qodsna.ir qodsna.ir

انهیار نظام الأبوات الفلسطینی

 

کتب البروفیسورعبد الستار قاسم فی مقال استلمته وکالة قدسنا :

 

کان یشیر نظام الأبوات الفلسطینی إلى فکر ثوری فلسطینی یهدف إلى تحریر الوطن وطرد الصهاینة الغزاة. وقد حرص قادة فلسطینیون بالأخص من حرکة فتح على تسمیة أنفسهم أبویا لیشیر إلى ثوریته ومدى التزامه بالقضیة الفلسطینیة والقتال ضد إسرائیل. انتشرت أسماء أبوات رنانة ومتعددة أذکر منها أبو شامخ وأبو صادم وأبو کفاح وأبو نضال وأبو قاهر وأبو اللیل وأبو الهول وأبو عازم وأبو ثائر وأبو النصر، الخ.

کان یحمل الاسم دلالة وطنیة إلى درجة أن أطفالا کانوا یتعجلون الأمر ویتبنون لقبا تیمنا بهذا الثائر أو ذاک. وقد عرف الشعب الفلسطینی العدید من الأشخاص بألقابهم الأبویة ودون معرفة أسمائهم الشخصیة فی الکثیر من الأحیان.

لقد تأثر وهج هذه الألقاب سلبا بعد اتفاق أوسلو لأن فکرة التحریر قد أصیبت بضربة قویة. لقد انهارت الفلسفة الکامنة وراء اللقب مع ظهور طاولة المفاوضات، ولم تعد فکرة القتال والجهاد هی المهیمنة على الأبعاد الثقافیة والفکریة والوطنیة الفلسطینیة. ولهذا لوحظ تراجع کبیر فی استخدام نظام الأبوات بعد إقامة السلطة الفلسطینیة وأصبح الترکیز على الأسماء الشخصیة. لم تغد هناک ثقة بالدلالات الأصلیة للألقاب الأبویة من قبل حاملی الألقاب ومن قبل الناس العادیین، حتى أن الأطفال لم یعد لدیهم توجه نحو حمل لقب أبو.

ظهر مؤخرا نظام أبوات جدید له مدلولات ودلالات جدیدة نابعة من أجواء الفساد التی صنعتها السلطة الفلسطینیة. فظهر مثلا لقب أبو الطحین للتدلیل على سرقة الطحین أو استعمال الطحین الذی یأتی کمساعدات للناس لتحقیق أرباح مادیة شخصیة. وهناک الآن أبو الأسبرین والأکامول للتدلیل على مزوری الأدویة، وهناک أیضا أبو الجوالات للتدلیل على مهرب الجوالات من الخارج، وهناک أبو النسوان للتدلیل على خسة شخص نسویا، وأبو الشنط وأبو العنزات، وأبو الآثار وأبو الجرافات.

انهار نظام الأبوات القدیم لیظهر نظام أبوات جدید یعبر عن مرحلة جدیدة فی التاریخ النضالی الفلسطینی. هذا نظام جدید یسیء للشعب الفلسطینی، ویجعل من الشعب صغیرا أمام الشعوب والأمم الأخرى، ویجعل الناس صغارا جدا أمام العدو الصهیونی الذی من المفروض أن یصاب بالارتعاش من عزة نفوس الفلسطینیین وشموخهم. لقد أذل هؤلاء الأبوات الجدد شعب فلسطین، وجعلوه مادة للتندر والهزء والاستسخاف والاستخفاف. نحن شعب فلسطین نتحمل المسؤولیة أولا وأخیرا، لأن السنین تمر ونضالنا ضد هؤلاء لا یتجاوز المجالس الخاصة. نحن نهمس بحکایاتهم، ونغمز ونلمز، لکننا عند المواجهة ندیر ظهورنا، وربما لا نبخل ببعض عبارات النفاق.

علینا أن نقف بجرأة وشجاعة لمواجهة هؤلاء الفاسدین الذین یعیثون فی الأرض الفساد، ویدمرون کل مقومات الشعب الأخلاقیة والوطنیة والاجتماعیة والاقتصادیة.

ن/25


| رمز الموضوع: 140944