qodsna.ir qodsna.ir

اغتیال عماد مغنیة.. هل بدأت الحرب السابعة؟

 لم تعترف إسرائیل أو تقر رسمیاً بمسؤولیتها عن اغتیال القیادی البارز فی حزب الله الشهید عماد مغنیة غیر أن إیماءات الجسد والتلمیحات وحتى التصرفات الإسرائیلیة غیر المعهودة تدل على ذلک أهود أولمرت تناول المیکروفون على متن الطائرة التی أقلته من برلین إلى فلسطین المحتلة وهنأ أو بشّر مرافقیه باغتیال مغنیة.

ناهیک عن عشرات المحللین وخاصة الجنرالات المتقاعدین التی شکلت مسؤولیة اسرائیل عن عملیة الاغتیال خلفیة مرئیة وأحیاناً غیر مرئیة لتحلیلاتهم وتنظیراتهم التی لا تنتهى ویبدو انها لن تنتهی قریباً, تدعى إسرائیل أن لها حساباً کبیراً وعسیراً مع الشهید مغنیة وکانت تتبجح دائما انها لنم تدخر جهدا لتصفیة هذا الحساب لتصفیة هذا الحساب، وخاصة أن التحریض على حزب الله ومغنیة تحدیداً کان یتسع لدرجة القول أن لیس اسرائیل فقط تطالب برأسه وأن الاخرین متعطشین وراغبین بذلک وربما بما یتجاوز الرغبة الاسرائیلیة نفسها, امریکا تدعى أن لها حساباً طویلاً مع الشهید مغنیة منذ اتهامه بالمسؤولیة عن تفجیر السفارة الأمیرکیة  فى بیروت ومقر المارینز عام 1983 حتى خطف لطائرة twa فی العام 1985 مرورا بقتل أحد أهم عملاء الـC.I.A وخطف العدید من الرهائن الغربیین والأمریکی منهم خصوصاً.

فرنسا تدعى أیضاً أن لها حساباً مع الشهید یتعلق بتفجیر مقر القوات الفرنسیة فی بیروت العام 1983 وکذلک بخطف العدید من رعایاها فی لبنان.

رغم کل ذلک فإن الاتهامات الأمریکیة – الفرنسیة لمغنیة إلیه اتخذت فی السنوات العشر الأخیرة طابعاً سیاسیاً أو ابتزازیاً واستغلال الملف للضغط على حزب الله – إیران لانتزاع مکاسب سیاسیة فی ملفات متعددة تمتد من فلسطین  إلى أفغانستان مروراً طبعاً بلبنان سوریا والعراق وإیران. وکان ثمة اتفاق ضمنى للتخلى لاسرائیل عن هذا الملف اى ملاحقة مغنیة مع الاستعداد االخفى والعلنی أیضاً لتقدیم الدعم والاسناد اللازم لها فى ابعاده المختلفةخاصة الامنیة منها.

إسرائیل تدعی أن حساباتها او ثارها أو صراعها مع مغنیة بدأ باکراً جداً أی منذ خمس وعشرین سنة منتصف الثامنینات من القرن الماضی تتهمه بالإعدادولاشراف على عدید من العملیات الاستشهادیة التی دقت المسامیر الأولى لنعش الانسحاب الإسرائیلی من لبنان صیف عام 2000، ومنذ التسعینیات تتعاطى معه إسرائیل بصفته رئیس أرکان حزب الله – أو وزیر الدفاع، قائد ورئیس المنظومة الأمنیة والعسکریة لحزب الله وفق المصطلح المتداول أی أن إسرائیل تقول أن الشهید مغنیة هو من اشرف مباشرة على إدارة الصراع معها کما ان مغنیة بعد الانسحاب الإسرائیل الأحادی عام 2000، ادار الصراع وفق حدود وخطوط ووقائع مختلفة مثل اسر الجنود الاسرائیلین الثلاثة صیف العام 2000، تتهم باسر الجندیین اهودغولدفیسر والداد ریغیف فی 12 تموز 2006، العملیة أدت کما هو معروف إلى اندلاع حرب لبنان الثانیة التی تقول خسرتها إسرائیل أو على الأقل لم یستطیع الجیش الإسرائیلی بکل یملکه من عدة وعتاد تحقیق الانتصار فیها فى مواجهة تنظیم شبه عسکری یضم آلاف من المقاتلین کما قال تقریر فینوغراد والان یتضح أن إسرائیل تتهم عماد مغنیة بالقیادة المیدانیة لهؤلاء المقاتلین خلال الحرب وابتداع الوسائل والأسالیب القتالیة التی فاجأت إسرائیل من المحمیات الطبیعیة أو الخنادق المحصنة على الحدود إلى صواریخ الکورنیت وخلایا المقاتلین الصغیرة فى مواجهة الدبابات إلى تمویه وسائل وأشکال اطلاق الکاتیوشا التی استمرت فی السقوط حتى آخر أیام الحرب وصولاً إلى ضرب السفینة حانیت بصاروخ ارض بحر فی عملیة شکلت مفاجأة أمنیة ونفسیة عسکریة هائلةبکل المقاییس بقراءة أخرى لتقریر فینوغراد ولائحة الاتهامات الاسرائیلیة الطویلة یمکن القول أن الشهید مغنیة- ومعه أخرین بالطبع-، یقف بشکل اساسى ورئیسى خلف الأداء التکتیکی  والقتالی الرائع لمقاتلى حزب الله خلف  الاستغلال المذهل والإبداعی لنقاط  ضعف وثغرات الجیش الإسرائیلی.

منذ أیام وفی أثناء ندوة حول الإستراتیجیة العسکریة الإسرائیلیة القتالیة المستقبلیة بحضور وزیر الدفاع  ورئیس الأرکان عرضت شعبة الاستخبارات العسکریة تقریراً یقول أن حزب الله عوّض کل خسائره وزاد عدد صواریخ وحتى أعاد انتشاره جنوب خط اللیطانی وأعاد بناء تحصیناته وملاجئه القتالیة جنوب وشمال خط اللیطانی والآن یمکن استنتاج ما لم تنقله الصف أو ما ظل سریاً من تقریر الاستخبارات العسکریة ااسرائیل تتهم الشهید مغنیة بالعمل بدأب لتحقیق کل تلک الإنجازات لیس فقط قیادة لحزب الله ومنع الجیش الهائل من تحقیق الانتصار وانما ایضا افراغ اى انجازات اسرائیلیة من محتواها عبر اعادة بناء الترسانة الصاروخیة وا لهیکلیة و المنظومة القتالیة البشریة لحزب الله وبمستوى یفوق حتى ما توفر للحزب قبل الحرب السادسة وأتاح له هزیمة وإیقاف الجیش الذی کان لا یقهر .  إذن ثمة سببین إسرائیلیین أساسیین لملاحقة واغتیال مغنیة الأول لبنانی ویتعلق بالمعطیات السالفة الذکر والثانی یخص ما تسمیه إسرائیل ومعها القوى الکبرى  قیادة مغنیة للجناح الخارجى او قسم العملیات الخارجیة لحزب الله وهذه أیضاً أیضاً اکذوبة کبرى فلییس هناک جناح خارجی وهذا المصطلح لیس اکثر من الاسم الحرکى لوحدة مساعدة وإسناد الانتفاضة الفلسطینیة تلک الوحدة التی تزعم إسرائیل أن مغنیة کان قائدها ومحرکها الأساسی وأنه یقف عملیاً وراء التطور النوعی فی أداء ونمط عمل المقاومة الفلسطینیة خلال السنوات الثمانیة الأخیرة، -انتفاضة الأقصى- تزعم إسرائیل أن مغنیة یقف خلف تقنیة العبوات الناسفة الجانبیة التی استهدفت ونالت من دبابات المیرکافا فی قطاع غزة منذ سنوات وتزعم إسرائیل أن الشهید مغنیة یقف خلف نقل تقنیة العبوات الناسفة بشدیدة الانفجار والتی استخدمت فی الاحزمة الناسفة خلال العملیات الاستشهادیة فی العمق الأمنی الإسرائیلی وتزعم إسرائیل أن التطور والتحسن المستمر فی تقنیة الصواریخ من حیث المدى والقوة التدمیریة والتفجیریة یعود إلى الخبرات التی نقلها الشعید مغنیة إلى المقاومة الفلسطینیة وأکثر من ذلک تزعم إسرائیل أن الأداء القتالی الأخیر للمقاومة الفلسطینیة خلال التوغلات الإسرائیلیة الأخیرة فی قطاع غزة والنمط المتبع هناک وخاصة من قبل حرکة حماس یشیر الىالشهید مغنیة نحن أمام حزب الله 2 کما یقول کبار الضباط نحن أمام اداء قتالى احترافى ینم عن اختلاف جذری على مستوى التخطیط والتنفیذ ونحن أمام استفادة فلسطینیة من عبر ودروس حرب لبنان الثانیة وأن ذلک تم أساساً على ید من قاد تلک الحرب من طرف حزب الله – و لمس بنفسه نتیجة التکتیکات والأسالیب القتالیة بجوانبها الایجابیة والسلبیة.  نجاح إسرائیل فی الوصول إلى الشهید مغنیة یعتبر نجاح متأخر جاء بعد 25 عاماً من الملاحقة واستخدام الامکانیات الهائلة لیس الإسرائیلیة فقط وانما الدولیة أیضاً وخصوصاً الاوروبیة یمکن توقع نشوة إسرائیلیة مضاعفة للنیل من الشهید مغنیة فی دمشق,

إسرائیل تقول أنها لا تواجه حماس أو المقاومة فی غزة ولا حتى حزب الله فی لبنان وأنها تواجه حلفاً یمتد من غزة إلى طهران مروراً ببیروت ودمشق وانفجار کفرسوسة تحدیدا على مسافة دقائق من السفارة الإیرانیة مؤسسات وأجهزة آمنیة سوریة وحتى عن امکان  إقامة مسؤولین وقادة فلسطینیین بارزین یبعث رسائیل باتجاهات متعددة ربما أهمها أن الذراع الإسرائیلی ما زالت طویلة وحتى ولو لم تکن جویة رغم أن من المبکر ربما الحکم النهائی وأن لا أحد بمأمن سواء أکان فی دمشق أو بیروت أو غزة وربما حتى طهران نفسها.

نحن أمام محاولة إسرائیلیة لترمیم قدرة الردع و زرع الخوف والقلق والارتیاب فی صفوف لیس فقط المقاومة اللبنانیة والفلسطینیة وإنما أیضاً الأجهزة الأمنیة السوریة وحتى الإیرانیة.

أشار تقریر فینوغراد إلى أن الخسارة الأهم لحرب لبنان کانت قدرة الردع الإسرائیلیة الضروریة لیس فقط للحرب وإنما أیضاً لأنه تسویة مستقبلیة مع الفلسطینیین والعرب عبثا تحاول إسرائیل استعادة هذه القدرة تارة باستعراض جوی فى سماء سوریة وتارة باغتیالات للقادة الفلسطینیین العسکریین فى الضفة وغزة والان باغتیال الشهید مغنیة فی دمشق غیر أن لا أحد ینتبه إلى أن قدرة الردع تتاکل یومیا هناک فی فلسطین فی غزة تحدیدا المقاومة مستمرة فی إطلاق الصواریخ لا تخشى رد الفعل رغم الاثمان الباهظة وحتى المؤلمة  وإسرائیل هناک أیضاً تخشى من اجتیاح قطاع غزة خوفاً من الغرق فی الوحل الغزاوی وخوفاً من الخسائر البشریة الباهظة مئات الجنود القتلى – وأهم من ذلک خوفاً من الفضیحة  وانهیار صورة وهیبة الجیش عبر استمرار سقوط الصواریخ على سدیروت فیما الجیش یحتل غزة أو حتى فی صباح الیوم التالی للانسحاب من هناک .القرار 1701 ادى عملیا الى انتهاء الحرب السادسة رغم أنه تحدث عن وقف للعملیات العدائیة ولم یتحدث عن وقف نهائی لإطلاق النار لکن یمکن توقع أن تمثل عملیة اغتیال الشهید مغنیة شرارة لاندلاع الحرب السابعة خاصة مع تهدید السید حسن نصر الله بالرد على إسرائیل خارجیاً مع تحسب إسرائیل لرد قد لا تحتسب له سواء فى الداخل أو الخارج وإضافة الى ذلک فان تقریر فینوغراد دعا صراحة إلى ضرورة استعداد اسرائیل لحرب القادمة لیس الحرب السابقة سینوریوهات عدیدة یمکن الاشارة الیها هنا غیر ان اسرائیل حتما تفکر فى توجیه ضربة قاصمة لحزب الله على قاعدة الاستفادة وتلافى عیوب وثغرات وفشل الحرب السابقة.

فی الأیام الاولى من الحرب السادسة وقعت حادثیتین متماثلتین من حیث الشکل ومختلفتین من حیث الجوهر الاولى فی تل أبیت عندما صرخ الجنرال المتغطرس دان حلوتس لرئیس وزرائه على الهاتف لقد انتصرنا وف لبنان وفى مکان ما من الضاحیة او الجنوب قال الشهید مغنیة لأحد رفاقه لقد رأینا الموت فی عیونهم لقد رأینا الهزیمة أیضاً وعندما أطلقنا الدفعة الأولى من الصواریخ على حیفا قلت لقد خسرت إسرائیل الحرب , الان من حیث تدری أو لا تدری تعطى اسرائیل إشارة البدء للحرب السابعة السید حسن نصر الله یقول أن الحزب یستعد لها وان بانتظار إسرائیل مفاجات ستغیر وجه المنطقة الاحداث والوقائع خلال السنوات السابقة تقدم لنا بالتأکید فکرة عن مالات تلک الحرب وربما حتى عن سیناریوهاتها ووقائع الیومیة. لاستیعاب ذلک جیداً یستحسن إلقاء نظرة على ما کتب کبیر معلقى یدیعوت احرونوت فى الثلاثین من کانون ثانى ینایر الماضى-قبل بضعة اشهر اجرى الجیش الاسرائیلى مناورة کبرى مغطاة اعلامیا فى هضبة الجولان وتمت دعوة رئیس الوزراء لمشاهدة قواتنا تهجم مندفعة نحو اهدافها وعرضوا علیه تسلسل الاحداث الخطة وطریقة العمل بدا کل شى ممتازا باستثناء حقیقة موسفة واحدة کان هذا یشبه على نحو عجیب ما فعله الجیش الاسرائیلى فى حرب لبنان الثانیة بنجاح غیر کبیر, سنة ونصف مرت منذ الحرب الجیش الاسرائیلى قام بتحقیقاته استخلص الدروس ادخل الاولویة فى النظامى وفى الاحتیاط فى سلسلة مکثفة من التدریبات حسن معدات المقاتلین وغیر القادة ورغم ذلک اذا قرر حزب الله ذات یوم انه مل من الهدوء فان الوضع لن یکون مغایرا کثیرا وابل من الصواریخ سیسقط على الجلیل سلاح الجو سیقوم بعمله بقصف اهداف فى  عمق لبنان وعندها تنعقد جلسة کى تقرر اذا کانت ستتوقف عند هذه النقطة او تجند قوات الاحتیاط اذا انهینا الان فاننا لا نکون فعلنا شئیا سیقول احد الوزراء اذاادخلنا قوات بریة سنتورط فى حملة تستمر لاسابیع او اشهر سیقول وزیر اخر مئات الجنود سیقتلون وفى النهایة سنخرج من هناک باتفاق لوقف النار سیذوب من اسبوع لاسبوع مشکلة صعبة سیقول الوزراء وسیتطلعون الى رئیس الارکان کى یصنع معهم جمیلا یاخذ المسولیة ویحررهم من عذابه . ,وسواء کان فینوغراد بهذا الشکل ام فینوغراد خلافه فان معجزة لن تحصل لنا لیس لنا وسیلة لان نحسم الحرب لا ضد حزب الله ولا ضد حماتس فى غزة ولا بالاثمان التى یفترض بنا ان ندفعها حیال السلاح الصاروخى لمنظمات الارهاب فان الجبهة الاسرائیلیة الداخلیة محکوم علیها ان تتتلقى الضربات حتى لو کان على راس الحکومة اولمرت او نتن یاهو لفنى او باراک هذا هو الموجود.

 ( المقال لماجد عزام مدیر مرکز شرق المتوسط للدراسات والاعلام )

ن/25


| رمز الموضوع: 140916