السبت 12 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

التعلق بالاحتلال

 کتب البروفیسور عبد الستار قاسم فی مقال استلمته وکالة قدسنا :

أرى أن أشد ما یثر الانتباه فی کسر الحدود الافتراضیة مع مصر ویدق نواقیس الخطر ویسم صفحات من التاریخ الفلسطینی والعربی هو تعلق فلسطینیین وعرب بالاحتلال الإسرائیلی وإصرارهم على التمسک باتفاق مع إسرائیل ولو کان ذلک على حساب فلسطینیین. من المذهل أن یشن فلسطینیون وعرب هجوما على الذین حطموا الحدود تحت ضغط الفاقة والمرض والحصار الشدید المطبق. کان ظن بعض الذین یظنون فی الأنظمة العربیة خیرا أن تصنع الأنظمة شیئا لإنقاذ غزة من الحصار، فإذا بالمرحلة التاریخیة الموصوفة بالانحطاط العربی تنفذ حکمها فی أهل غزة.

عندما قررت إسرائیل الخروج من قطاع غزة وتفکیک المستوطنات خرجت صرخات من صفوف الشعب الفلسطینی ضد التفاوض مع إسرائیل بشأن المعابر. ما دامت إسرائیل قد قررت الخروج فعلیها أن تحمل أمتعتها وتخرج، ومن واجب الفلسطینیین أن یحرصوا على کامل حریتهم فی القطاع وفتح الحدود. أبت السلطة الفلسطینیة أن تبقى بعیدة عن طاولة المفاوضات وأصرت على التفاوض بشأن معبر رفح. کانت النتیجة أن إسرائیل بقیت مسیطرة على حرکة الفلسطینیین خروجا ودخولا من خلال الأجهزة الإلیکترونیة والأوروبیین، وأن الفلسطینیین زفوا لشعبهم بشرى وهمیة بالسیطرة على المعبر.

کان التفاوض حول المعبر ضربة قویة للشعب الفلسطینی وآماله فی طرد الاحتلال والتحرر، وکانت الاتفاقیة بمثابة دعوة مجانیة وکرمیة لبقاء الاحتلال. کنت أنا من الذین کتبوا فی حینه وقلت بأن لا أسف على الاحتلال ولتذهب إسرائیل إلى الجحیم وبدون قشة نجاة من الفلسطینیین. الآن تکتمل الصورة بأن السید أبو مازن ومعه أنظمة عربیة کثیرة تطالب بتطبیق اتفاق معبر رفح مع إسرائیل، أی بعودة إسرائیل إلى المعبر والعودة إلى تسلبمها المفاتیح. ویبدو أنه لا یوجد قائد عربی سواء کان أبو مازن أو مبارک یربط تطبیق اتفاق المعبر بتطبیق إسرائیل للقرار 194 أو 181. إذا کان أبو مازن وفیا للاتفاقیات فلماذا لا یطلب الوفاء بالقرارات الدولیة التی یعتبرها من الشرعیة الدولیة؟

لن یکون من المستغرب أن یوافق السید رئیس السلطة الفلسطینیة غدا على تسلیم ما یدعی الیهود بأنه قبر یوسف للإسرائیلیین لأن الاتفاقیات تنص على بقاء القبر وقبته بید إسرائیل. لقد قدم فلسطینیون تضحیات من أجل إخراج جنود إسرائیل من المدرسة الدینیة التی کانت محیطة بالقبر، فهل سیتم الدوس على هذه التضحیات أیضا؟

لیس جدیدا بالنسبة لی أن زعماء عربا یجدون فی إسرائیل صدیقة کما یجدون صداقة لهم فی أمریکا. لکن الأمر فاقع الآن بحیث أن التحالف مع إسرائیل ضد قوى محلیة وإقلیمیة یأخذ أشکالا علنیة ویتم التحدث عنه فی وسائل الإعلام بلا وجل أو خجل. وما هو مثیر أن هناک قطاعات واسعة من الجمهور تؤید هذه التوجهات العلنیة نحو الاحتلال وبشعارات وطنیة على رأسها إقامة الدولة الفلسطینیة المستقلة. بعد کل هذه التجارب، هناک من الفلسطینیین من یظن أن طاولة المفاوضات ستأتیه بدولة مستقلة، وأن إسرائیل ستربط له القطاع بالضفة بطریق حر خدمة لهذه الدولة.

یبدو أن هناک مشکلة عمیقة الجذور وهی أن بعض الفلسطینیین قد أصبحوا متعلقین بالاحتلال الإسرائیلی ویرون ضرورة التمسک به. هناک فلسطینیون یرون فی إسرائیل وأمریکا مصدرا للنغنغة المالیة والنفوذ، ومنهم من بات غریبا عن أجواء الحریة ولا یرى راحته إلا فی أجواء الذل والإهانة. ومن منطلق عادات العرب فی الاستقواء بالغریب ضد القریب، ربما یجد بعضهم أن الاحتلال یوفر غطاء الأمان. ربما على علماء هذه الأمة أن یبحثوا مطولا فی هذه العادة العربیة القبیحة التی لا تفرط بالاستعمار وترحب بالاحتلال. لماذا نحن العرب لا نتهاون بعداواتنا الداخلیة بینما تنحنی رقاب العدید منا للأعداء الخارجیین؟

کنا نتحدث قدیما عن تحریر فلسطینی شبرا شبرا، وندعی بأننا سنبارک تحریر أی جزء من فلسطین. یبدو الآن أن بعضنا لا یرى التحریر إلا من خلال الاحتلال، وفقط بمشارکة الاحتلال، وهم یرون أن فک ارتباط غزة بإسرائیل عبارة عن تقسیم للوطن الذی یعتبرونه فقط الضفة الغربیة وقطاع غزة. إنهم یقولون بأن وحدة الوطن تتطلب بقاء غزة فی کنف الاحتلال.

أخال بأننا بحاجة للعودة إلى رشدنا. ما نقوم به الآن عبارة عن استنزاف أخلاقی ووطنی وإنسانی للمواطنین، وإمعان فی التمزیق الاجتماعی.

ن/25


| رمز الموضوع: 140895







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)