لماذا لا یحترم الغرب سلطة أوسلو؟
لماذا لا یحترم الغرب سلطة أوسلو؟
خالد برکات
لماذا لا یحترم الغرب الإمبریالی سلطة العجز الفلسطینیة فی رام الله؟ ولا یقیم لها أی وزن؟ ولا یرى فیها غیر أداة مطواعة، یصرف علیها بالیورو والدولار، لتسلیک أموره وتسهیل إدارة الاحتلال الإسرائیلی ومعاونتهم فی تطویع فلسطین لخدمة مخططاتهم الاستعماریة فی المنطقة؟ یقال لهذه السلطة فی الجلسات السریة والعلنیة: ماذا یعنی مثلا لو قبلتم بالاستیطان فی الضفة- مؤقتا- إلى أن تفک عقد التسویة- بدولة مؤقتة-؟ ویقال لها: تخلیتم وتنازلتم عن أمور کثیرة، فهل ستقف الأمور عند حدود الاستیطان؟ ثم لا تنسوا أننا ندفع لکم، ومن یدفع، یرکب!
لا ینتظر الغرب "رد السلطة"، بل یستمر فی تقاسم الملف الفلسطینی، یوزع فتاته على المخابرات العربیة، خاصة المخابرات المصریة، التی تدیر الآن "ملف المصالحة" الذی بدوره صار شأنا و"ملفا أمنیا" فی أدراج مخابرات العرب..
على ید السلطة الفلسطینیة تقزمت أقدس قضیة قومیة وإنسانیة عرفها البشر فی العصر الحدیث. وعلى یدها تقزمت قضیة العرب المرکزیة، وتشوهت صورة النضال الوطنی الفلسطینی، فهذه ید فلسطینیة عمیلة ومدسوسة، مذ قبلت أن یدفع ثمن البندقیة "الجدیدة" تاجر نفط ومستعمر أجنبی. ومذ تحول "الفدائی الفلسطینی" إلى شرطی أمن فی رام الله وجنین، یقف تحت الشمس لحراسة بنوک فیاض ومشاریع دولته العتیدة!
طعنت السلطة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی فی ظهره، وخدعت الأمة العربیة وبما فی ذلک بعض الدول، وقامرت بحقوق الشعب على طاولات المفاوضات والتعهیر السیاسی، والآن تریدنا أن نقبل بکل کوارثها ونشرع وجودها اللا شرعی واغتصابها لقرار الشعب ومؤسسات منظمة التحریر الفلسطینیة!!
قطعت السلطة الفلسطینیة "شرش الحیاء" کما یقول لسان حال الفلسطینیین، لم تعد تخاف على أی شیء غیر امتیازاتها الصغیرة التافهة فیما تدعی الیوم تمثیل الشعب ومصالحه الوطنیة. إن من یجلس على طاولة اللجنة التنفیذیة حول السلطة مجرد مرتزقة من السیاسیین والتجار، یشتری ضمائرهم بـ5 آلاف دولار، معظمهم أمناء عامون لفصائل تداعت وسقطت، و"مسؤول" یغتصب قرار تنظیمه وحزبه السیاسی ویذهب مع من یدفع له أکثر.
الغرب الاستعماری لا یحترم هؤلاء، فمن لا خیر له فی أهله، لن یکون له الخیر فی أی مکان، ومن یتمرد على الشعب الفلسطینی وإرادته سوف لن یجد من العالم سوى الازدراء والتقزز. إن أیة قیادة حقیقیة تستمد هیبتها من هیبة الشعب وکرامته الوطنیة، حین تدافع عن قراره الجماعی الدیمقراطی، لا عن قراراتها هی، هکذا تصبح شرعیة، حتى لو لم تکن منتخبة عبر صنادیق الاقتراع.
فالشعب الذی تکویه سیاط الاحتلال والمنافی منذ 62 عاماً لا یحتاج لصندوق انتخابات کی یعرف إن کانت قیادته تخونه أم لا. کیف والأمر یحدث أمام ناظریه وفی العراء و"على عینک یا تاجر"؟
الغرب الذی ینهب الأمة العربیة ویسرق ثرواتها وینتهک مقدساتها، لا یرى فی السلطة الفلسطینیة إلا مجرد مرحلة- مطیة على الطریق، هیئة فلسطینیة مؤقتة یمکن خنقها فی أیة لحظة نرید، هی مطیة وحجة فی الوقت عینه، والخلاص منها سهل وممکن فی أیة لحظة. لا من أجل الفلسطینیین، بل من أجل أن نجلب لهم قیادة أسوأ ألف مرة. فهل ننتظر قیادة وسلطة فلسطینیة أسوأ، أن نرکل هذه السلطة إلى سلة المهملات ونحمی قضیتنا وحقوقنا؟!!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS