ممنوع أمریکیا على الجیش اللبنانی مواجهة إسرائیل!
ممنوع أمریکیا على الجیش اللبنانی مواجهة إسرائیل!
صالح بن بکر الطیار
وقع یوم 3/ 8/ 2010 اشتباک مسلح بین الجیش اللبنانی والقوات الإسرائیلیة فی منطقة العدیسة فی جنوب لبنان بسبب إصرار القوات الإسرائیلیة على إزالة شجرة من داخل الأراضی اللبنانیة لأنها تحجب عمل کامیرا ترید إسرائیل وضعها لمراقبة الحدود مع لبنان، وأسفر الإشتباک عن مقتل عسکریین لبنانیین ومدنی وإصابة عدة جرحى مقابل مقتل ضابط اسرائیلی وأصابة عدة جنود بجراح.
واستنفرت على ضوء ذلک الدبلوماسیة اللبنانیة والإسرائیلیة وتم تقدیم شکاوى متبادلة الى مجلس الأمن، واندلعت حملة تصریحات من الجهات المعنیة حیث أشاد الجانب اللبنانی بصمود جیشه وبالبطولة التی بذلها فیما کانت التصریحات الإسرائیلیة تعبر عن دهشتها لدخول الجیش اللبنانی فی مواجهة مع الجیش الإسرائیلی لأنها ترید من القوى الأمنیة اللبنانیة أن تکون بمثابة حرس حدود لضمان أمن إسرائیل، أو على الأقل هذا ما کانت واشنطن تنقله إلى الجانب الإسرائیلی لتبریر أسباب دعمها العسکری المتواضع للبنان.
ولهذا بقدر ما کانت المواقف الإسرائیلیة ناقمة ضد الدولة اللبنانیة بقدر ما کانت منتقدة للدعم العسکری الأمریکی إلى حد وجدت فیه وزارة الخارجیة الأمریکیة نفسها مضطرة الى التبریر بأن السلاح الذی استخدمه الجیش اللبنانی فی الإشتباک لیس من ضمن المساعدات العسکریة الأمریکیة.
وبما أن التبریر الأمریکی لم یقنع کثیراً الجانب الإسرائیلی فقد تم الإیعاز إلى اللوبی الإسرائیلی فی الکونغرس الأمریکی حیث أعلن هاورد برمان، رئیس لجنة الشؤون الخارجیة فی مجلس النواب الأمریکی الدیمقراطی أنه جمد مساعدة بقیمة مائة ملیون دولار مخصصة للجیش اللبنانی. وبعث ایک سکیلتون، رئیس لجنة الخدمات المسلحة فی مجلس النواب، وهو عضو دیمقراطی موال للبیت الأبیض، برسالة إلى روبرت جیتس، وزیر الدفاع، یطلب فیها إطلاعه رسمیا على الوضع فی لبنان، بما فی ذلک الإجراءات الموجودة حالیا لحمایة المساعدات العسکریة المخصصة للبنان.
واللافت أن النائب البارز فی الحزب الجمهوری اریک کانتور لم یکتف بالتجاوب مع إسرائیل لمعاقبة الجیش اللبنانی بل اشترط أن یثبت الجیش أنه لا یتعاون مع حزب الله. وکشف کانتور أن بلاده قدمت مساعدة عسکریة للجیش قیمتها 720 ملیون دولار منذ عام 2006 لبناء جیش مهمته لجم قوة حزب الله مما یعنی أنه ممنوع على الجیش اللبنانی سحب سلاحه بوجه إسرائیل بل استخدامه فی مواجهات داخلیة فقط.
ومعلوم أنه جل ما قدمته الولایات المتحدة إلى الجیش اللبنانی منذ العام 2006 لم یکن سوى بعض الدورات التدریبیة لعناصر من الجیش وتزویده بـ575 عربة هامفی و200 شاحنة وبعض أجهزة الاتصال وقطع غیار، إضافة الى رشاشات وبنادق خفیفة. وکانت واشنطن ترفض باستمرار تزوید لبنان بأی أسلحة ثقیلة لحمایة حدوده، کما کانت تضغط على أی دولة لمنعها من أن تساعد لبنان فی هذا الإطار.
هذا الواقع کشف عن خطورة المخطط الأمریکی وأوضح بشکل لا لبس فیه عن خلفیة المساعدات العسکریة لتضاف بذلک إلى فضیحة أخرى سبق وتم الکشف عنها وتتلخص بأن الدورات التدریبیة التی تقیمها القوات الأمریکیة لقوى أمنیة لبنانیة یجب أن تشمل فقط عناصر حائزین على رضى واشنطن ولیسوا خارج التصنیفات الأمریکیة السیاسیة والأمنیة.
ولعل هذا ما دفع برئیس الجمهوریة اللبنانیة میشال سلیمان إلى التصریح بأن لبنان لا یقبل الحصول على أی مساعدات عسکریة مشروطة داعیاً الحکومة والشعب إلى التأزر، ومقترحاً تقدیم تبرعات شعبیة إلى الجیش لیتسنى له شراء احتیاجاته من السلاح دون قید أو شرط ومن أی جهة یراها مناسبة.
وفعلاً لقی هذا المقترح إقبالاً شعبیاً حیث اتصل العدید من المواطنیین بالقصر الجمهوری للإعراب عن استعدادهم للمساهمة مالیاً، کما لقی المقترح ترحیباً من سائر القوى السیاسیة اللبنانیة. ومن المنتظر أن یحدد مجلس الوزراء فی أول جلسة له الآلیات التنظیمیة لکیفیة قبول الهبات والتبرعات.
ن/25