الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

ما بعد توقیع المصالحة

 

ما بعد توقیع المصالحة

 

د. مازن صافی

 

حالة الوضع الفلسطینی الیوم تحتاج إلى أکثر من ترتیب الأوراق أو مکان لعقد اللقاء "الأخیر- افتراضا " تمهیدا للوصول إلى لحظة الحقیقة التی ینتظرها الشعب الفلسطینی خاصة والعرب والمسلمون عامة..

نعم هناک مشکلات جمة بانتظار واقع ما بعد توقیع المصالحة، وعلى رأسها مسألة الحصار والمعابر وإعادة الإعمار وتعویض الخسارة الفادحة فی الاقتصاد الفلسطینی على مستوى الأفراد والشرکات والسلطة الفلسطینیة..

إن مستقبل ما بعد المصالحة أکثر تحدیا من إتمام المصالحة نفسها.. لهذا علینا أن نکون أکثر مرونة وقبولا بالمصالحة وإعادة ترتیب البیت الفلسطینی، وترتیب الوضع الفصائلی فی الساحة الفلسطینیة.. ولهذا على الجمیع وضع أولویاته کجزء من حل الأزمة الفلسطینیة، والانتهاء من الأزمة یعنی النظر لها بعیون المستقبل القریب والبعید..

المصالحة لها أهمیة خاصة من حیث الوصول إلى الوحدة الوطنیة الفلسطینیة، والوقوف صفا واحدا من أجل تضمید جراح الفلسطینیین، والحد من مظاهر المعاناة الإنسانیة والاقتصادیة والانقسام السیاسی، وإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائیلیة فی قطاع غزة وسائر مناطق السلطة الفلسطینیة..

المصالحة یجب أن تحمل أجندة فلسطینیة "بحتة ".. ونعم لقبول مساعدة الجمیع فی الوصول لها والاستفادة من التجارب المختلفة فی الانتهاء من أزمتنا الداخلیة والمأزق السیاسی الذی دخل عامه الرابع دون وجود أفق حقیقی لنهایته.. ولحین الوصول إلى لحظة الحقیقة على الجمیع تنقیة الأجواء والعلاقات الفلسطینیة- الفلسطینیة..

إن المصالحة الفلسطینیة یجب ألا تکون نهایة المطاف لقضایا الشعب، بل یتوجب أن تکون بوابة نحو رفع المستوى السیاسی للقضیة الفلسطینیة وألا تکون محور مساعدات إنسانیة أو زیارات بروتوکولیة أو مواقف من هنا أو هناک..

المصالحة الفلسطینیة یجب أن تقود إلى رفع سقف القیادة واعتماد برنامج وطنی سیاسی یکون کرافعة وماسحة حقیقیة لتداعیات الانقسام والتشرذم.. وکذلک یجب تغلیب المصلحة العلیا فی کل ما یقود الجمیع إلى بر الأمان المقبول.. فلیس من المعقول حتما أن یکون الأمر الحاسم أو مفتاح المصالحة هو انتصار "حماس" أو "فتح" أو غیرهما من الفصائل أو مقدرة أی من أقطاب السیاسة الفلسطینیة على تحقیق مکاسب فئویة، بل المطلوب هو أن یکون المقیاس هو انتصار فلسطین وإعادة الثقة إلى الشارع الفلسطینی والبناء وفق البناء السلیم فی کل المیادین وإعادة الحقوق إلى أصحابها مهما غلا الثمن.. وکل هذا کما أسلفنا یجب أن یکون کبوابة على طریق دحر الاحتلال وإقامة الدولة والانتصار لمصیر القدس والمقدسات ومعارک الحق الفلسطینی على کل المستویات وبکل الأوجه..

وفی المقابل لن نصدق أن تحریر فلسطین والخلاص من الاحتلال یبدأ من خلال إیجاد بدیل عن منظمة التحریر الفلسطینیة أو بناء مرجعیة أخرى بأی مسمى کان.. فهذا لن یخدم القضیة الفلسطینیة ولا یمکن أن یساعد فی ظل المتغیرات الدولیة والإقلیمیة السریعة والملحوظة.. ونعم لدعوات إصلاح البیت الفلسطینی على أساس سلامة العلاقات الوطنیة الفلسطینیة ووحدة النظام السیاسی الفلسطینی..

إن المصالحة الفلسطینیة سوف تعزز ثقافة المشارکة واستحالة إلغاء الآخر أو القفز علیه..؟! وعلینا أن ننتبه "بدون تخوفات أو مبالغة" من أن إنجاز المصالحة على حساب الحقوق لن یثمر أو یکتب له الاستمرار.. وأن القفز عن أبجدیات واقع الحالة الفلسطینیة لن یقود إلا لمزید من الاحتقان وعدم الرضا الذی لن یقود إلى الاستقرار.. لهذا کله یجب أن تکون المصالحة بوابة لما بعدها ولیست آخر ما یمکن أن یطمح له الشارع الفلسطینی..

- ملاحظة: أکد ممثل جنوب إفریقیا لدى السلطة الفلسطینیة، أن بلاده بدأت حواراً مع الفصائل الفلسطینیة بهدف نقل تجربتها المتمثلة بإنهاء نظام الفصل العنصری لتحقیق المصالحة بین حرکتی فتح وحماس.. ورحبت حرکتا فتح وحماس بهذه الأفکار..

ن/25


| رمز الموضوع: 139912







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)