفادة من الخصومة القائمة بین السلطة الفلسطینیة وحرکة حماس، وأشار إلى أن احتمالات إتفاق الطرفین ضئیلة، وأن قضایا الخلاف بینهما کبیرة، وأن الهوة بینهما مازالت أکبر من أن تتجاوزها المساعی المصریة، ولکنه أشار إلى صعوبة التوصل إلى إتفاق سیاسی مع السلطة الفلسطینیة فی ظل الانقسام القائم بینها وبین حرکة حماس، ودعا الحکومة الإسرائیلیة إلى الاستمرار فی اتباع سیاسة المطرقة مع حرکة حماس، مشیراً إلى أنها تعیش مأزقاً حقیقیاً، وأن الاستمرار فی استخدام سیاسة المطرقة معها یربکبها، ویزید من حجم الأزمة الداخلیة التی تعیشها مع المواطنین الفلسطینیین فی غزة، ودعا الحکومة الإسرائیلیة إلى التنبه لخطر الدعم والإسناد الذی تتلقاه حرکة حماس من فلسطینیی مناطق ألـ 48، الذین أصبح لهم دورٌ لافتٌ وخطر إزاء القضایا العرییة فی الضفة الغربیة وقطاع غزة، وخاصة نشاط الحرکة الاسلامیة الملحوظ فیما یتعلق بمدینة القدس والمسجد الأقصى .

ودعا یوفال دیسکین حکومته الإسرائیلیة إلى ضرورة دعم سلطة محمود عباس، والحیلولة دون إنهیار سلطته، والعمل على تعزیز مکانته لدى الفلسطینیین، وأکد على أهمیة الدور الذی تلعبه حکومة سلام فیاض، خاصة فی مجال التنسیق الأمنی، وملاحقة المطلوبین، وافشال مخططات فصائل المقاومة الفلسطینیة، إذ أن معدل العملیات العسکریة التی کانت تقوم بها الفصائل الفلسطینیة فی الضفة الغربیة قد انخفضت بنسبة 90%، وذکر یوفال دیسکین أن أجهزة السلطة الفلسطینیة قد انهارت إلى درجة کبیرة إبان العملیات العسکریة الإسرائیلیة على قطاع غزة، وهذا الانهیار لا یخدم مصالح إسرائیل، وأشار دیسکین إلى الجوانب الإیجابیة لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربیة، واعتبر أن الفصل بینهما یحقق مصالح أمنیة لإسرائیل، ورفض العمل على إعادة الربط بینهما، الأمر الذی من شأنه أن یشجع على إعادة بناء البنیة التحتیة للإرهاب هناک، وهو ما سیؤدی إلى إلحاق الضرر بمصلحة إسرائیل الأمنیة، واعتبر أن السلطة الفلسطینیة لن تتمکن من استعادة بسط سیطرتها على قطاع غزة، ولکن بإمکان حرکة حماس التمدد فی الضفة الغربیة، وأشار دیسکین إلى خطورة إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حرکة حماس، وأنها ستزید فی عزلة سلطة محمود عباس، کما أن اتمام الصفقة قد یزید من درجة الخطورة على أمن اسرائیل، واعتبر أن أطلاق سراح البرغوثی کزعیم سیاسی، إلى جانب إطلاق سراح أسرى من حماس من الضفة الغربیة قد یساعد على عودة الإرهاب، وسترفع الصفقة من شعبیة حرکة حماس، وسترفع من أسهمها فی الانتخابات التشریعیة القادمة على حساب حرکة فتح، التی تعیش برأیه أسوأ ظروفها منذ نشأتها، حیث یتنافس أقطابها على التسابق لجمع الأموال العامة، ویتنافسون على مراکز القوى، ویحیکون المؤامرات ضد بعضهم البعض، وأخذوا یبنون أقطاباً ومراکز، وجندوا أشخاصاً یحملون الأسلحة لحمایة المسؤولین من بعضهم بعضاً، بل ذهبت الأمور أبعد من ذلک بکثیر حینما یخطط أقطاب وقادة من فتح لإطلاق النار على بعضهم بعضاً من قبل أعوانهم، فی حین حذر دیسکین من تعاظم قوة حرکة حماس، حیث یتصرف قادتها بحنکة کبیرة، ویحرصون على عدم هدر المال العام، ویحاولون أن یظهروا کنزهاء، ویرفضون الفساد ورموزه .

وأخیراً دعا یوفال دیسکین الحکومة الإسرائیلیة إلى ضرورة العمل وبسرعة ضد حرکة حماس والفصائل الفلسطینیة فی قطاع غزة، مخافة أن تتحول حماس إلى حزب الله، وغزة إلى جنوب لبنان، وعندها سیکون من الصعب على الحکومة الإسرائیلیة معالجة تفاقم الأوضاع الأمنیة فی قطاع غزة وفی جنوب إسرائیل، وأکد دیسکین خشیته من أن حرکة حماس قد امتلکت صواریخ ومعدات عسکریة تهدد وسط إسرائیل فضلاً عن مدن الجنوب، وأن صواریخها أصبحت قادرة على إصابة أهداف فی تل أبیب، وأن مداها یتجاوز الثمانین کیلومتراً، وأشار دیسکین إلى خطورة تنامی النفوذ الإیرانی داخل الأراضی الفلسطینیة، وخطورة علاقة حرکة حماس معها على أمن إسرائیل، وأشار إلى أن احتمالات قیام انتفاضة فلسطینیة ثالثة فی عام 2010 احتمال ضعیف، ولکنه أشار إلى أن أی تفجیر أو أحداث کبرى کالاعتداء على الأقصى أو حرقه قد یفجر الأوضاع فی المنطقة.

تلک کانت بعض مخاوف وآمال رئیس المؤسسة الأمنیة الإسرائیلیة، والذی تعتمد الحکومة الإسرائیلیة کثیراً على تقاریره، وتستجیب لتوصیاته ومقترحاته، ولکن قراءة متأنیة لتقریره الأخیر، وتقاریره السابقة، تشیر إلى تنامی ظاهرة الخوف لدى الاستراتیجیین الإسرائیلیین على مستقبل

کیان الاحتلال ، وأنهم یخشون على مستقبلهم من وحدةٍ فلسطینیة، ومن إرادةٍ عسکریة فلسطینیة واعدة، فی ظل قیادةٍ راشدة، تکذب آمالهم، وتمحق أحلامهم، وتعید تشتیت شعبهم.

ن/25


| رمز الموضوع: 139756







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)