السبت 12 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

تخریب القمة: لعب عربی بالمکشوف

تُعانی جامعة الدول العربیة من أزمات استعصی على کبار الأخصائیین فی العالم سبر أغوارها. فالأمین العام للجامعة، السید عمرو موسی، لم یتمکن من إیجاد مخرج للأزمة اللبنانیة، على الرغم من زیاراته المکوکیة إلى بیروت وإلى عدد من العواصم العربیة، وها هو مؤتمر القمة ینعقد فی العاصمة السوریة دمشق، فی ظل أزمة مفتعلة ومتوقعة بین سوریة من ناحیة، وبین المملکة العربیة السعودیة ومصر من ناحیة أخرى، حیث بات واضحاً أنّ غیاب الرئیس المصری حسنی مبارک، عن القمة لا یدور فی فراغ، ولم یأت من فراغ، مضافاً إلى ذلک، فإنّ العربیة السعودیة، أعلنت مشکورة، عن أنّ سفیرها فی الجامعة العربیة هو الذی سیُمثلها فی قمة دمشق، أما الملک الأردنی، الملک عبد الله الثانی، فلم یصل إلى القمة لأنّه غاضب بالعربیة وأیضاً بالانکلیزیة، وحکومة لبنان، المُحرّر برئاسة السید فؤاد السنیورة (بالمناسبة المعنی الحرفی لکلمة السنیورة الإیطالیة بالعربیة هو السیدة) من الاحتلال السوری، قرّرت المقاطعة.

أولاً، إن من قرّر المقاطعة دقّ إسفیناً فی نعش مؤسسة الجامعة العربیة الداعیة للقمة، إذ أنّ الحدیث لا یدور عن قمة استثنائیة دعت إلیها دولة عربیة، وحسناً تفعل دمشق إذا انتهجت هذا الخط فی دعایتها لتقویض مزاعم ما یُسمی بمحور دول الاعتدال فی المنطقة العربیة، هذا المحور، الذی یواصل وبخطى حثیثة التآمر على مصالح الأمة وتضییق حیّز المقاومة من أجل تحریر الأرض والإنسان، هذا طبعاً، إذا انطلقنا من الفرضیة القائلة إنّ الدول العربیة ما زالت تؤمن بخیار المقاومة.

نقول وبکل صراحة: لقد جاءت هذه القمة لتفضح للمرة ربما الألف، الأنظمة العربیة المتآمرة والمتأمرکة والمتواطئة على مصالح الأمة العربیة، هذه الأنظمة التی تشتری الأسلحة لقمع الشعوب ولتنظیم الاستعراضات العسکریة. یا أیُهّا الملوک والرؤساء والسلاطین والأمراء، من خلیجکم إلى محیطکم، بدینکم، الذی تتذرعون به، من منکم وصل إلى منصبه بانتخابات دیمقراطیة؟ من منکم یا أذناب الإمبریالیة بامتیاز، یجرؤ علی طلب رفض قادم من عاصمة الشر، واشنطن؟ من منکم تنازل عن عرشه بمحض إرادته؟ أتذکرون کیف قام أحدکم بعزل والده، وزّجه فی مستشفی للأمراض العقلیة واعتلى سدة الحکم مکانه؟ لقد کشفتم عن عوراتکم المستدیمة، فإلى قمة انابولیس، شددتم الرحال، رضوخاً لإملاءات السیدة کوندولیزا رایس، هذه القمة التی وضعتم فیها حجر الأساس لیهودیة الدولة العبریة، وحضّرتم التربة الخصبة لترحیل ما تبقی من عرب فی فلسطین.

 أکثر من ذلک، نقول بقلوب یعتصرها الألم على حال هذه الأمة، إنّ النظام العربی الرسمی انتقل إلى جوار ربه فی العام 1990 عندما شکلّت أمریکا الحلف الثلاثینی لتحریر دولة الکویت العظمی من الاحتلال العراقی. عندها تذّکرتم، أنّکم وقّعتم على اتفاقیة الدفاع المشترک، وبررتم تحالفکم مع رأس حربة الإمبریالیة، أمریکا، بأنّکم لا توافقون علی احتلال دولة عربیة من قبل شقیقة عربیة، والله، یا جماعة، إنّ شر البلّیة ما یضحک. و وفق هذا المنطق، أین جیوشکم وعتادکم وبرامجکم وخططکم؟ هل فلسطین تحرّرت من الاحتلال الصهیونی خلسة ولم یتم الإعلان عن ذلک؟

الحیاء، الخجل، العزّة والکرامة لیس من صفاتکم! أنتم زمرة، ولا نقول عصابة، من المنافقین، لا بل أکثر من ذلک فإنّ مزایا النفاق والریاء ومسح الجوخ، باتت مارکة مسجلة علی أسمائکم. الحق، الحق نقول لکم، إنکم سلاطین بدون سیوف، ومحمیات طبیعیة أمریکیة ولکنها ملوثة، تُنافقون فی الصباح والمساء، تُمارسون الزنا السیاسی وغیره فی اللیل، وتصحون على مؤامرة جدیدة ضد هذه الأمة. لقد سئمنا منکم، ولکن المشکلة أنّکم لم تهتموا ولو مرة واحدة لسماع نبض الشعوب العربیة التی تُقمع علی مدار السنة، ویُستباح شرفها وعرضها کل یوم.

