اغتیال الحریری حلقة فتنویة جدیدة لضرب المقاومة لصالح المفهوم الصهیونی للتسویة
اغتیال الحریری حلقة فتنویة جدیدة لضرب المقاومة لصالح المفهوم الصهیونی للتسویة
الشیخ هاشم منقارة
لا ثقة لنا بفرق التفتیش الدولیة بشهادة کبیرهم فی العراق السید بلیکس، کما لا ثقة لنا بالعدالة الدولیة بشهادة تاریخها مع المجازر الصهیونیة، کما أعلن الرئیس السوری بشار الأسد، یدمر العراق لأجل القرارات الدولیة وتدمر سمعة الأمم المتحدة لصالح إسرائیل.
لم یعد خافیاً على احد الهدف الإستراتیجی المرکب من وراء اغتیال الرئیس رفیق الحریری؟ ضرب المقاومة فی لبنان، ربما هی الحلقة الأخطر بعد الحرب العراقیة الإیرانیة التی استمرت ثمانی سنوات فی سیاق استهدافی منذ رفع العلم الفلسطینی مکان الإسرائیلی فی طهران، طالما أرقت العدو الصهیونی ومن خلفه، عبر التحریض المذهبی والاستغلال السیاسی. ومع ازدیاد الحدیث عن القرار الظنی المفبرک الذی بشر به بدایة رئیس أرکان الجیش الإسرائیلی السابق غابی اشکینازی بتوجه الاتهام إلى عناصر غیر منضبطة من حزب الله، وثانیاً عبر ما بات یعرف بالعمل الدائم على استدراج سلاح المقاومة إلى الداخل حتى لو أدى ذلک إلى خراب البلد، حسناً فعل حزب الله بإعادة الکرة إلى مکانها الحقیقی عبر إصراره بالقول ان إقلاع المحکمة یبدأ من محطة محاکمة شهود الزور ومن وراءهم، فحزب الله احرص الناس على کشف القتلة لأسباب أهمها عقدیة العدالة وخطورة الاستهداف، بالطبع لم یعد الجدال مع البعض فی الداخل مهماً حول بنیویة القضیة لأنهم ببساطة
آخر من یرید الحقیقة، ومن مصلحة المقاومة قبل غیرها تحصیناً لها من استهدافات مماثلة فی المستقبل، أن تعمل بإصرار على کشف القتلة، إنها الخطوة المهمة أمام اللبنانیین للإقلاع ببناء دولة قویة تمنع استغلالها الدائم کساحة أمام الأعداء، فی طلیعتهم إسرائیل الطامع الدائم بمقدراتنا وبسلمنا الداخلی وعلاقاتنا الأخویة والطبیعیة مع باقی العالم.
المفهوم الإسرائیلی للتسویة، تفاوض، إرهاب، خداع، تقف المقاومة عقبة کأداء أمام استمرار استحلاب ضرع هذا النوع من التفاوض، فکان لا بد من عمل غیر تقلیدی یستهدف بنیانها الأخلاقی فی القول انها متورطة باغتیالات داخلیة بدعم إقلیمی لتشویه منظومة الفعل المقاوم بشکل کلی تحدیداً من لبنان، بعدما عجزت شرارته فی امتداد لهیبها لأبعد من باکستان والعراق بفعل التفجیرات المشبوهة، تلک هی ثلاثیة حصیلة التجربة الإنکلیزیة الاستعماریة الشهیرة8
القدس أمام واحد وستین خریفاً من الترکیب الصهیونی، تفاوض إرهاب خداع.. المفروض أن تبلغ القیادات السیاسیة والدینیة والنخب الثقافیة والاجتماعیة العربیة والإسلامیة أبعاد خطورة السعی الغربی لاحداث فتنة سنیة شیعیة وأن یتوجهوا جمیعاً نحو القدس، کما على القیادة الفلسطینیة فی الضفة الارتقاء لتجربة وتضحیات الشعب الفلسطینی، بعدم وضع تماهی الخیار الدبلوماسی فی وجه القدر المقاوم، بعدما وضع بعض اللبنانیین والعرب أصابعهم فی آذانهم!
کلاهما سلاح مشروع للتحرر شرط التکامل لا التعارض، حیث ینفذ الاحتلال إلى داخل البیت الفلسطینی، وقت التعارض یطیل آلام الاحتلال، المطلوب إبداع فلسطینی بشأن الإجماع على خیار تحرری یمنع التفاوض لأجل التفاوض والإرهاب لأجل الإرهاب والخداع لأجل الخداع، التاریخ الفلسطینی المعاصر مدرسة مقاومة قائمة بحد ذاتها، لها شخصیتها الاعتباریة، غیر المفهوم وغیر المبرر الانقسام السیاسی والجغرافی الحاصل والخطورة کل الخطورة أن یؤدی عامل الوقت على هذا النحو إلى تطور الخلاف حول المفاهیم الأساسیة للقضیة الفلسطینیة المتعلقة على سبیل العد لا الحصر بمسألة القدس؛ بین العودة وحق العودة، نسیان أن حدود 1967 مضللة للجغرافیا الوطنیة، بالإضافة للتعویض التاریخی المادی والمعنوی للشعب الفلسطینی عن زمن الاحتلال، المقلق الحدیث الإقلیمی عن جبهتین متعارضتین فی المنطقة ینقسم فیها الفلسطینیون أحدهما إلى الجانب الذی یضم إسرائیل وحلفاءها (الاعتدالیین).
کیف ستکون العلاقة حینها بین الضفة وغزة بین حماس وفتح هل سنکون أمام حدود تؤسس لمفهوم وعلاقة وطنیة جدیدة؟ بل هل سنکون أمام أدبیات صراع جدیدة فی المنطقة کتقدیم الخطر الإیرانی على الصهیونی وغداً الترکی، بعدما وضعنا الشقیق السوری خلال الخمس السنوات التی أعقبت الاغتیال.. یستلزم اصطفافات جدیدة.
باتت الوحدة الفلسطینیة شأناً بنیویاً ملحاً فی المشروع التحرری الوطنی الفلسطینی، یتخطى کل الاعتبارات المعلنة، السؤال الجوهری لماذا یناضل بعض الفلسطینیین أن یتقبلهم أشخاص (إسرائیلیون) لا یریدون أن یکونوا مثلهم، انهم ببساطة محتلون، بإمکان الفلسطینیین أن یقولوا دعونا وشأننا کذلک بامکان العراقیین والسودانیین واللبنانیین والمصریین والسوریین والأردنیین قول ذلک، لکن الا ترون أن الجلاد واحد، الرئیس اوباما أمل بفلسطین عضواً جدیداً کاملاً خلال سنة فی الأمم المتحدة، ما هو الدلیل، عجز عن وقف مؤقت للاستیطان یعلم السید أبو مازن أن السید مشعل یرید السلام الحقیقی، هل تعطله حماس التی سبقها الاحتلال کتنظیم بدهر، بالطبع ننحاز للحق الفلسطینی، والفلسطینیون جمیعهم إخوة، تکاد نظریات تبریر الانقسام تستنفد، الثقة هی الأساس فی المشروع التحرری لأی مقاوم، خاصة أن العمل المقاوم لیس ترفاً ثوریاً هذه الأیام لما یلاقیه من تنکر أبناء جلدته والعالم، التحرر یرتبط وثیقاً بعودة النقاء الأیدیولوجی والانضباط العام، لا بد من نسف مفاعیل مسار الانحدار الذی بدأ مع النظام الاعتلالی العربی، مقدمة لاستنهاض مقدرات الأمة کل الأمة وجمعها من التشتت فی حساب القضیة المرکزیة الأم، تقدم المشروع المقاوم فی فلسطین سیلقی بظلاله الایجابیة على کل ملفات المنطقة، انه المشروع الوحید الذی تجمع علیه الأمة بتبایناتها، من یرید أن یصنع لنفسه دوراً فی هذا الشرق علیه بفلسطین خاصرة العالم القدیم والحدیث،لا یمکن للعرب والمسلمین اشتراط وحدتهم مقدمة للدعم والعکس صحیح، کلا الوحدتین تأثرت جدلیاً بالأخرى. ما لم تکن الفتنة مذهبیة أو طائفیة فلتکن داخل المذاهب، عام 1973 کانت حرب التحریر العربیة الإسرائیلیة فی نظر السوریین، والتحریک فی مخیلة السادات، عام 1975 اندلعت الحرب الطائفیة اللبنانیة التی امتدت سبعة عشر عاماً تحت مسمى الیمین والیسار، والتی کانت مخاضاً لکامب دیفید الذی عزل مصر عن منصة الصراع، والیوم هناک جهد غربی محموم لعزل إیران عن منصة فلسطین وإعادة الربیع الموسادی إلى ربوع طهران عبر الاستهداف المباشر لملفها النووی، وتارة عبر الترکیز على خاصرة العالم الإسلامی المذهبیة الرخوة، بدأها الغربیون بأفغانستان وباکستان ومن ثم العراق، ولما عجزت شرارتها عند حد معین کان لا بد من استهداف مفخرة المقاومة فی لبنان، حیث الرهان على أکثر من شرارة فالسید وزیر خارجیة فرنسا السابق کوشنیر یصب الزیت لیس فقط على النار الطائفیة بل المذهبیة أیضاً تحریضاً على شکل تحذیر ونصیحة یجهد الغرب وحلفاؤه للقول بالمعسکرات الطائفیة والمذهبیة والعرقیة فی المنطقة، فیما واقع الحال هناک بعد مقاوم وبعد متخاذل ومتواطئ والغرب لا یقف على الحیاد بالطبع إنما هو من یخطط ویدعم أنصار نظریته، وخطورة هذا الاستهداف أن الإصرار الغربی على الفوضى الداخلیة بأی شکل، المهم أن یسلبنا الاشتباک المباشر مع العدو من خلال إضاعة البوصلة باتجاه آخر، لقد بتنا نسمع عن فتن مضافة کفتنة سنیة سنیة وشیعیة شیعیة ودرزیة درزیة ومسیحیة مسیحیة! بالطبع لا نود حدوثها لتأکید واقعها السیاسی، من ناحیة ترید الولایات المتحدة الأمریکیة الالتفاف على هزائمها وأخرى هی الأساس أنها تعطی الفرصة تلو الأخرى للترکیب لصهیونی، ومخاض الدس الفتنوی هو تمهید الطریق للهدف القدیم الجدید الشرق الأوسط، الذی تکون فیه للصهیونیة الید الطولى، وحصة لبنان بالتأکید من ذلک البرنامج حرب أهلیة جدیدة أکثر ترکیباً وأکثر دمویة وإثارة مما شهدناه ماضیاً، فهل هذا ما یریده بعض اللبنانیین، الغربیون لم یستطیعوا إملاء شروطهم عبر جحافل الجیوش فی کل من أفغانستان والعراق على المنطقة، فالسوریون والإیرانیون عززوا أوراقهم کذلک فعلت المقاومتان اللبنانیة والفلسطینیة أمام هذا المشهد یرید الغرب تحقیق أهدافه بالفتنة التی یخطط لها.
* رئیس مجلس قیادة حرکة التوحید الإسلامی ـ عضو قیادة جبهة العمل الإسلامی فی لبنان
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS