وماذا بعد ....!!!

 قسم التحلیل والتعلیق العربی ـــ وکالة قدسنا

تقریر الوکالة هذا یعتبر نقلة نوعیة من حیث تعاون الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة مع المفتشین الدولیین و إبداء حسن النوایا تجاه مهمة الوکالة الدولیة والتعاون البناء معها ، ولکن کل هذه النوایا الطیبة و کذلک التطور الجدید لم یعجب الادارة الامریکیة التی ابدت رفضها له، وعبرت عن عدم ثقتها بالبرنامج النووی الایرانی، و تأکیدات ایران بسلمیته ، وطالبت بتعلیق ایران لکل انشطة تخصیب الیورانیوم، واکد متحدث باسمها انها ستواصل جهودها لفرض عقوبات جدیدة على طهران.

التفتیش المفاجئ الذی یطالب به  الغرب و فی مقدمتهم الامریکان یذکرنا بنظیره الذی جرى تطبیقه ضد النظام العراقی السابق من قبل مفتشی الامم المتحدة الباحثین عن اسلحة الدمار الشامل، فقد مارس هؤلاء، وبعضهم کان تابعا لوکالة المخابرات المرکزیة الامریکیة مثلما تبین ذلک لاحقا، مهمات تفتیشیة اتسمت بالابتزاز والاستفزاز معا، لاستثارة ردود غاضبة من قبل النظام العراقی السابق تؤدی الى تقدیم ذریعة للادارة الامریکیة لشن حرب ضده. فقد دخل هؤلاء المفتشون غرف نوم صدام حسین حتى بحثا عن اسلحة الدمار الشامل حسب زعمهم ، متوقعین ان یرفض مهمتهم الاستفزازیة هذه.

الادارة الامریکیة ترید ان تفعل مع ایران وبرنامجها النووی ما فعلته مع العراق والغربیون هنا نسوا او بالاحرى یتناسون الترسانة النوویة  الاسرائیلیة  او بالاحرى هم بفرضونها ملکاً لهم  وهی فی الحقیقة کذلک لان الکیان الصهیونی هو المنفذ لمخططات الغرب الاستعماریة وفی مقدمتهم امریکا . ویتوقع المراقبون ان لا تنتهی سلسلة طلبات الامریکان التعجیزیة الا بحرب شاملة حسب زعم بوش ،  الذی أفصح  عنها  اکثر من مرة، عندما قال ان احتمالات الحرب ما زالت قائمة، وزعم انه نجح فی اقناع قادة دول المنطقة الذین التقاهم اثناء جولته الاخیرة بخطورة البرنامج النووی الایرانی علیهم والمنطقة بأسرها.

الحروب الامریکیة الفاشلة فی کل من العراق وافغانستان قد تقف عائقا فی طریق ای حرب جدیدة تخطط لها ادارة الرئیس بوش ضد ایران، مضافا الى ذلک ان تقریر اجهزة الاستخبارات الامریکیة بایقاف ایران لکل انشطتها النوویة العسکریة الطابع حسب إدعائهم ، زاد من حراجة موقف  بوش والمجموعة المحیطة به من المحافظین الجدد التی ما زالت تقرع طبول الحرب بتحریض من اسرائیل واللوبی المناصر لها فی الولایات المتحدة.

 بوش یبحث حالیا عن ذریعة، وربما توفرها حکومة اولمرت له بافتعال حرب مع حزب الله فی لبنان، بهدف جر ایران وسوریة الیها، ای ان تهرع واشنطن لحمایة اسرائیل، وضرب البلدین المساندین لحزب الله.

الدکتور البرادعی قد یکون اول من یدفع ثمن تقریر وکالة الطاقة النوویة الذی تعتبره ایران تأکیدا على مصداقیة نوایاها فی تخصیب الیورانیوم للاستخدامات السلمیة، ولذلک لن نستغرب حملات کراهیة جدیدة ضده على غرار السابقات من قبل الادارة الامریکیة، لان واشنطن ترید تقاریر تعلن و تؤکد لها على انتهاک ایران للقوانین الدولیة، وهو ما لم یفعله الدکتور البرادعی ومفتشوه حتى الان.

المفارقة العجیبة تظهر هنا عندما نرى ان تقریر البرادعی هذا یتزامن مع ضجة فی بریطانیا بسبب شطب حکومة تونی بلیر اسم اسرائیل من تقریرها الذی اعدته قبل الحرب عن اسلحة الدمار الشامل العراقیة وخطورتها، وهی الاسلحة التی لم یثبت وجودها، بینما ما زالت اسرائیل تملک مئات الرؤوس النوویة، وتشکل خطرا على جیرانها ولا یستطیع المفتشون الدولیون الاقتراب من مفاعلاتها.

ن/25