مرحلة ما بعد القمة العربیة و عقد القمم المصغرة

تشهد القاهرة هذه الایام حرکة دبلوماسیة نشطة، فقد زارها العاهل الاردنی الملک عبد الله الثانی، وعرج علیها الرئیس الفلسطینی محمود عباس قادما من المملکة العربیة السعودیة، حیث التقى هناک الملک عبد الله بن عبد العزیز.
المتحدث باسم الرئاسة المصریة قال ان الرئیس المصری حسنی مبارک التقی بضیفیه على انفراد ثم عقد الثلاثة اجتماع قمة، تطرق الى الازمتین الفلسطینیة واللبنانیة وتطورات عملیة السلام التی ترعاها الولایات المتحدة الامریکیة، الى جانب نتائج اجتماع القمة العربیة التی انعقدت فی دمشق مطلع هذا الاسبوع.
اللافت فی هذه الاجتماعات امران اساسیان، الاول هو تأکید احمد ابو الغیط وزیر الخارجیة المصری على ان الباب الوحید لتنقیة الاجواء العربیة هو المبادرة العربیة المتعلقة بالازمة اللبنانیة، واشترط تنفیذ هذه المبادرة لانهاء القطیعة مع سوریة. اما الثانی فهو عقد قمم تشاوریة مصغرة على مستوى عدد محدود مع الزعماء، کرد مباشر على قمة دمشق التی قاطعها العاهلان السعودی والاردنی، علاوة على الرئیس المصری حسنی مبارک.
فمن الواضح ان دول محور الاعتدال متمسکة بموقفها الذی اعلنته قبل القمة، وقاطعتها من اجله، ای تحمیل سوریة مسؤولیة استمرار الفراغ الدستوری الحالی فی لبنان، وعدم انتخاب رئیس للجمهوریة بالتالی، والاستمرار فی محاولات عزلها کوسیلة للضغط علیها للتعاون مع المبادرة العربیة المذکورة، والعمل على تنفیذها وفقا لتصورات وشروط هذا المحور.
ولان سوریة حسمت امرها، ورفضت الرضوخ لکل هذه الضغوط، وتحدتها بعقد القمة العربیة بحضور احد عشر زعیما عربیا، ومنع محاولة افشالها من قبل الزعامات المقاطعة لها، فإنه من المستبعد ان نرى انفراجا قریبا فی العلاقات بین دول المحور الثلاثی المصری ـ السعودی ـ الاردنی وسوریة.
عدم استبعاد السید ابو الغیط عقد قمم تشاوریة مصغرة، وتأکیده انها مطروحة على جدول البحث والتشاور یمکن فهمه على ان الاسابیع القلیلة المقبلة ربما تشهد محاولة التفافیة على قمة دمشق، من قبل المثلث الجدید المصری ـ السعودی ـ الاردنی المدعوم امریکیا، لتکریس حال الانقسام الراهنة.
فمثلما نجحت التدخلات الامریکیة، العسکریة منها والسیاسیة، فی تفتیت دول مثل العراق وافغانستان، وتقسیم اخرى علی شکل معسکرات سیاسیة، مثلما هو الحال فی لبنان (المعارضة والموالاة) وفلسطین (فتح وحماس) فان عملیة الاستقطاب والتفتیت ستمتد الى مؤسسة القمة، والعمل العربی المشترک.
اللقاء الثلاثی الذی انعقد ربما یکون الخطوة الاولى على طریق عملیة الاستقطاب على مستوى مؤسسة القمة، والتمهید للقاء موسع یستبعد بعض الدول العربیة وخاصة سوریة، ویضع حجر الاساس لتجمع عربی اقلیمی جدید خارج اطار الجامعة العربیة یکون رأس حربة لتنفیذ المشاریع الامریکیة وحروبها القدیمة والجدیدة فی المنطقة، على غرار التجمع الاقلیمی العربی الذی نشأ بعد غزو القوات العراقیة للکویت، واستخدم هذا الغزو کقمیص عثمان لتدمیر العراق، وحمل اسم دول اعلان دمشق .
المنطقة، وباختصار شدید بدأت تدخل مرحلة ما بعد قمة دمشق، ومن غیر المستبعد ان نشهد تصفیة حسابات وتصعیدات اعلامیة وربما امنیة فی الایام المقبلة.
ن/25