لم یبق أمام العرب إلا التفاوض مع «سارة نتنیاهو»!
لم یبق أمام العرب إلا التفاوض مع «سارة نتنیاهو»!
محمد صالح مجیّد
"عزیزی رئیس الوزراء، زوجتی لا تُعیّن المقرّبین منها فی مناصب قیادیة بالحکومة وخارجها".. هکذا خاطب رئیس الکنیست "رؤوبین ریبلین"- غاضبا- رئیس الوزراء الإسرائیلی "بینیامین نتنیاهو" مُلمّحا إلى الدور الکبیر الذی تلعبه زوجة رئیس الوزراء "سارة نتنیاهو" فی تسمیة مُعاونی زوجها ومستشاریه والتحکّم، عن بعد، فی سیاسة الحکومة وبرامجها.
ولئن کان خطاب رئیس "الکنیست" عنیفا ومباشرا یعکس الصراع الدائر بین الرجلین الذی احتدم خاصّة عند مناقشة میزانیة الدولة، رغم انتمائهما إلى الحزب نفسه، فإنّ مضمونه لم یعد سرّا. ذلک أنّ تعاظم دور "سارّة نتنیاهو" قد تجاوز الدوائر الضیّقة، والفضاءات المغلقة إلى صفحات الجرائد.
فقد أشارت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" إلى ما أسمته "أدوارا خفیّة" لعقیلة رئیس الوزراء القادرة على التدخّل فی أیّ قرار سیاسیّ یمکن أن یتّخذه زوجها. وأکّدت ذات الصحیفة زرع هذه المرأة لجواسیس فی إدارة زوجها ینقلون لها کلّ ما یدور فی غیابها. وممّا تؤکّد به الجریدة نفوذ "سارة نتنیاهو" خبر حرصها على تعیین صدیقتها فی دیوان زوجها، ونجاحها فی إقناعه بتخصیص سیارة لها لترافقه فی زیاراته.
وإذا ثبت هذا الأمر فإنّ العرب جمیعا، من "عبّاس" إلى الجامعة العربیة، قد ضلّوا الطریق، وسلکوا المسار الخاطئ عندما ذهبوا إلى "نتنیاهو" یفاوضونه، ویطلبون إلیه أن یُوقف الاستیطان. لقد ضیّعوا وقتا طویلا یحاورون مَن لا یملک لهم نفعا أو ضرّا إلّا بمقدار ما تسمح به الزوجة، وتؤشّر على صلوحیته!.
لقد بات أکیدا- وإن بصفة متأخرّة عند المفاوض العربی- أنّ "سارّة" هی التی تملک القَوْل الفصل، وهی التی تُوجّه زوجها، وترتّب له القرارات التی لا یملک إلاّ أن ینطق بها مزهوّا وهو یرتدی إحدى بدلاته الجمیلة التی تنتقیها له من أفخر المحلات فی باریس ولندن!.
وقد تناقلت وسائل الإعلام أنّ "نتنیاهو" کان، مع الفریق المفاوض الذی رافقه إلى أمریکا، یرفع جلسة المفاوضات لمزید التنسیق والتشاور. فهل کان یُعلّق هذه المفاوضات التی یتابعها الکثیرون فی العالم لیعود إلى التّشاور مع زوجته التی تکون فی الغالب مرافقة له أم مع مستشاریه وقد بلّغتهم زوجة رئیس الوزراء، بَعْدُ، بما یجب علیهم فعله؟؟ ولا عجب أن تکون زوجة رئیس الوزراء وراء إلغاء زیارة له إلى باریس للقاء الرئیس الفرنسی "نیکولا سارکوزی" و"محمود عبّاس" فی قمّة ثلاثیّة لأنّ موعدها لا یتزامن مع موسم التخفیضات فی فرنسا!!
إذن على الجامعة العربیة أن تُعدّل أوتار تفاوضها بإیقاف الحوار مع "بنیامین نتنیاهو"، والسعی إلى ترویض المرأة الحدیدیّة "سارة"! إذ لم یعد غریبا أن یفوق تأثیرها فی سیر المفاوضات دور رئیس الولایات المتحدة الأمریکیّة "باراک أوباما"!.
إنّ "خارطة الطریق" الجدیدة التی یجب أن یُهرْول فی اتجاهها العرب، هی الوصول إلى قلب "سارة" لأنّ النجاح فی تلیین رأیها کفیل بأن یدفع "نتنیاهو" إلى تقدیم "تنازلات مؤلمة" تتمثّل فی تأجیل الاستیطان أشهرا معدودات!.. وما علیهم إلّا أن یحرّفوا مثلا سائرا عندهم یشی بالنهم یقول "أقرب طریق إلى قلب الرجل معدته"، ویحوّلوه إلى "أقرب طریق إلى "نتنیاهو" زوجته"!!
وأین الغرابة فی ذلک وقد تمرّس العرب بالتفاوض مع النّساء، وخبروا طرقهنّ فی الشدّة واللین؟؟ وبما أنّ العرب لا یمیلون-بالفطرة- إلى التغییر، ویعتبرونه "أنفلونزا سیاسیّة" یجب التصدّی لها بشتّى أنواع المضادّات الحیویّة، فاوض الفریق نفسه الحکومات الإسرائیلیّة المتعاقبة یمینا ویسارا بابتسامة تعلو محیّا أعضائه، ودخل مع "مادلین أولبرایت" و"کوندالیزا رایس" والسیّدة کلینتون" و"تسیبی لیفنی" فی مفاوضات ماراطونیّة. ولن یُضیر هذا المفاوض العربی الذی یبغی السلام والأمن، استجابة إلى طبیعة المرحلة، أن یُضیف إلى القائمة زوجة رئیس الوزراء باعتبارها طرفا رئیسا فیما یجری، الآن وغدا، بأرض فلسطین!
إذن، فی زمن العجائب والغرائب، لیس مستبعدا أن یکون وصول المفاوض العربی إلى قلب "سارة نتنیاهو" ومنه إلى عقلها سبیلا لدفع مسیرة السلام وإنعاشها بعد أن نامت طویلا فی غرفة الإنعاش!.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS