اهداف وأسباب زیارات الغربیین للکیان الصهیونی

شهدت الاشهر  الماضیة و یتوقع ان تشهد الاشهر التالیة زیارات لا سابق له  للکیان الصهیونی  من  قبل الرؤساء ونواب الرؤساء والوزراء وحتى المرشحین للمناصب المختلفة فی بلاد الغرب، فلا یکاد أحد الامریکیین یخرج من فلسطین  المحتلة حتى بأتی الآخریطلّ  وهکذا ....

جورج بوش والذی یتوقع ان یعود قریبا، و کذلک نائبه والمرشح الرئاسی الجمهوریّ وعندما یتفرغ قلیلا المرشحون الدیمقراطیون من المؤکد ان نری الفائز منهم یحط رحاله فی  ارض فلسطین المقدسة ، الرئیس الفرنسیّ، الرئیس التشیکی، المستشارة الألمانیّة، وزیر الخارجیّة الروسیّ، والقافلة طویلة لم تنته بعد.

والمحطات الثابتة  لهؤلاء هی  إثنتان أضیفت لهما ثالثة فی الفترة الأخیرة، الأولی بیت ید فشیم ـ مرکز الهولوکوست والثانیة حائط الهیکل الغربیّ(!) أمّا المُضافة فهی سدیروت . ویبدی  الضیوف فی  البدایة آیات من الندم على ما اقترفه آباؤه فی حق  الیهود وفی الثانیّة  یتضرعون إلى الله بعد أن یحشون ورقتهم بین حجارة الحائط طالبین المغفرة من الله لأجدادهم  الرومان هَدمةِ للهیکل الثانی، واعدین إیاهم أن یعملوا ما بوسعهم لحمایة بقایا الهیکل حتى یغفر لهم الله یوم القیامة شرّ أعمالهم.

أمّا فی الثالثة فحزنهم بعض الشیء غاضبین متوعدین على القسّام .

وفیما إذا کان الضیوف أمریکیون ولهم مرکز أمنیّ أو سیکون له مثل هذا المرکز فمحطّة رابعة، جولة فی طوّافة على طول الخط الأخضر لیرى عن قرب عرض إسرائیل أو عِرضها والخطر المحدق والخوف على ومن أن یُهتک هذا العرض.

بعد هذه الوجبة الساخنة جدا، تبدأ المحادثات مع الضیّف عن الخطر الإیرانیّ ـ الحماسیّ ـ الحزباللاهی والمحرقة وسدیروت فی الذهن، وعن الخطر العربیّ الفلسطینی والحائط وهشاشة العرض فی الذهن، وطبعا من خلال التعریج علی الـ الناین الیفین وأنفاق لندن وحرائق باریس ومحطات قطار أسبانیا ومسرح الشیشان والغاز السریّ.

یعرّج هؤلاء المسائیل على بقیّة فلسطین فیما تبقی لهم من وقت ولضیقه یعتذرون، هذا إذا طلب منهم أصلا، عن زیارة مرکز دیر یاسین ووو... ومن زیارة قبر محمد البرعی أبن الأربعة أشهر الذی مزقته قنابل مصانعهم ذات المارکة العالمیّة. کلّ ذلک بعد أن یکونوا قد عرّجوا على الأصدقاء فی المنطقة مرتاحین من طول سفر وجامعین طاقة لما ینتظرهم فی إسرائیل، أو قبل أن یعرّجوا راحة لأنفسهم من الوجبة  الغنیة التی أکلوها حارقة فی إسرائیل.

انا ان نقول أن إسرائیل هی رأس الحربة فی الصراع الذی أوجدته الرأسمالیّة الغربیّة بینها وبین الجنوب الإسلامیّ، بعد أن سقط الصراع مع الشرق الشیوعیّ، ولم یبق من مغفل فی هذا السیاق إلا الإسرائیلیین  والذی لم ینفع معه حتى الآن أضعف الإیمان.

یختلف المراقبون الإسرائیلیون بعد رفع الحواجب وتحریکها فی شتى الاتجاهات حول أسباب ودواعی هذا الحجیج الکمیّ غیر المسبوق، فیروح بعضهم یعلل النفس بمرور 60 سنة على الدولة وما هذه زیارات إلا مجاملات وتهانی بالمناسبة، وآخرون یعیدون ذلک إلى قدرة أو شطارة رئیس وزرائهم ببناء العلاقات الاجتماعیة مع الرؤساء والزعماء فی الدول من خلال زیاراته الکثیرة، ویروح سیئو الظّن منهم فیعزون هذه الشطارة لهروب منه إلى الأمام من الساحة الداخلیّة ولفت الأنظار عن وضعه المتردّی داخلیا، ولیصیر حدیث الناس عن دموع میرکل بدلا عن دموع الأمهات على أبنائهم فی حرب لبنان أو دموع خوفهن فی حرب غزّة، أمّا البعض الآخر فیعلل النفس بالمکانة الهامة لهم ولدولتهم على الساحة الدولیّة.

کل هذا یمکن أن یکون صحیحا ولکن صحته أو عدمها هما جزئیان، إذ أن هنالک شیئا ما کبیرا وخطیرا یطبخ فی هذه الزیارات وعلى أعلى المستویات، إمّا سلام مشوه یلبّی حاجات إسرائیل کرأس حربة فی الشرق لغرب یرى  مصائبه شرقیّة، وإمّا حرب شعواء تلبی حاجات إسرائیل والغرب کذلک، والإمکانیّة الثانیة هی الأقرب إلى الحدوث أخذا بالحسبان الذهنیات والمصالح المشترکة للجانبین : الزائر والکیان المحتل  .

وعلى الذین یتوقع أن یکونوا هادفین للسلام أن یتأهبوا للحرب ایضاً ، لأن السلام والحرب لدى الصهایمة  لیست بینهما فاصلة تذکر.

ن/25