الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

إسرائیل وعملیات التصفیة ضد "الجهاد"

 بشکل مفاجئ کثف جیش الاحتلال عملیات التصفیة التی تستهدف قیادات وکوادر الجهاز العسکری لحرکة الجهاد الإسلامی المعروف بـ"سرایا القدس"؛ حیث قام جیش الاحتلال فی غضون أسبوعین بتصفیة أکثر من عشرین من عناصر هذا الجهاز، على رأسهم ماجد الحرازین، القائد العسکری العام لـ"سرایا القدس". الجیش الإسرائیلی برّر استهداف نشطاء حرکة الجهاد على هذا النطاق الواسع لإنفراد الحرکة بالمسئولیة عن معظم عملیات إطلاق القذائف الصاروخیة على المستوطنات الیهودیة التی تقع فی محیط قطاع غزة.

یوآف جلانت قائد المنطقة الجنوبیة فی جیش الاحتلال أکّد فی حدیث مع الإذاعة الإسرائیلیة باللغة العبریة أن استهداف نشطاء "الجهاد" سیتواصل حتى توقف الحرکة هجماتها الصاروخیة على إسرائیل.

و ربما هدفت عملیات التصفیة أیضًا إلى إرسال رسالة إلى حرکة حماس، حیث ألمح نائب وزیر الحرب الصهیونی متان فلنائی إلى أن إسرائیل من خلال هذه التصفیات ترغب فی دفع حماس إلى الموافقة على تهدئة وفق الشروط الإسرائیلیة؛ فإسرائیل معنیة باتفاق تهدئة یتم بموجبه توقف عملیات إطلاق الصواریخ من قطاع غزة على إسرائیل، مقابل توقف عملیات الاغتیال والتوغل الإسرائیلیة فی قطاع غزة.

لکن إسرائیل ترفض أن یتضمن اتفاق التهدئة التزامها بوقف العملیات الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة، أو رفع الحصار عن قطاع غزة، لکن أکثر الأسباب أهمیة وراء تصعید عملیات الاغتیال ضد قیادة حرکة "الجهاد" العسکریة هو قرار إسرائیل بتأجیل الحملة العسکریة الواسعة التی کان جیشها یخطط لشنها على قطاع غزة، والتی ستؤدی بکل تأکید إلى إعادة احتلال القطاع من قبل إسرائیل. فتکثیف عملیات الاغتیال ضد نشطاء "الجهاد" على هذا النحو غیر المسبوق یأتی لردع حرکة "الجهاد" عن مواصلة إطلاق الصواریخ، وبالتالی إقناع الجمهور الإسرائیلی بعدم الحاجة إلى شنّ حملة عسکریة واسعة على قطاع غزة، بعد أن أدرکت کل من القیادة السیاسیة والعسکریة فی إسرائیل أن حملة عسکریة على قطاع غزة قد تؤدی تحدیدًا إلى نتائج عکسیة؛ فالصحف الإسرائیلیة أشارت إلى أن قادة الجیش الإسرائیلی أکّدوا لرئیس الوزراء الإسرائیلی إیهود أولمرت أن أی حملة عسکریة على قطاع غزة ستؤدی إلى مقتل العشرات من جنود الاحتلال، دون أن یکون هناک ضمانة أن تؤدی هذه الحملة فی النهایة إلى وقف إطلاق القذائف الصاروخیة.

إضافة إلى أن أولمرت یخشى أن یواجه نفس السیناریو الذی واجهه بعد انتهاء حرب لبنان الثانیة عندما اتهمته لجنة " فینوجراد " الرسمیة بالتقصیر فی إدارة الحرب الأمر الذی أدّى إلى فشل إسرائیل فی حسم المواجهة مع حزب الله رغم میل میزان القوى العسکری لصالحها بشکل جارف. ولا خلاف فی إسرائیل على أن أی حملة عسکریة على قطاع غزة تؤدی إلى سقوط عدد کبیر من القتلى فی صفوف جنود الاحتلال، أو أنها تفشل فی وقف عملیات إطلاق الصواریخ سینظر إلیها على أساس أنها فشل ذریع.

القلق الإسرائیلی من إمکانیة فشل الحملة العسکریة الواسعة تعزز فی أعقاب تقییم نتیجة المواجهات العسکریة التی تمّت مؤخرًا خلال عملیات التوغل الإسرائیلیة فی عمق مناطق قطاع غزة القریبة من الخط الفاصل بین إسرائیل والقطاع؛ حیث تبین أن هذه المواجهات دللت على أن حرکة حماس قد استخدمت وسائل قتالیة من الممکن أن تؤدی إلى الإخلال بمیزان القوى العسکری القائم حالیًا. فنتائج الاشتباکات التی دارت بین مقاتلی حرکة حماس وجنود الاحتلال فی المنطقة الوسطى من القطاع مؤخرًا أثارت الشکوک لدى الجیش الإسرائیلی بأن حماس قد حصلت على صواریخ قادرة على اختراق دبابة "میرکفاة أربعة"، والتی توصف بأنها الدبابة الأکثر تحصینًا فی العالم، والتی لا تستطیع إسرائیل شنّ أی حملة عسکریة بدونها.

