الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

حرائق الکرمل.. دروس وعبر لإسرائیل

 

حرائق الکرمل.. دروس وعبر لإسرائیل

 

واصف عریقات

 

لن یکون بمقدور أی إنسان عاقل فی إسرائیل التشدق أو التهدید بالحرب بعد أن تکشفت الحقائق على أثر الحرائق التی اندلعت وما زالت حتى کتابة هذا المقال، ویعجز الإسرائیلیون لوحدهم عن إخمادها، مما اضطر رئیس الوزراء الإسرائیلی نتنیاهو بالإعتراف بأنها "کارثة لم یسبق لها مثیل"، والقول "بأن الجهات المختصة فی إسرائیل لم تأخذ بالحسبان نشوب حریق فی هذا الحجم وسیکون هناک تحقیق". کما أجبر على طلب المعونة والإنقاذ العالمیین، هذا الموقف الذی عرى القیادات الإسرائیلیة التی غابت عن الأنظار والأسماع فی حین أنها أشبعت المنطقة تهدیدا ووعیدا تارة بالتدمیر الکلی للمدن العربیة وتارة بسحق البشر وأخرى بإرجاع الناس للعصر الحجری وغیرها من اصطلاحات الترهیب.

اکتشف المجتمع الإسرائیلی الآن هذا العجز الکبیر فی بناء القدرات والجاهزیة للجبهة الداخلیة، وإن بقیت القیادات الإسرائیلیة المتغطرسة فی مواقعها وأصرت على عدوانها فسیکتشف الشعب أن الوضع الإسرائیلی برمته ضعیف، ولیس فی مجال إخماد الحرائق فقط وهو ما تحدثنا عنه فی العدید من المقالات التی لم تکتب بناء على العواطف أو إسقاط الرغبات الشخصیة، بل جاءت تأسیسا على واقع اعترف به کتاب وباحثون إسرائیلیون قبل غیرهم، ونتیجة لمتابعة حثیثة للدراسات الإسرائیلیة وما یصدر عنها من تقاریر یسمونها "استراتیجیة"، وما لغة التهدیدات التی کنا نسمعها إلا تعبیرا عن تنافس داخلی بین الجنرالات على المواقع التی یعتقدون أنه کلما قتلت أو هددت بالقتل أکثر کلما تبوأت مراکز أعلى، إضافة إلى ما وقع فیه هؤلاء القادة من الغطرسة والغرور، ولا تعکس بالضرورة قدرات إسرائیلیة حقیقیة.

لیس هو الأول ولن یکون الأخیر موقف العجز الإسرائیلی، وغیاب المسؤول الأول "عن معالجة الوضع ومکافحة الحرائق" وزیر الداخلیة الإسرائیلی ایلی شای عن وسائل الإعلام الذی یفترض أن یقود غرفة العملیات وعنه تصدر کل المعلومات والتعلیمات ومعه غاب شمعون رومح قائد قوات الإطفاء والإنقاذ وهما أکبر دلیل على حجم القصور والخلل فی قدرات الجبهة الداخلیة.

فقد سبقه الى ذلک غادی ایزنکوت قائد المنطقة الشمالیة فی جیش الإحتلال بالإعلان عن خلل أکبر على الجبهة الخارجیة الحربیة وفی منظومة القتال، وهو عدم فعالیة منظومة الدفاع الصاروخیة المسماة "القبة الحدیدیة"، حیث اعترف بذلک خلال ندوة فی جامعة حیفا حول قضایا الأمن القومی عندما قال: القبة الحدیدیة لیست لحمایة المدنیین، "فهی تهدف فی المقام الأول إلى حمایة القواعد العسکریة للجیش الإسرائیلی حفاظا على قدرات الجیش الهجومیة وأن الدفاع عن المدنیین یقع فی المقام الثانی"، ثم قال: على السکان ألا یتوهموا بأن هناک من سیضع لهم مظلة على رؤوسهم تحمیهم من الصواریخ، وهو ما أثار ضجة وذعرا فی الداخل الإسرائیلی وأخذوا یطالبون بتفعیل هذه المنظومة.

على القیادة الإسرائیلیة أن تدرک الواقع الجدید جیدا وتخرج من دائرة الوهم بأنها تستطیع الاستمرار باحتلالها وتفرض وجودها بالقوة، وعلیها أن تصارح شعبها بأن إطفاء الحرائق الخارجیة أصعب من إطفاء الحرائق الداخلیة "الکرمل" والتی عجزت عن إطفائها لوحدها.

ولعل فی حرائق الکرمل وهبة العالم بهذه السرعة لإنقاذهم "بمن فیهم العرب والمسلمون وفی مقدمتهم الفلسطینیون فی هذه المهمة الانسانیة" عبرة ودرسا لقادة إسرائیل بأن السلام هو الأمان وهو الإستقرار وفیه السبیل لإطفاء کل الحرائق، وإنها فرصة حقیقیة للتوجه نحو السلام.

وإن فوتت قیادة إسرائیل الفرصة ولم تفعل فعلیها الإجابة على السؤال: إذا لم تقوى إسرائیل فی الظروف العادیة على مواجهة الطبیعة لوحدها، فکیف ستواجه الطبیعة والبشر معا وفی الظروف الحربیة والقتالیة إذا ما أقدمت على العدوان أو استمرت بالاحتلال؟!.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 139935







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)