اترکونا بحالنا!
اترکونا بحالنا!
عدنان بکریة
یبدو أن التصریحات المتعددة الصادرة عن أقطاب لعبة التفاوض والمتعلقة بیهودیة الدولة تدلل وبشکل قاطع على أن هناک "طبخة" تنضج بالخفاء لانتزاع اعتراف عربی "بیهودیة إسرائیل "وبأن النظام الرسمی العربی سیعترف بإسرائیل دولة یهودیة تحت الضغط الأمریکی.
التصریح الذی خرج به البیت الأبیض قبل أیام بأنه وخلال 90 یوما سیضع خارطة لحدود دولة فلسطین مع تبادل سکانی، یقطع الشک بالیقین بأن النظام الرسمی العربی شریک فی التآمر على شعبنا وعلینا نحن الجزء الباقی فی فلسطین التاریخیة.. فالتصریح الأمریکی ما کان لیصدر لو لم یحظ بموافقة فلسطینیة وعربیة نهائیة.
فبأی حق یسمح النظام العربی لنفسه بتوقیع وثیقة ترحیلنا عن أرض آبائنا وأجدادنا؟! وبأی حق یسمح النظام العربی لنفسه ومن ورائه السلطة الفلسطینیة بالتوقیع على وثیقة تهددنا بنکبة جدیدة، وتهدد الذین انتکبوا من لاجئی شعبنا بنکبة أخرى لا تقل خطورة عن نکبة عام 48؟!
أکثر من ستین عاما ونحن نکابد الاحتلال ونعانی من تبعاته.. لم ولن نطلب من النظام الرسمی العربی أی شیء.. لا الدعم المادی ولا السیاسی ولا المعنوی.. لأننا لا نعول على أنظمة العار والذل والخیانة والعمالة.. لکننا الیوم نطلب وبفم ملآن "اترکونا بحالنا"..
فأی اعتراف بیهودیة الدولة یعنی بالنسبة لنا التوقیع على "فرمان" ترحیلنا.. التوقیع على شرعیة ارتکاب نکبة جدیدة بحقنا وحق شعبنا... نطلب وبفم ملآن.. مثلما ترکتمونا منذ عام 48 مستباحین للاحتلال.. اترکونا الیوم نقرر مصیرنا بأیادینا دون تدخلکم.. لأن تدخلکم سیدخلنا إلى أتون الاضطهاد والظلم والمزید من المعاناة.
عندما انتفضنا عام 76 فی یوم الأرض وسقط ستة شهداء.. لم نسمع صوتا مؤازرا لنا من العالم العربی.. حتى أنهم لم یعرفوا بوجود ملیون ونصف الملیون فلسطینی هنا فی فلسطین التاریخیة.. بل ظنوا أننا مجرد رقم من أرقامهم.. لکن هذا الرقم تحول إلى رقم صعب فی معادلة الصراع، إذ لم تستطع کل مخططاتهم ومشاریعهم الصهیونیة أن تغیبنا عن همّ شعبنا وتنزع فلسطینیتنا من وجداننا وذاکرتنا الوطنیة.. وقادتهم یعلنون وبوقاحة بأن "عرب إسرائیل أخطر على مستقبل الدولة من النووی الإیرانی"... وهم القنبلة الموقوته التی ستتفجر فی أی وقت.
عولنا فی السبعینات على ثورة شعبنا وظننا بأنها ستعزز وجودنا صامدین على أراضینا.. وستقوی رباطنا فی وطننا.. وبعد أن استبدلت الثورة بالسلطة ضاع أملنا وتحولنا إلى ورقة مساومة بفضل المعاهدات.. کل شیء توقعناه.. إلا التوقیع على وثیقة تهجیرنا ومساومتنا بالمستوطنین.. مانحین المستوطنین الشرعیة الأزلیة على هذه الأرض التی جبلت بدمنا وارتوت من عرقنا.
لن نغفر لأی کان سواء کان فلسطینیا أم عربیا... لن نغفر له خطیئة الاعتراف بیهودیة الدولة.. وسنقاومه بکل الطرق والأسالیب أکثر شراسة وقوة من مقاومتنا لمشاریع الترحیل والدفاع عن وجودنا على أرض آبائنا وأجدادنا.. لأن مثل هذا الاعتراف هو العصا التی تشهر بوجوهنا وهو بلدوزر الترحیل الذی سیقلب الدنیا رأسا على عقب.
على القیادة الفلسطینیة أن تطالب إسرائیل بالإقرار والاعتراف بوجودنا کأصحاب لهذا الوطن بدلا من الجری لإبرام صفقات تصفویة على حسابنا وحساب شعبنا أینما کان.. وأجزم أنه فیما لو وقعت السلطة الفلسطینیة الإقرار بیهودیة إسرائیل.. فإن الطوفان قادم.. وهذا الطوفان سیجرف ویغرق من ساهم بفیضانه..
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS