qodsna.ir qodsna.ir

سبب التکتم الاوروبی على الممارسات الاسرائیلیة

قسم التعلیق والتحلیل ــ  القسم العربی فی وکالة قدسنا

ذهبت المستشارة الألمانیة أنجیلا میرکل فى زیارة الکیان الصهیونی وأطلقت تصریحات  تشید فیها بالکیان المفروض على المنطقة یعجز حتى الجنرالات الإسرائیلیین حتى عن إطلاقها، وهى تصریحات تذکر بما قاله سارکوزى لدى استقباله أیهود أولمرت منذ أشهر مضت فى باریس .

میرکل قالت إنها تتألم لما لاقته إسرائیل طیلة الستین عاما لتأسیسها.. هی تتألم لأن الفلسطینیین العزل تصدوا لإسرائیل بالتظاهر والاحتجاج ورفضوا الخروج من أرضهم، ولم تتجاوز ردة فعلهم انتفاضة الحجارة وبعض الصواریخ محدود التأثیر والمدى.

نعم هی تتألم لان بلادها وحسب زعم الصهاینة  ظلموا الیهود ... أما إسرائیل التى قتلت وشردت ملایین العزل من الفلسطینیین من أرضهم  و ارتکبت مجازر أفظع من التی ارتکبها  جزار فی التاریخ ، وحتى المحرقة الالمانیة المزعومة  لم ترى مشاهد  مثلها ... فکأنها لم تفعل شیئا.. بل واحترمت حقوق الانسان أکثر من الاوروبیین أنفسهم .

الأوروبیون، غیروا مفاهیمهم فى العقد الأخیر، فلم تعد حقوق الإنسان هى المعیار فى الحکم على قضایا الشرق أولاسط، بل المعیار الوحید أصبح لدیهم مدى ملائمة مواقفهم للرؤیة الأمریکیة التى یسیطر علیها ویتحکم فى مصیرها اللوبى الصهیونی.

ولیس الموقف من الاحتلال الإسرائیلى هو القضیة الوحیدة التى تم فیها الدوس على المفاهیم الحضاریة أو المواثیق الدولیة، فالحرب على الإرهاب حیث تواطأت عواصم غربیة سرّا مع الخرق الإمریکى الصارخ لحقوق الإنسان وسمحت باعتقالات غیر قانونیة وباختراق الطائرات التى تحتجز متهمین وتحولهم من سجن إلى آخر فى ما اصطلح علیه بقضیة السجون الطائرة.

الرسمیون الأوروبیون والمنظمات الحقوقیة والصحفیة ومختلف الهیاکل المعروفة بنقدها لأوضاع حقوق الإنسان فى العالم الثالث، هؤلاء جمیعا سکتوا أمام سطوة الآلة العسکریة والإعلامیة والسیاسیة الأمریکیة خاصة فى قضایا مثلت عنوان فضائح حقوقیة مثل فظاعات أبو غریب ومحتجز غوانتنامو..

الحقیقة المرة أن أوروبا أصبحت تابعة سیاسیا للإدارة الأمریکیة، ولا تستطیع أن تعارض حتى فى ما یستهدف مصالحها، فهناک إجماع فى ألمانیا وفرنسا وبریطانیا على رفض إرسال قوات جدیدة إلى أفغانستان أمام ارتفاع أعداد القتلى والجرحى وکلفة الحرب اقتصادیا وسیاسیا، لکنهم صمتوا وانکفأوا حین أصرت واشنطن على أن یرسلوا بقواتهم وفعلوا رغم کل الصخب الشعبى ومعارضة مؤسساتهم الدیمقراطیة.

وهکذا اصبحت  الهرولة الأوروبیة باتجاه إسرائیل، لیست ناجمة عن تعاطف ولا إیمان بأحقیتها التاریخیة وإنما رضوخا للضغوط ألامریکیة، وهو ما یفسره الصمت المهیمن و المهین تجاه المجازر الإسرائیلیة المتتالیة فى غزة والضفة والانضباط الأوروبى فى إنجاح الحصار الظالم والا إنسانى على مجموعة من البشر افتک الإسرائیلیون أرضهم وخیراتهم ودفعوا بهم إلى مخیمات تفتقر إلى ابسط شروط الحیاة.

لکن، ما کان للالمانیة میرکل ولا الفرنسی  سارکوزى أن یطلقا التصریحات الناریة ضد الفلسطینیین العزل الابریاء  الرازحین تحت الاحتلال، لو وجدا أنها تهدد مصالحهم من الاتجاه المقابل..

فالعاصمتان الأوروبیتان المؤثرتان لدیهما مصالح کثیرة وإستراتیجیة مع أغلب العواصم العربیة وخاصة العواصم "المؤثرة".

وأرقام المعاملات معهم لا شک أنها أکبر بکثیر من أرقام المعاملات الإسرائیلیة، لکن هذه العواصم لا تضغط ولا تهدد، بل لا یهمها أصلا أمر الفلسطینیین، بل هناک عواصم تشترک فى التآمر علیهم و وضعهم فى الزاویة.

والأمر لا یقف حد الفلسطینیین، فصمت العرب على احتلال العراق جعل الأوروبیین یصطفون وراء الموقف الأمریکی، مادامت مصالحهم غیر مهددة، وذات الأمر مع ما یجرى فى لبنان والسودان..

وبالتأکید فإن الهرولة الأوروبیة باتجاه إسرائیل لم تکن لتکون بهذا القبح والتحدی، لو لم تسبقها الهرولة العربیة.

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 140938