العاهل السعودی، الملک عبد الله بن عبد العزیز، استقبل بدایة هذا الأسبوع نائب الرئیس الأمریکی دیک تشینی، وهو من بقایا الیمین المسیحی المحافظ ومن أکثر المتشددین فی إدارة بوش، وهو الذی خطّط لغزو العراق، وصل إلى الریاض بشکل علنی، وطلب من جلالة الملک زیادة ضخ النفط لانقاذ الاقتصاد الأمریکی الکاسد، فکان الردّ إیجابیاً من منطلق المروءة والشهامة العربیة، وأیضاً من منطلق تطبیق المثل القائل إنّ الصدیق وقت الضیق. وهذا الصقر المدعو تشینی وصل إلى المنطقة لقرع طبول الحرب. هکذا أنتم، أیُهّا الزعماء والملوک والأمراء، تشترون حمایتکم بالنفط العربی لعلمکم بأنّ شعوبکم غاضبة ومُحتقنة، وستُنزلکم عن عروشکم المهزوزة.

 و للمقارنة فقط، فإنّ السید تشینی زار العراق المحتل خلسة، ونتحدى أن یقوم أی مسؤول أمریکی بزیارة بلاد الرافدین، بشکل علنی. حتى فی البلاد التی احتلوها وأحرقوا فیها الأرض والعرض والشجر یخشون على حیاتهم، ولکن فی الدول العربیة، یشعرون بالأمن والأمان، لأنّ حکام هذه الدول یصرفون الغالی والنفیس من أجل حمایتهم، أو بالأحرى بهدف حمایة أنفسهم.

فی الماضی غیر البعید، کانت الولایات المتحدة الأمریکیة تلعب مع ربیبتها وحبیبتها إسرائیل دور تخریب القمم العربیة، التی لا طائل منها ولا جدوى، ولکن سبحان مُغّیر الأحوال، باتت اللعبة مکشوفة، وتبرع عدد لا یُستهان به من المتزعمین العرب للعب هذا الدور التخریبی، بدون حیاء، أو وجل وخجل، فإذا وصلنا إلی هذه النقطة، یجب الإعلان فوراً ودون تردد عن حلّ جامعة الدول العربیة، الموجودة أصلاً فی غرفة الإنعاش المکثف، وتحریرها من الماکینات المصطنعة والمبتذلة، التی تُوحی بأنّها ما زالت على قید الحیاة.

فی الماضی، عندما کانت فلسطین تخضع للانتداب البریطانی، کان الآباء والأجداد یُرددون فی المناسبات هتافات موجهة للمندوب السامی: مندوب خبّر دولتک، لندن مرابط خلینا ، أی أنّنا سنحتل لندن، أما الیوم فی ظل القیادة الفلسطینیة الحکیمة، الممثلة بمحمود عباس ورفیقه سلام فیّاض، فبتنا نبحث عن دویلة فیما تبقی من الضفة الغربیة المحتلة. فی الماضی رقص العرب بعد إعلان الوحدة المصریة السوریة، والیوم یُقاطعون مؤتمر قمة فی دمشق، هاتان الحالتان تؤکدان لنا، بأنّ الأمة العربیة تسیر عکس الاتجاه، بفضل المؤامرات التی تُحاک فی الظلام فی العواصم العربیة بأوامر من الغرب.

عندما نشر الشاعر الکبیر مظفر النواب قصیدته الشهیرة (القدس عروس عروبتکم)، انتفضتم یا حکام العرب، واحتججتم على هذا النشر المسیء. نحن نعتقد أنّنا بحاجة مرة أخرى لأن نُذکرکم ونُذّکر الأجیال الشابة فی المجتمع العربی، بما کتبه النواب: القدس عروس عروبتکم، فلماذا أدخلتم کل زناة اللیل إلى حجرتها؟ ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بکارتها، وسحبتم کل خناجرکم، وتنافختم شرفاً، وصرختم فیها أن تسکت صوناً للعرض، فما أشرفکم... هل تسکت مغتصبة؟! . انتهى الاقتباس، وعلینا الإعلان رسمیاً عن وفاة مؤسسة الجامعة العربیة.

( المقال للاعلامی زهیر اندراوس وهو یعبر بالضرورة عن رأی الکاتب والموقع غیر مسئول عن محتواه )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 140955







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عدد الأسرى إسألوا سارة نتنياهو
  2. إصابة 9 جنود إسرائيليين بينهم نائب قائد فرقة وقائد كتيبة في الشجاعية بغزة
  3. في إطار جمعات الغضب.. مدن إيرانية تنظم وقفات تضامنية مع غزة
  4. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  5. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  6. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  7. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  8. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  9. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  10. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  11. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  12. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)