إن لم تستح فاحتفل کما شئت !
عندما یقف السید ولش مساعد وزیر خارجیة أمریکا فوق منصة ببیروت لیتبجح بالصمود الأمریکی بجانب لبنان ودعمه ، وینوه فی إطار الاحتفال بمناسبة الهجوم على قوات المارینز الموجودة فی السفارة الأمریکیة وحولها بأن ذلک الهجوم لم یدفع الولایات المتحدة لسحب دبلوماسییها من بیروت فانه یوجه رسالة غیر دبلوماسیة لقوى المعارضة ملخصها أن علیهم مواجهة القوة الأمریکیة قبل أن یطیحوا بالمشروع السیاسی لقوى الرابع عشر من شباط ، وقد عبر الرجل عن هذا بالقول أن موقف إدارته مع الأکثریة ولن تتخلى عنها ، ولم ینس الربط بین موقف الولایات المتحدة وموقف الجامعة العربیة على هذا الصعید وتطابقهما فیما یخص أولویة انتخاب رئیس للجمهوریة لملء الفراغ الدستوری حسب زعمه . والى هنا یبدو أن العرض منسجماً وطبیعیاً فی إطار الرؤیة الأمریکیة بمناسبة تخص الولایات المتحدة الأمریکیة وقتلاها فی ذلک الیوم الربیعی من نیسان عام 1983 .
الملفت أن هناک متحدثاً لبنانیاً تم تقدیمه باعتباره أحد الناجین من ذلک الهجوم المدمر والذی أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى بینهم 17 أمریکیاً وتدمیر مبنى السفارة الأمریکیة ، وقف هذا المتکلم لینوه بالتعاون اللبنانی الأمریکی فی مکافحة ما أسماه الإرهاب ، ومعتبراً تلک العملیة الموجهة لقوات محتلة لبلده إرهاباً . والى هنا أیضاً یبدو الأمر منسجماً مع انتماء الرجل لقوى الرابع عشر من شباط وموقفهم تجاه مشروع المقاومة فی لبنان ، وهو الموقف المعروف بعدائه الصریح والمعلن تجاه کل أشکال مقاومة العدو الإسرائیلی وتحریضه على سلاح المقاومة والمطالبة بسحبه منها . لکن الأمر الغریب وغیر المقبول أن تتجاهل هذه القوى وهذا المتحدث مجزرة قانا التی ارتکبتها حکومة العدو الصهیونی حین قصفت بمدافعها الثقیلة مهجعاً کان یأوی إلیه عشرات اللاجئین الهاربین من بطش الاحتلال الإسرائیلی واعتداءاته فی مثل هذا الیوم من عام 1996 والذی تکرر على ذات البلدة عام 2006 وأسفر عن استشهاد العشرات من اللبنانیین المدنیین جلهم من الأطفال والنساء .
لقد کان الهجوم على المارینز من العاملین بالسفارة مشروعاً فی ظل إنزال أمریکی قدم لدعم العدو الإسرائیلی وحلفائه فی لبنان ، وفی ظل احتلال إسرائیلی مدعوم أمریکیاً لمعظم الأراضی اللبنانیة . أما المجزرة البشعة التی ارتکبتها اسرائیل بقانا فکانت عملاً إجرامیاً وإرهابیاً بکل المقاییس .
ألم یکن حریاً بقوى الرابع عشر من شباط ووسائل إعلامها العدیدة أن تنوه بذلک العدوان الإجرامی على أبناء بلدهم وتقوم بواجب التأبین بطریقة تلیق بتاریخ لبنان وکرامته فی ظل الوجود الأمریکی المشبوه والمثیر للفتنة ؟ . ألیس من المعیب أن یجری الاحتفال بقتلى أمریکیین سقطوا فی بیروت على أیدی مقاومین لبنانیین بینما یتم تجاهل شهداء الشعب اللبنانی فی قانا والمناسبتان متزامنتان والفرق بین الواقعتین بالمعنى الأخلاقی والقانونی لا یحتاج لشرح ؟ ربما تکون القیم قد انقلبت عند هؤلاء ، ویصدق فیهم القول : إن لم تستح فاحتفل کما شئت .
( المقال للکاتب والصحفی الفلسطینی زیاد ابوشاویش )
ن/25