سلام "فیاض".. إسقاط شعب بأکمله
سلام "فیاض".. إسقاط شعب بأکمله
أحمد القدوة
اعتراف رئیس وزراء السلطة الوطنیة الفلسطینیة سلام فیاض بأن حکومته ملتزمة بنبذ العنف ورفض التحریض الذی یستهدف "إسرائیل" أمام عدد من یهود الولایات المتحدة، هو بمثابة سقوط فی الهاویة من طرف ثانی أکبر "مسؤول" فی السلطة التی أکدت مراراً التزامها بمقررات الاتفاقیات الأمنیة الموقعة مع تل أبیب.
لم یکن "فیاض" مغرداً وحیداً فی سرب طیور السلام الفلسطینیین الذین یرغبون فی الحصول على دعم أمریکی وغربی فی طریقهم "المزعوم" "کذبة إسرائیلیة" من أجل السلام فی المنطقة، لکنه کان الأکثر جرأة فی تمریر أهداف "إصلاحیة متأتیة من الغرب وواشنطن على وجه الخصوص"! تستهدف النیل من الشعب الفلسطینی...لا ندری، هل هی بدایة الخیانة للمشروع الوطنی الفلسطینی؟ أم أن تلک الخیانة مزروعة منذ زمن؟.
یقول فیاض حسبما نقلت عنه وکالات الأنباء العالمیة ووسائل الإعلام العربیة:"إنه یرفض فکرة التحریض ضد إسرائیل وأن حکومته ملتزمة بنبذ العنف ضدها، إضافة إلى التزامها بعدم وجود أی تحریض فی المناهج التعلیمیة الفلسطینیة"، وذلک حفاظاً على "قاعدة عدم الإضرار بمصالح جیراننا" أی تل أبیب التی "تقدم تسهیلات اقتصادیة للمشاریع التی یشرف علیها فیاض فی الضفة الغربیة" المحتلة.
یبدو من هذا أن فیاض الذی تحول إلى صاحب فکرة "السلام الاقتصادی" و"بناء مؤسسات الدولة" یرید إسقاط شعب بأکمله فی آتون قبول القاتل الإسرائیلی کصدیق وربما "شقیق فی الممارسة" لتمریر هدف سام جاء من أجله وزیراً للمالیة بحجج "مکافحة الفساد" أثناء انتفاضة الأقصى بدعم من الرباعیة الدولیة والولایات المتحدة التی أرادت حینها "تحجیم دور الرئیس الشهید یاسر عرفات وتجفیف منابعه المالیة" لضمان عدم تنفیذ عملیات فدائیة ضد أهداف إسرائیلیة.
وفیاض الذی اعتلى کرسی رئاسة وزراء السلطة عقب اقتتال حرکتی "فتح" و"حماس" أدان جمیع العملیات المسلحة التی قام بها فلسطینیون ضد إسرائیلیین "مغتصبین" للأرض فی الضفة الغربیة المحتلة... بل قام بتوجیه قوى الأمن الفلسطینی المحسوبة للأسف على حرکة "فتح" نحو تکرار أخطاء الماضی الممثلة فی "حبس عناصر حرکتی حماس والجهاد الإسلامی" إرضاء لتل أبیب التی لم تقدم بالمقابل أی شیء تجاه أفعال المستوطنین الذین یحرقون أشجار الزیتون ویعتدون على المساجد والکنائس ویحرقون ویستولون على بیوت الفلسطینیین فی القدس المحتلة والضفة الغربیة بل تعمل على حمایتهم !، ولماذا لا تضع السلطة الفلسطینیة شرطاً أساسیاً یطالب إسرائیل بقمع المتطرفین الإسرائیلیین؟ أم أن الأمر یقتصر على الفلسطینی فقط؟.
لقد تحولت السلطة الوطنیة الفلسطینیة التی یقود رئاسة حکومتها سلام فیاض إلى مجرد "أداة" تحمل برنامجا سیاسیاً واحداً لا بدیل عنه، وفرضت أمراً واقعاً على کافة التنظیمات الفلسطینیة "المقاومة" إضافة إلى المجتمع الفلسطینی الذی ینتظر بـ"فارغ الصبر" إجراء استفتاء حول الاتفاقیات المنوی توقیعها مع تل أبیب، تخص إنهاء الصراع الفلسطینی – الإسرائیلی...
ولماذا یلتزم فیاض وحکومته بضمان "عدم التحریض ضد إسرائیل"؟، بینما لا تلتزم حکومة "نتنیاهو" مثلاً بعدم التحریض ضد الفلسطینیین!، أو لا تلتزم بإیقاف الفکرة التی تنوی تل أبیب القیام بها والممثلة فی شن حملة تحریض ضد رئیس السلطة الفلسطینیة "محمود عباس" فی القنوات الإسرائیلیة، حسبما یقال فی الإعلام، أم أن فیاض لا یهتم بذلک ویرید أن یکون محل إعجاب رعاة التفاوض الأمریکیین؟.
إن التصریح الناری الذی أطلقه فیاض، یجب أن یحاسب علیه کونه لا یتفق مع الواقع الفلسطینی، المفترض أنه یحاکی الحکومة الإسرائیلیة بلغتها التی تحرض وتقتل وتقتلع الفلسطینی من أرضه، لأنه خرج بذلک عن أساسیات "الکفاح" ضد إسرائیل وفضح جرائمها أمام الرأی العام الدولی.
یقول فیاض إنه یرید بناء "مؤسسات الدولة" التی یرغب الفلسطینیون فی إقامتها فوق أرضهم، وهل أولى قواعد هذه الدولة هو ضمان أمن تل أبیب ونبذ العنف ضدها؟ وکیف ستکون حکومة ذات مصداقیة أمام الشعب الفلسطینی فی حال تجاهلها "جرائم المحتل" بحجة الالتزام بعدم التحریض ضد إسرائیل؟ وأیضاً ما هی الوسیلة التی تکفل بها حکومته نبذ العنف ورفض التحریض ضد تل أبیب؟.
ولا شک فی أن السلطة الفلسطینیة أثبتت أنها غیر قادرة على "لملمة" الصف الفلسطینی، وبقیت مجرد راع لا یقوم بواجباته غیر دفع الأموال لموظفیه، دون وجود "استراتیجیة وطنیة" موحدة تضمن أمن الفلسطینیین وتدفع بهم إلى بر الأمان، لذلک یتجرأ کل من هو صاحب فکرة التخلی عن الأرض والهویة على طرح أفکار لا یزال باکراً الحدیث عنها!، وإن کانت الأوضاع الفلسطینیة على وجه الخصوص، لا تستدعی مثل تصریحات فیاض التی أعطى فی کثیر منها الحق لإسرائیل فی التطاول على الأرض، بعد أن منحها وسام "النظافة من دم الفلسطینی" إثر التزامه بعدم التحریض ضدها ونبذ أی عنف بحقها.
ن/25