وترى قیادة الجیش أن حماس استخدمت مؤخرًا قذائف ذات رأس متفجر بإمکانها اختراق المدرعات الإسرائیلیة، منوّهة إلى أن هذه الصواریخ بإمکانها اختراق جدران المنازل التی یحتمی بها الجنود أثناء عملیاتهم فی القطاع، منوهة إلى أن هذا النوع من الصواریخ استخدم من قبل حزب الله خلال حرب لبنان الثانیة، الأمر الذی أدّى إلى سقوط عدد کبیر من القتلى والجرحى من جیش الاحتلال.

والذی یرفع مستوى القلق لدى الإسرائیلیین هو استخدام المقاومة الفلسطینیة لأول مرة مضادات أرضیة لمواجهة مروحیات العسکریة أمریکیة الصنع من طراز "أباتشی" التی توظف على نطاق واسع فی تمشیط المناطق التی یخطط جیش الاحتلال لاجتیاحها.

لکن ما یجعل إسرائیل أکثر ترددًا فی شنّ حملة واسعة على القطاع وإعادة احتلاله هو الخوف من أن تتحمل المسئولیة عن توفیر کل الخدمات للمواطنین الفلسطینیین بوصفها دولة احتلال. فالصحف الإسرائیلیة کشفت النقاب عن أن الدائرة القانونیة فی وزارة الخارجیة الإسرائیلیة أعدت ورقة حول الوضع القانونی لقطاع غزة بعد إعادة احتلاله من قبل إسرائیل، حیث أکدت الورقة أن إعادة احتلال القطاع من قبل إسرائیل یعنی انهیار السلطة الفلسطینیة ومؤسساتها، الأمر الذی یوجب على إسرائیل- حسب القانون الدولی- أن تکون مسئولة بشکل مطلق عن توفیر المستلزمات الحیاتیة والإنسانیة للفلسطینیین هناک بحکم أنها دولة احتلال. وواضح تمامًا أن إعادة احتلال القطاع یعنی انهیار الإنجازات التی حققتها إسرائیل إثر فوز حرکة حماس بالانتخابات التشریعیة فی ینایر من العام 2006، حیث استطاعت إسرائیل بناء جبهة عالمیة وإقلیمیة ضد حکم حماس فی غزة.

ویحذر أوری ساغیه الرئیس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسکریة الإسرائیلیة إلى أن إعادة احتلال القطاع سیؤدی إلى انهیار الفروق الأیدلوجیة بین الفصائل الفلسطینیة، بحیث تتبنى جمیعها الخط الأکثر تشددًا ضد إسرائیل.

وینوه یعکوف بیری الرئیس الأسبق لجهاز المخابرات الداخلیة الإسرائیلیة " الشاباک " إلى أنه حتى لو تغلبت إسرائیل على کل المشاکل التی سبقت الإشارة إلیها، فإن هناک مشکلة کبرى لا یمکن أن یتوفر لها حلّ وهی إیجاد جهة یمکن أن تستلم القطاع بعد أن تقوم إسرائیل بالقضاء على وجود حرکة حماس هناک. وینوه بیری إلى أن أحدًا لا یساوره أدنى شک أن أبو مازن لیس بإمکانه السیطرة على قطاع غزة، مشیرًا إلى أن أی جهة فلسطینیة ستوافق على تسلم القطاع من إسرائیل سینظر إلیها الفلسطینیون کجهة متعاونة مع إسرائیل، وبالتالی لن تتمتع بالشرعیة لإدارة شؤون الفلسطینیین. ویحذر بیری من مغبة العودة إلى تجربة حرب العام 1982 عندما حاولت إسرائیل إقامة حکومة فی لبنان متعاونة معها بعد أن احتلت أکثر من نصف مساحة لبنان وضمنها العاصمة بیروت، أثر قضائها على الوجود العسکری لمنظمة التحریر هناک.

ویعید بیری للأذهان أن إسرائیل بـ"خطوتها الغبیة وفرت الظروف لصعود نجم حزب الله "، محذرًا من أن إعادة احتلال القطاع یمکن أن یسفر عن نشوء قوة أکثر تطرفًا من حرکة حماس وأکثر تصمیمًا على مواصلة النضال ضد إسرائیل.

( المقال لصالح النعامی ) 

ن/25


| رمز الموضوع: 140296







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)