أی فعلة فعلتها یا سید حسن؟!
کانت الردود الإسرائیلیة على خطاب السید حسن نصر الله فی وداع القائد العسکری عماد مغنیة، مذهله. کانت شیئا لم یسبق له مثیل!
ویکاد المرء لا یصدق کیف أن دولة مسلحة حتى الأسنان، تستخف بجیوش المنطقة کلها، وتعربد فیها، ترتجف أمام تهدیدات لزعیم حزب لبنانی!
لقد وصل الأمر حد الذعر فی بعض نواحیه!
فماذا یعنی هذا؟
إنه یعنی أن الهزیمة فی حرب تموز 2006 أمام حزب الله تغلغلت عمیقا فی الوعی الإسرائیلی، وصارت واحدا من مکونات هذا الوعی.
وهکذا، فإنن حدث اغتیال مغنیة، الذی کان مقدرا له أن یکون انتصارا، وجزءا من استعاد قوة الردع، تحول إلى عکسه تماما. تحول إلى قلق وذعر، حد أن وزیرة الخارجیة، تسیبی لفنی، طالبت بعدم الذعر.
لقد تمکن حسن نصر الله بخطاب واحد أن یقلب المزاج النفسی کله. أن یحول الفرح الإسرائیلی إلى مأتم! فبینما کان رئیس الوزراء الإسرائیلی أولمرت فی الطائرة یهنئ رجاله بنجاح العملیة، کانت دولته تختض لتصریحات نصر الله..
هذا أمر لا مثیل له.
أمر لم یحصل سابقا.
لقد حصل تحول نفسی خطیر ولا سابق له. تحول محا أو یمحو بالتدریج آثار هزیمة حزیران.
بذا یمکن القول أن حرب 2006 هی التی أزالت الآثار النفسیة لحرب حزیران 1967. حرب حزیران کانت حجرا ألقی فی البحیرة العربیة، وظلت دوائر موجاته تمتد وتمتد حتى تموز 2006. فی تموز من ذلک العام توقفت الدوائر عند وادی السلوقی فی جنوب لبنان، ثم ارتدت إلى الغرب. الآن موجات الخوف والقلق تمتد الآن غربا.
لقد دفع حسن نصر الله بیده الموجة فعادت إلى الوراء.
ویا لها من دفعة تاریخیة!
هکذا حصل أیام الفرنجة، ولا أقول الصلیبیین، فهذا لیس مصطلحنا هذا مصطلحهم. فعندما اجتاحوا سواحل الشام ودب الذعر فی القلوب، صارت کل مدینة کی تحمی نفسها تزود الفرنجة بالمؤن والخیل والعتاد، بل وأحیانا بالرجال، کی یقتحموا المدینة التالیة وتحمی هی نفسها! کان الذعر هو الأفق الوحید للناس.
حسن نصر الله أوقف الموجة، ودفعها إلى الخلف. رد الذعر غربا.
والآن نستطیع أن نقول أنه توجد فوبیا فی إسرائیل اسمها (فوبیا حسن نصر الله). توجد هستیریا اسمها حسن نصر الله. یوجد مرض یصیب الإسرائیلیین اسمه حسن نصر الله.
یا الله، ما أضعف هذه الدولة!
یا الله، ما أقل ثقتها بنفسها!
ویا الله، أی فعلة فعلها شیعة لبنان!
أی فعلة فعلها حزب الله!
أی فعلة فعلها حسن نصر الله.
کنا نظن أن شیئا مثل هذا بحاجة إلى أمة واحدة بکاملها! کنا نظن أننا نحتاج إلى طاقة مصر وسوریا والعراق وغیرها کی یحصل.
لکنه حصل على ید جزء من الشعب اللبنانی!
( المقال بقلم الکاتب الفلسطینی زکریا محمد )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS