بعد اجتماعات انابولیس
سحبت امریکا مشروع قرار من الامم المتحدة بشأن انابولیس بعد ان احتجت علیه اسرائیل، وبقطع النظر عن مضامین هذا المشروع وعن الاهداف المرتقبة منه فان الاهم هو السحب فى حد ذاته إذ یعیدنا هذا السلوک الى ماقبل انابولیس اى الى السنوات التى کان الانحیاز الغربى والامریکى تحدیدا واضحا وکبیرا لاسرائیل ولسیاساتها فى المنطقة وضد الفلسطینیین تحدیدا.
ان ما حصل بعد یومین من اجتماع انابولیس الذى کان من المفروض ان یطلق المفاوضات من جدید بین الاسرائیلیین والفلسطینیین یبعث على الاستغراب وفى نفس الوقت یطرح عدة تساؤلات عن جدیة الاجتماع الذى تجندت له العدید من الاطراف وسوقت له العدید من الجهات اذ اثبت بالمکشوف انه لم یتغیر اى شیء من العادات والاسالیب القدیمة التى کانت تتصرف بمقتضاها الولایات المتحدة الامریکیة والتى لم تخرج عن دائرة الانحیاز الواضح لاسرائیل ولسیاساتها فى المنطقة.
إذ وبمجرد احتجاج حکومة تل ابیب على مشروع قرار سحبت امریکا المشروع مؤکدة ان المسألة لیست مرتبطة بارادة لحل النزاع الفلسطینى الاسرائیلى بقدر ما هى مرتبطة بمصالح امریکیة اسرائیلیة تحرکها رغبة دفینة فى ضمان التفوق للعنصر الاسرائیلى فى مواجهة العنصر العربى الفلسطینی.
ان مثل هذا التصرف الذى جاء مباشرة بعد انتهاء اجتماع انابولیس یحیلنا الى الاعتقاد بان شیئا لم یتغیر من السلوکیات القدیمة وخاصة من الانحیاز الواضح لاسرائیل ومن عدم الجدیة والصدق فى التعاطى مع القضیة الفلسطینیة التى تعتبر فى اشد الحاجة للمعاضدة الدولیة وللوقوف الى جانبها حتى تضمن لنفسها الاطار الملائم للتحرک من اجل الاستقلال والحریة والعدالة الاجتماعیة.
ولکن یبدو ان المجتمع الدولى ومعه اسرائیل لم یصلا الى هذه القناعة والى الطرح السیاسى فاسرائیل مازالت تمارس نفس السیاسة العدائیة تجاه الفلسطینیین وقد عشنا ایام انعقاد المؤتمر حالات من الاعتداء الصارخ ضد الفلسطینیین من قبل الالة العسکریة الاسرائیلیة، وتواصلت تلک الاعتداءات بعد انتهاء الاجتماع حیث لم تتغیر السلوکیات والسیاسات الاسرائیلیة تجاه الفلسطینیین ولم تؤثر نتائج انابولیس على التوجه السیاسى العام بل اکدت مرة اخرى ان کل الاجتماعات والمؤتمرات الدولیة التى تعقد هنا وهناک وکل اللجان الرباعیة والثنائیة لیسة ذات جدوى مادامت لا تقدر على تمریر حتى مشروع قرار فى مجلس الامن ناهیک عن شجب اسرائیل او ادانة سیاساتها تجاه الفلسطینیین.
إن ماحصل مباشرة بعد مؤتمر انابولیس یؤکد مرة اخرى ان قضیة الفلسطینیین مع المجتمع الدولى مازالت قائمة ومعقدة فى نفس الوقت وهى قضیة تتطلب ارادة سیاسیة صادقة من اجل التوصل الى حلول ملموسة تضمن الحد الادنى من الحقوق الفلسطینیة ولا تفرط فى الثوابت الاساسیة للقضیة والقائمة على الحقوق فى الارض والاستقلال واقامة الدولة وعودة اللاجئین واسترجاع القدس وضمان مقومات العیش الکریم للفلسطینیین بعیدا عن الاعتداءات الاسرائیلیة التى لا تتوقف وبعیدا عن الصمت العربى المخجل وبعیدا عن الانحیاز الدولى المتعمد.
( المقال للکاتب سلیم الکرای )
ن/25